ثورة 21 سبتمبر.. انقلابٌ على أمريكا
زين العابدين عثمان
منذُ مطلع عام 2011 العام الذي تفجّرت فيه ثوراتٌ في مختلف بعض البلدان العربيةِ والتي عُرفت بعد حين باسم “الربيع العربي”، حيث الهدف الطبيعي منها هو اسقاط الأنظمة السابقة واستبدالها بأنظمة جديدة تلبي تطلعات وطموحات شعوبها.
فعندما كانت موجة الربيع العربي بدأت تأخذ مجراها في سياق التصعيد والتغيير كانت أمريكا وإلى جوارها الكيان الإسرائيلي وَبعض من دول حلف شمال الاطلسي منها (بريطانيا-فرنسا) يترقبون هذه الثورات بعين الرأس مالية والمؤامرة، واثناء دخول هذه الثورات عنفوانها وذروتها ركبت أمريكا هذه الموجة وقامت بضرب الأنظمة السابقة، منها ما سقط برسائل تهديد مثل مصر وتونس، ومنها ما سقط بالتدخل الأمريكي والاوروبي المباشر مثل ليبيا، ومنها لا زال عصياً على الاسقاط إلى اليوم كسوريا. عملية اسقاط ما تم اسقاطه من الأنظمة العربية كانت أمريكا مجهزة أنظمة دكتاتورية جديدة صنعت على عينها تكون بديلة عن الأنظمة السابقة.
فمصر وتونس وغيرهما من البلدان التي اطيح بأنظمتها قامت أمريكا بالإشراف على وضع أنظمة لتلك الدول وفقاً لما كانت تصبو إليه الطموحات والمُخَطّطات الأمريكية التي تصب في قالب تعزيز هيمنتها والتحكم بعمق أَكْثَر في الشؤون العربية.
كان ملف الثورة باليمن على طليعة سُلّم أولويات الاهتمام الأمريكي والصهيوني.
فبعد سقوط نظام صالح دفعت أمريكا بعملائها بالداخل من حزب الإصلاح إلى تقلد عرش السلطة واطفاء نار الثورة؛ لأن الخطة كانت تتضمن اطاحة نظام صالح وتغييره بنظام عَبدربه هادي والإصلاح الذي تتحكم به أمريكا حتى نخاعه وإنهاء الثورة.
كان من المفترض وفق الخطة المرسومة أن تكون ساحه الثورة خالية فور استيلاء هادي وجماعته على مفاصل الدولة، إلّا أن هذا لم يحصل، فكانت ساحة الثورة لا زال يقطنها المكون الذي رفض ترك المسار الثوري “وهم أنصار الله” كون نتائج الثورة لا زلت لم تحقق شيئا غير زيادة الطين بلة بعد تولي هادي لليمن.
هنا أمريكا حاولت أن تتغاضى عن هذا الشرخ الذي أصاب خطتها، إلّا أن تصعيد أنصار الله لم يتوقف بالساحة الثورية، فكان التصعيد يتدرج شيئاً فشيئاً إلى أن بدأت تكتلات سياسية وشعبية معارضة بالالتفاف حول أنصار الله وتأييدهم وهذا ما كان هيّأ الوضع لأن تعود الثورة إلى سابق عهْدها وقوتها.
استمر تصعيدُ أنصار الله بالثورة ملتحفاً بكتلة شعبية هائلة في ظل قيام هادي وحكومته بالإجهاز على مقومات الشعب الاقتصادية والترسانة الدفاعية للجيش، فكان يوم 21 سبتمبر/ أيلول من العام 2014 نقطة الانطلاق الأولية للثورة اليمنية الكبرى الذي اكتسحت الشارع واطاحت بنظام هادي وزمرته واجليت خلالها السفارة الأمريكية وتحولت الثورة تدريجياً إلى قوة مسلحة راحت تحصد مشاريع الهيمنة الأمريكية من داعش والقاعدة بالجنوب.
أمريكا انصدمت بالوضع وبدأت تعكف على كيفية احباط هذه الثورة بأية طريقة الى أن وصل بها الامر إلى اللجوء للقوة والتدخل، فكانت عاصفة الحزم التي تقودها السعودية هي نواتج سياسات أمريكا ومُخَطّطها لاحتواء ثورة 21 سبتمبر.
إلى اليوم ونحن في الذكرى الثالثةِ لهذه الثورة وما زالت أمريكا تجهش بالمُخَطّطات الاطاحية لثورة 21 سبتمبر.
ويمكن القول هنا واختصار جميع التفصيلات بجملة واحدة، وهي أن ثورة 21 سبتمبر هي الثورة الوحيدة من بين كُلّ الثورات العربية التي كانت بمثابة انقلاب على أمريكا وجحيم حقيقي لمشاريعها باليمن حتى المنطقة وتهديد داهم للكيان الإسرائيلي وأمنه القومي.