ما الذي يجري في السعودية ..؟!
شاكر فريد حسن
ما يجري في السعودية يهددها بالانهيار والزوال ، فمنذ وصول الملك سلمان بن عبد العزيز سدة الحكم في كانون الثاني من العام ٢٠١٥ ، والسعودية تتصدر العناوين في المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية والصحف العربية ونشرات الأخبار في الإذاعات ، وذلك بفعل ممارسات ومسلكيات الابن المدلل ” المنفتح ” الذي كسر كل مواريث الحكم وكل الأعراف التي بنيت عليها مملكة آل سعود من مشيخات النفط ، حيث انقلب على ابن عمه وزير الداخلية وولي العهد في حينه محمد بن نايف ، ولم يكتف بذلك بل أصر على تصفية ما تبقى ممن يهدد حكمه، في ما أصبح يعرف بليلة ” السكاكين الطويلة ” ، التي أعلن من خلالها انتصاره على أولاد العمومة وعلى بؤر ” الفساد ” ، حيث تم القبض على الأمراء والوزراء بتهمة ” الفساد ” الضاربة أطنابه في مملكة الرمال المتحركة منذ تأسيسها ، حيث نهبوا ثروات الشعب العربي في نجد والحجاز ، وقاموا بتوزيعها على جميع الأمراء والحاشية الملكية المقربة .
ولكن الاعتقاد السائد أن السبب الأساسي والرئيس وراء هذه الاعتقالات وتجميد أرصدتهم في البنوك والمصارف، هو السيطرة على أموالهم وملياراتهم لتمويل حرب السعودية الضارية والخاسرة ضد اليمن ، المسماة ” عاصفة الحزم ” ، التي تسببت بكارثة إنسانية للشعب اليمني ، وخلفت الكثير من الضحايا والجرحى والمصابين عدا الكوليرا والمجاعة ، بعد أن أصبحت خزينة السعودية في عجز مالي كبير نتيجة استنزافها في حرب اليمن ودعمها للجماعات التكفيرية المسلحة في سوريا، ودفع الخاوة لأمريكا .
ولم يتوقف الأمير السعودي عند هذا الحد ، فقد أعدم الشيخ نمر النمر ، وصعد لغته التهديدية لإيران وحزب الله ووضعه على قائمة الإرهاب لدى مجلس التعاون الخليجي وفي مجلس ما يسمى بـ ” الجامعة العربية ” ، وهدد أيضا بشن الحرب ضدهما ، وقام بإجبار سعد الحريري على الاستقالة من منصبه كرئيس للحكومة اللبنانية ، وتحميل حزب الله ما سيعانيه لبنان إثر الاستقالة ، وكذلك اتهامه حزب الله بمسؤوليته عن إطلاق الصاروخ البالستي من اليمن الذي وصل تخوم الرياض ، وكل ذلك بالتزامن مع عمليات التطبيع وتوثيق العلاقات مع الكيان الإسرائيلي ، التي لم تعد خافية على أحد .
ولكي يظهر ” انفتاحه ” و” ليبراليته ” سمح الأمير السعودي للنساء في المملكة بقيادة السيارات .
ما يقوم به ولي العهد السعودي القبلي محمد بن سلمان هو نوع من الحماقة والمراهقة السياسية ، وقد أخفق بشكل كبير وواسع في إيجاد أي جهة أو أي صوت إقليمي أو طرف دولي وغربي يتجاوب أو ينحاز لموقفه المتسرع ومزاجه الطائش بخصوص التهديد لإيران وحزب الله ، وكان لافتاً الموقف المصري المسؤول العقلاني ، عندما عبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن قلقه إزاء تصرفات السعودية وتهديداتها قائلاً : ” المنطقة لا تتحمل مزيداً من الحروب ” ، ولأجل لجم الموقف السعودي المغامر والمقامر والمراهق أرسل السيسي وزير خارجيته سامح شكري لزيارة دول الخليج والأردن الذي اتخذ موقفاً مماثلاً للموقف المصري .
ومن نافلة القول ، إن السعودية تشهد شخصية لم تعهدها من قبل لا هي ولا المنطقة ، شخصية مختلفة ، وإنسان طاغية مستبد ومضطهد بزي حداثي وثوب ليبرالي منفتح ، ومهووس إلى حد الجنون بالسلطة ، وإخضاع كل من يعارضه رأيه وموقفه السياسي ، وتجريده من موقعه وسلطته ، وستشهد الأيام القادمة الكثير من الأحداث ، التي ستترك آثارها وتداعياتها وإفرازاتها على مستقبل المملكة العربية السعودية .