جاء الإغراء والتشجيع الكبير على الإنفاق في القرآن.. لما له من أهمية في إقامة دين الله
الجزء الأول
إعداد / بشرى المحطوري
لماذا الإغراء والتشجيع على الإنفاق في سبيل الله في القرآن؟
تحدث الشهيدُ القائدُ سَلَامُ اللهِ عَلَيْه في محاضرة ــ ملزمة ــ الدرس الحادي عشر من دروس رمضان عن الإنفاق في سبيل الله وهو يشرَحُ الآياتِ بشكل موسع وعميق وواضح، حيث جاءت الآيات تباعًا عن الإنفاق والتشجيع عليه في سورة البقرة من الآية (261) على شكل إغراءات كبيرة للمنفقين في سبيل الله، كما قال الشَّهِيْد القَائِد: [فمن رعاية الله لعباده أنه يريد أن يدخلهم إلى هداه إلى نوره بأية طريقة تأتي عملية الإغراءات الكبيرة، التشجيع الكبير بماذا؟ بمضاعفة الأجر {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}(البقرة:261) هذا مثل من أمثلة أن الله يخرجهم من الظلمات إلى النور.
فعملية التشريع التي تدفعك إلى أن تقوم بهذا الشيء الذي وجهك الله إليه هي عملية إدخال للناس إلى نوره، مظهر من مظاهر رحمته، فهي في نفس الوقت تبين أهمية الإنفاق في سبيل الله، تلاحظ ما أذكر في القرآن في أشياء أخرى إغراءات أعني: في عبادات أخرى بهذا الشكل إلى سبع مائة ضعف {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}]..
الفائدةُ من ضرب الأمثال الحسية في القرآن:ــ
ولفت الشَّهِيْدُ القَائِدُ سَلَامُ اللهِ عَلَيْه وهو يتحدث عن الإنفاق في سبيل الله أن اللهَ قد ضرب أمثلةً توضِّح للمسلم كيف يكون الأجر مضاعفًا من الله للمنفق بأمثلة حسية، حيث قال: [ويعطي مثلاً لشيء حي وملموس {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ}. موضوع التمثيل قضية واضحة أعني: أهميتها في القرآن مما يؤكد للناس بأن موضوع المعرفة أن تكون أنت كثير التأمل لما حولك، لأن الأشياء كلها من حولك تعطي معرفة. ألم يقدم هنا من خلال النبتة الفلانية مثلاً للقمح؟ [وقد يكون هذا القمح نفس البر] أليست قضية هناك تعتبر مثلاً واضحاً؟ قدم منها معلومة معينة، يقرب إليك فهم عملية تضعيف الأجر؟ ألم يعط هنا معرفة؟ النبتة التي كانت حبة واحدة تحولت إلى سبع شتلات، وفي كل واحدة سنبلة فيها مائة حبة، أليست مثلاً واضحاً تعطي معرفة؟]..
وأضاف أيضا: [ليست المعرفة مرتبطة بموضوع كتاب، الكتاب هو وسيلة من وسائل توثيق المعرفة، إذا كانت صحيحة يعطي معرفة، أما إذا كانت خطأ فيعطي جهلاً، والواقع من مظاهر الحياة هذه، وتغيرات في الحياة تعطي معارف واسعة جداً].
هل هناك تشجيع أكبر من هذا؟!
وتساءل الشَّهِيْد القَائِد سَلَامُ اللهِ عَلَيْه في معرض حديثه عن الإنفاق حيث قال: [هل يوجد تشجيع أرقى من هذا؟ أن يكون الله وعد من ينفق في سبيله يضاعفه له إلى سبع مائة ضعف؟ فعندما يبخل الإنسان مع أنه قال في الآية الأولى: {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ}(البقرة: من الآية254). فعندما يبخل الإنسان فيحرم نفسه هذا الأجر المضاعف، وهو في الواقع مما رزقه الله هو مدين لله من البداية؛ لأن ما لديه من رزق هو من الله، فهل يبخل على نفسه بما هو من الله أيضاً، ويبخل في أن يستجيب لله بأن ينفق مما أعطاه الله؟ أليس هذا يعتبر عملية أعني: متنافية تماماً عن موضوع الإنصاف والأخلاق؟ هذا جحود يعتبر].
الآداب التي يجب أن يتحلى بها المنفق أمواله في سبيل الله:ــ
وفي ذات السياق تحدث سَلَامُ اللهِ عَلَيْه عن آداب يجب على المنفق أن يتحلى بها حتى ينال الأجر العظيم من الله وتترك أثرها الكبير في المجتمع ..
الأدب الأول: ــ لا يتبع ما أنفق منًّا ولا أذى:ــ
قال الشَّهِيْدُ القَائِدُ سَلَامُ اللهِ عَلَيْه حول هذه النقطة: [{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً}(البقرة: من الآية262). حتى عندما تتجه للإنفاق في سبيل الله هناك آداب وقضايا هامة تجعل إنفاقك بهذا الشكل الذي يكون له قيمته، يجب أن لا تتبع ما أنفقت مناً ولا أذى [نحن قد أعطينا وأعطينا، ونحن أعطينا] وأشياء من هذه، لا، {لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}(البقرة: من الآية262).{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذَىْ} أليس هنا اللاشيء بالنسبة للمال؟ إذا لم يأت منك صدقة إلا وتتبعها أذىً فافهم بأنه: الله كريم، الله غني منها، أن تنفق في سبيله، وأن تتبع ما أنفقته مناً أو أذى، كلمة طيبة منك فقط، ومغفرة من الجانب الآخر. أحياناً يأتي التمنن كلام: [نحن أعطينا…] وأحياناً أذى، التدخل في الموضوع بالشكل الذي مثلاً يريد يفرض رأيه في القضية لأنه أنفق فيها يريد أن يفرض رأيه، يريد يمشي رأيه، يريد يستغلها لأغراض معينة لديه، يحصل أذى. كلمة: {أَذىً} تختلف مظاهرها باختلاف القضايا التي يكون الناس فيها. فقضية الإنفاق في سبيل الله في موضوع مثلاً الإنفاق لتمويل العمل لإعلاء كلمة الله يجب أن يكون الإنسان يريد بذلك وجه الله ولهذا جاء بأمثلة بعد لهذا، وأن تفهم بأنه أنك أعطيت ما معناه أنك تتبع عطاءك: لازم رؤاك أن تقبل، وأراؤك أن تمشي، وتدخلاتك في كل قضية، لا. أحياناً أعني هذه القضية تؤدي إلى خلخلة في الموضوع فتكون ضرباً لسبيل الله، وليس فقط ضرباً لعطائك، تخسر عطاءك، وضرب للمسيرة نفسها].
الأدب الثاني:ـ أن يكون الإنفاقُ لائقاً.. لا امتهانَ فيه:ــ