بهرجةٌ إعلامية مفتعَلة.. وترسيخ الاحتلال!
علي القحوم
على مدى ما يقارِبُ ثلاثَ سنوات من العدوان على اليمن.. وفِي مرحلة يئسَ المحتلُّ من كَسْرِ الصمود الشعبي والتشويش على وعيه.. وحرف الأنظار عما يقوم به المحتلُّ من ترسيخ وجوده العسكري في كثير من المناطق والجزر اليمنية.. التي يعمل هذه الأَيَّامَ على بناء القواعد العسكرية في جزيرة ميون وجزيرة سقطرى وبعض المناطق في الجنوب، ونهب الثروة من النفط والغاز الذي هي ملكُ الشعب وتعودُ بالخير عليه.. وبدلاً عن أن يهتمَّ الجميعُ بما يجري، ويسعى إلى مقارعة المحتل، يعمل البعض على شن حملات إعلامية وضجيج مفتعَل يستهدفُ الجبهة الداخلية من خلال تشكيك الشعب بالقوى الوطنية واتّهامهم بنهب المال العام للمجهود الحربي.. فيما المحتل قد نهب كُلّ شيء ولم يستبقِ أيَّ شيء للشعب وبدلاً عن أن تتوجَّهَ هذه الحملات الإعلامية ضد المحتل الذي نهب ثرواتنا وسيطر على أرضنا.. يتحَرّك البعض للبهرجة الإعلامية وتشويش الوعي وإفتار العزائم والتثبيط والقبول بالمحتل ورفع راية الاستسلام..
هنا نود أن نتسألَ: ما وراء البهرجة الإعلامية المفتعلة اليوم ضد القوى الشريفة والصادقة التي تبذل كُلّ جهودها وإمْكَاناتها.. وتقدم ما تقدم من تضحيات جسام لمواجهة الغزاة والمحتلين الذين دأبوا على التهام الأرض والثروة من خلال عدوان ظالم وغير مبرر وتكالب لم يحصل مثله في التأريخ.. ودمروا كُلّ ما له علاقة بحياة المواطن اليمني، حيثُ دمّروا كُلّ شيء بالغارات الجوية.. قصفوا المطارات والموانئ والكهرباء والمصانع والمُؤَسّسات الحكومية والمدنية.. وطال القصفُ المدارسَ والجامعاتِ والطرُقات والمحلات التجارية والأحياء السكنية والأسواق والأعراس، وقتل وجرح الآلاف جراء هذا العدوان.. حيث قصف الغزاة والمحتلون الآلاف من الغارات الجوية وحاصروا البلد براً وبحراً وجوًا.. ولم يتركوا شيئاً يستفيد منه الشعب إلا دمروه، فبلدنا يتعرض لأبشع عدوان شامل عرفته الإنْسَانية..
بالتالي هذه البهرجة الإعلامية المفتعلة من قبل بعض المكونات السياسية تثبت أن وراء الأكمة ما وراءها!.. وبالأخص في هذه المرحلة التي فشل الغزاة والمحتلون في تحقيق أَهْدَافهم وإحكام سيطرتهم على اليمن أرضاً وإنْسَاناً..
فالهدفُ الحقيقي لهذا الضجيج الإعلامي هو إشغالُ الشعب اليمني عما يجري في بعض المحافظات المحتلة من بسط السيطرة وبناء القواعد العسكرية الأجنبية.. ونهب ثروات هذا الشعب اليمني التي تعودُ بالخير على الشعب كُلّ الشعب.. فالغاز والبترول سيطر عليه الغزاة وهو حقٌّ لكل أَبْنَاء الشعب.. ومن واراداتها تُدفع رواتب الموظفين وتقام المشاريع ويصلح الشأن الشعبي والحكومي..
ولهذا يحق للشعب أن يتسأل: لماذا هذا؟! ولماذا يعملُ المحتلُّ على نهب الثروة واستحكام سيطرته عليها؟! ولماذا لا نرى ضجيجاً إعلاميًّا تجاه المحتل؟! أم أنهم لا يريدون أن يستثيروا أمريكا أَوْ أن يجرحوا مشاعرها؟!
وهذا أمرٌ يعرفه الجميع وليس مجرد تخيلات أَوْ اتهامات، بل هو واقع.. وقد تابع الجميعُ ماذا عملت دول العدوان في شبوة وحضرموت وعدن والمكلا ولحج ومأرب وغيرها من المناطق..
في المقابل يعملُ العدوُّ بخبث يهودي كبير وبدون ضجيج، فيحتل المناطق وينهب الثروة ويرسّخ وجوده هناك ويحتل الجزرَ ويثبت أقدامه..
وهناك من يعمل على إشغال الشعب اليمني بضجيج إعلامي مفتعل.. وبهرجة إعلامية هدفها الأول والأخير تشويهُ القوى الوطنية الشريفة وتحميلهم المسؤولية التي ليس لهم أن يتنصلوا عنها.. وإغراق الشعب في متاهات بعيدة عما يعملُه الأمريكي وأذنابه من أنظمة بعض دول الخليج في نهب ثرواتنا واحتلال بلدنا.. ولكي لا يلتفت الشعب اليمني العزيز لهذا الخطر المحدق بالبلد من نهب خيراته واستحكام السيطرة عليه.. ولكي لا يقف الشعب كُلّ الشعب أَمَام هذا العدوان الذي يريد أن يفقد البلد أمنَه واستقراره ويتحكم بقراره السياسي ويقسِّمه إلى كينونات مجزئه.. والأمريكي في المقابل يستفرد بخيرات البلاد وينهبها، وهذا واقع لا يستطيع أحد نُكرانَه..
هُنا نقول لهؤلاء الذين يعملون الضجيج الإعلامي وحرف الأنظار إلى الداخل.. وإلى تشويه الأنصار الذين لم يؤلوا جهدا في الدفاع عن الوطن والدين والهوية.. وبذلوا ما بذلوا من تضحيات من أجل ذلك تحت ذريعة أنهم السلطة والآخرون فقط مكون سياسي معارض وضد العدوان ويعمل سياسيًّا تجاه ذلك.. فأين مواقفكم وضجيجكم تجاه المحتل؟!..
يدرك الجميع أن حكومة هادي أعلنت قبل اندلاع ثورة الشعب المباركة في 2014م التي كانت امتداداً لثورة 2011م رفع سعر المشتقات النفطية؛ لأنها عاجزةٌ عن دفع المرتبات.. ولذلك خرج الشعبُ وطالب بإسقاطها، وكانت هذه الحكومة تمتلك البترول والغاز والمنافذ والموانئ وكل شيء كان تحت تصرفها.. فانتصرت الثورةُ الشعبية في 21 من سبتمبر وسقط الفاسدون والمجرمون والطغاة.. وسقطت معها شرعية أمريكا والوصاية الخارجية التي اليوم تسعى إلى استعادتها من خلال هذا العدوان..
كما أن انتصارَ الثورة الشعبية يمثل علامة فارقة في تأريخ هذا البلد.. حيث تنفس الشعب كُلّ الشعب الصعداء وفرح وابتهج وواصل المشوار في التحَرّك إلى بناء المستقبل الذي يكفل الحرية والعزة والكرامة لكل أَبْنَاء الشعب.. وتفتح بعد ذلك الأَبْوَاب أَمَام الشراكة الوطنية لكل المكونات السياسية بلا استثناء ووُقّع اتفاق السلم والشراكة الوطنية.. وبهذا كان إعْلَان انتهى عصر التفرد بالسلطة وارتباطها بشخص أَوْ حزب.. وانتهى مشروع التوريث وعصر الظلام والظلم والفساد ونهب الثروات والإجرام والحكم بالحديد والنار..
وأمل الجميع في إصلاح وضع مُؤَسّسة الجيش والأمن بالشكل الصحيح.. التي تمثل الشعب كُلّ الشعب وتقومُ بمهامها الوطنية ضد أية مؤامرة تستهدف البلد.. والتخلص من السيطرة عليها من قبل شخص وحزب كان يوجهها إلى قمع أي مكون سياسي.. أَوْ أية شريحة اجتماعية كانت تخالفه في الرأي..
وبهذا ينتهي عصر الحروب الداخلية، سواء الذي شنها النظام الظالم في الشمال أَوْ في الجنوب أَوْ المناطق الوسطى، واستبشر الشعب الخيرَ والأمل.. كما أنه عمل جنباً إلى جنب مع القوى الأمنية والعسكرية على القضاء على عناصر الإجرام (القاعدة وداعش) وحقّق انتصاراتٍ كبيرة.. وتلاشى مشروع أمريكا وانهارت قواعدُه وعناصره الإجرامية.. وكان الشعب قاب قوسين أَوْ أدنى من إعْلَان النصر على إرهاب أمريكا.. الذي كان للمبهرجين اليد الطولى في زرع هذه العناصر وتهيئة المناخ والأجواء.. وفِي وقت تحَرّك الشعب مع الجيش والأمن للقضاء عليهم تنصل وأدار ظهرَه.. وكأن هذا الخطر لا يهدد الجميع ولم يكتفِ بهذا حتى عمل على الطعن في الظهر..
فاستمر في التشويه، وظل على نفس الوتيرة دون أي التفات إلى ما يجري من عدوان كبير على البلد وعلى الشعب.. وفي نفس الوقت كان الخارج يتربّص بالثورة وبهذا الإنجاز الشعبي الكبير.. وعمل المؤامرات من أجل كبح جماح الثورة والحيلولة دون تحقيق أَهْدَافها المحقة والعادلة.. حتى وصل الحال إلى أن أعلنت واشنطن العدوان على اليمن.