الحرب على اليمن ومشروع “المسلخ الكبير”
عباس السيد
اللقاءُ الذي جمَعَ قيادةَ حزب الإصلاح بوليَّي العهد السعودي والإماراتي في الـ 14 من الشهر الجاري في الرياض، لا يزالُ يثيرُ العديدَ من التساؤلات والتكهنات حول الهدف من الاجتماع، وعن سر التغيير المفاجئ لدولة الإمارات في موقفها من حزب الإصلاح، وعلاقة ذلك بغياب صالح عن المشهد السياسي في اليمن.
ولعل السبب في تعدُّدِ الأسئلة والتحليلات حول ذلك الاجتماع يعود إلى غبار التضليل الذي ينثره التحالف الذي تقودُه السعودية على استراتيجيته وتكتيكاته منذ إعلانه “عاصفة الحزم” التي اختفت أهدافها الحقيقية تحت غبار استعادة “الشرعية” التي لا يزال البعضُ مخدوعين، ينتظرون عودتها.
ومثلما يغطّي التحالُفُ استراتيجياته، يغطي أَيْضاً تكتيكاتِه باستمرار. ولذلك، علينا أن ننفضَ غبارَ التضليل؛ كي نحصل على صورة أوضح وتحليل أقرب للواقع.
فالخلافُ السعودي الإماراتي، الذي ينعكِسُ ـ بحسب رؤية الكثيرين ـ في انقسام المكونات السياسية الموالية لهما في اليمن، وفي تعدد الفصائل المسلحة التي تنشط في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف.. هذا التعدد والانقسامات هو غبارُ تضليل يتمُّ نثرُه على تكتيكات سياسية وأمنية ميدانية يستخدمُها العدوان لتحقيق أهداف محددة.
بمعنى آخر: السعوديةُ والإمارات لا يريدان أن يكونَ لحزب الإصلاح وجودٌ أَوْ تأثيرٌ في المحافظات الجنوبية “لأسباب تتعلق بخطة فصل الشمال عن الجنوب”.
لكن العلاقة التأريخية للسعودية بحزب الإصلاح اليمني، تمنعها من القيام أَوْ المشاركة العلنية المباشرة بمهمة “اجتثاثه من الجنوب”؛ ولذلك أوكلت المهمة للإمارات.
الأمرُ أشبهُ بالراعي الذي يشعُرُ بصعوبة قيامِه بذبح خروفه الذي ربّاه لسنوات، فيوكل المهمة إلى جارة أَوْ للجزار، ولا بأس في أن يحصل الجار أَوْ الجزار على قليل من اللحم أَوْ شيء من مخلفات الذبيحة.
إذن، كان اجتماعُ الرياض روتينيًّا، بين أطراف تعرف بعضها جيداً، وكُلٌّ له دورُه وغايتُه ومكانته.
ليس هناك تغييرٌ في موقف الإمارات من حزب الإصلاح يستدعي المفاجأة، فما تقومُ به الإمارات في عدن والجنوب ضد كوادر هذا الحزب وقياداته، يتم برضا وتنسيقٍ مع السعودية التي تقودُ تحالف العدوان.
والسؤال الذي ينبغي لنا طرحُه هنا، هو عن موقف قيادة حزب الإصلاح التي حضرت الاجتماع، وهل بإمْكَانها أن تضعَ شروطاً؟.. كأن تطلب وقف التصفيات والمضايقات التي يتعرض لها كوادر الحزب وقياداته في الجنوب؟، أم ستكتفي بتذكير الراعي والجزار بالحديث “إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة”؟. وهل ستخضع قيادة حزب الإصلاح لرغبة السعودية والإمارات بأن يكون الحزب شمالياً ويتناسى الجنوب؟!.
أما فيما يتعلق بأهداف الاجتماع، فلنا أن نسأل: ما الذي يمكن مناقشته في اجتماع بين “جزارين ورعاة” غير العلف والتسمين والسعي لتحويل اليمن إلى مسلخ كبير !.
مشروع تحويل اليمن إلى مسلخ كبير، فشل في الرابع من ديسمبر 2017 بإرادة إلهية ـ حسب ما يعتقده اليمنيون، الذين يرون في الزعيم صالح مثلَ كبش إسماعيل ـ.
وفي حين نجا اليمنيون من فتنة ديسمبر، يواصل تحالف العدوان غرقه في دماء اليمنيين التي يسفكُها في مجازرَ مروعةٍ شبه يومية منذ ثلاث سنوات. ومع ذلك، يبدو اليمنيون واثقين بانتصار دمائهم على سيوف الطغاة والمستكبرين كما انتصر دم الحسين، وهذا ما يخشاه تحالُفُ العدوان الذي تقودُه السعودية.
ولذلك، يحاوِلُ هذا التحالُفُ إنقاذَ نفسه من خلال مشروعه لتحويل اليمن إلى مسلخ كبير، يذبح اليمنيون بعضهم ذاتياً.
ومثلما فشِلَ مشروع التحالف السابق، ستفشَلُ مشاريعه اللاحقة بفضل الله وبفضل يقظة وتضحيات الأبطال في الجيش واللجان الشعبية، وعلى قيادة حزب الإصلاح أن تدرك أنها ستغرق في دماء اليمنيين، ولن تجد لها تبةً أَوْ جبلاً يعصمها من طوفان الدم، إن هي تعاملت مع الوطن والشعب كمسلخ وخرفان.