سلامُ اللهِ على روحِك المجاهدةِ يا “زيد”
حسن حمود شرف الدين
تتساقط أجساد الشهداء واحداً تلو الآخر وترتقي أرواحهم إلى الرفيق الأعلى.. وتبدأ حياتهم الأِبدية مصداقا لقول الله تعالى في محكم كتابه “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون”.. ترتقي أرواحهم في سبيل الله وهم يدافعون عن أرضهم وأهلهم ويصدون زحوفات مرتزقة وعملاء وجنود تحالف العدوان السعودي الأمريكي والتي تتم بمساندة جوية صاروخية غير مسبوقة في تاريخ العصر الحديث.
سجل التاريخ كثيرا من الجرائم والمجازر .. ووقف التاريخ عاجزا عن مواكبة كل ما يتعرض له الشعب اليمني من الجرائم التي يرتكبها تحالف العدوان في حق اليمنيين ،سقط ضحيتها آلاف الأطفال وآلاف النساء وآلاف المدنيين في ظل صمت دولي وتغافل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
آلاف المجاهدين استشهدوا وهم يدافعون عن الوطن كواجب ديني فرضه الله سبحانه وتعالى.. ومن هؤلاء الشهداء الخالدين الذين سجلوا أسماءهم بدمائهم في سجلات التاريخ المجاهد البطل الشهيد الدكتور زيد بن علي حمود شرف الدين.
عندما أتحدث عن هذا الشهيد ذي العشرين عاما.. أتحدث عن كثير من الشهداء الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية تطبيب الجرحى وإجراء العمليات الجراحية الخطرة وفي أوقات خطرة وفي أماكن خطرة متحملين جميع المتاعب ومتغلبين على جميع المصاعب والعوائق.. الشهيد زيد كان أحد أولئك الأطباء الشباب مارسوا مهامهم وهم متوكلون على الله سبحانه وتعالى؛ إذ كان منذ بدء ثورتي 2011 و2014 وهو يعمل في صفوف المسعفين وإنقاذ الجرحى المصابين عقب المسيرات والتظاهرات التي كانت ضد النظام السابق.. وزاد اهتمامه وشغفه بمساعدة الجرحى بعد بدء العدوان في 26 مارس 2015م عندما كان يشاهد أشلاء الأطفال والنساء في المستشفى عقب المجازر التي يرتكبها العدوان خلال الأربعين يوما الأولى من العدوان.. وحينها قرر أن يدخل ومجموعة من زملائه دورات تخصصية في الإسعافات الأولية والتخصصية في مجال إسعاف الجرحى وإجراء العمليات الجراحية ومن ثم التحق بصفوف المجاهدين في عدد من جبهات القتال واستقر منذ عامين أو أقل بجبهة صرواح وكان له مساهمة فاعلة وملموسة في إسعاف وإنقاذ حياة العديد من الجرحى المجاهدين والأسرى من الطرف الآخر.
أحد زملائه يروي موقفا للشهيد ويقول إن الشهيد زيد “أبو يحيى” وهذه كنيته الجهادية كان حريصا على الجلوس معي لمعرفة مرضي ليعطيني العلاج المناسب حيث كنت أتهرب منه وكان ورائي من العصر حتى المغرب والحمد لله أعطاني الدواء المناسب بعد أن عرف مرضي.
عاش الشهيد زيد حياة ثورية واستشعر مسؤوليته القرآنية أمام القضية ووهب نفسه في سبيل الله.. وكان من ورائه جده ووالده ووالدته الذين كانوا يحفزونه ويعمقون في نفسه ارتباطه بالله وبمشيئته حتى اصطفاه الله شهيدا.
تعلق الشهيد زيد بالجبهة وجعلها محرابا له يتعبد فيها ويتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى.. كما أنه باع نفسه وجسده في سبيل الله دفاعا عن الوطن ومواجها لقوات تحالف العدوان السعودي الأمريكي.. كان باحثا عن الشهادة ولم يكن يزور والديه إلا كل عدة أشهر أو جريحا فقد جرح مرتين ويعود إلى مترسه ومقره بعد التعافي.. وكان خلال فترة العلاج يشارك في معالجة الجرحى بصنعاء رغم ما يحمله من جراح.
جاء نبأ استشهاده ظهر يوم السبت الموافق 16 ديسمبر 2017م.. حينها خيم الهدوء وسكن في قلب والديه وجده وأعمامه السكينة والطمأنينة واستشعروا حلاوة تقديم فلذة كبدهم في سبيل الله وأنهم شاركوا بلبنة عظيمة من لبنات بناء صرح الإسلام الشامخ.
سلام الله على روحك المجاهدة يا بن أخي “زيد بن علي” وجميع من سبقوك ومن لحقوا بك من الشهداء.. لقد فزت بها ورب الكعبة ونلت ما تمنيت وإنا لفراقك يا زيد لمحزونون .. وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. وإنا على درب الشهادة سائرون.