صواريخ اليمن توقف رجال الأعمال عن الاستثمار في السعودية
المسيرة: إبراهيم السراجي
انهارت أسوارُ التعتيم السعودي الإماراتي على تأثيرات الخيارات الاستراتيجية اليمنية وانعكاسها على اقتصادات دول تحالف العدوان، وعلى رأسها السعودية والإمارات، فتلك الدول التي حاولت التغاضي عن تلك التأثيرات؛ ظناً منها أنها ستحقق النصرَ في اليمن في أقرب وقت لم يتحقق لها ذلك، وبدت واضحةً مفاعيلُ تحذيرات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي للمستثمرين الأجانب بأنْ لا يضعوا أموالهم في تلك الدول؛ باعتبارها ليست آمنة، طالما استمر العدوان على اليمن، حيث تظهر تقاريرُ اقتصادية غريبة أثَرَ الصواريخ اليمنية التي استهدفت مؤخّراً الرياض على الاستثمار الأجنبي في السعودية.
في خطابه الذي ألقاه في الرابع من ديسمبر الجاري، عقب سقوط مؤامرة الفتنة، جدّد قائدُ الثورة السيد عبدالملك الحوثي تحذيرَ المستثمرين بعدم التوجه للسعودية والإمارات، واختيار دول أخرى تتمتع بالأمن لإقامة الاستثمارات فيها، وقال في حينه “ننصح من جديد كُلّ الدول التي لها استثمارات في الإمارات العربية المتحدة وفي المملكة العربية السعودية أن تأخذ بعين الاعتبار أن تلك الدول َما دامت سياساتها عدوانية وما دامت مستمرة في هذا العدوان على بلدنا فليس الوقتُ وقتَ استثمار ليست بيئة اقتصادية مهيَّأة أبداً ولا مناسبة ليبحثوا على دول أخرى يسيروا يستثمروا في سلطنة عمان، أَوْ يستثمروا في دول شرق آسيا أَوْ يستثمروا في العراق أَوْ في سورياً التي باتت اليوم تتجه نحو أن تنعم بالأمن والاستقرار وإلا في الكويت مثلاً لا بأس، لكن في السعودية أَوْ في الإمارات لا”.
جاء ذلك التحذير بعد أن أطلقت القوة الصاروخية اليمنية صاروخاً على مطار الرياض وآخرَ على محطة نووية في العاصمة الإماراتية، فيما لم يكن قد أُطلق الصاروخ على قصر اليمامة بالعاصمة السعودية، وهو الصاروخ الذي عزَّزَ مصداقيةَ تحذير قائد الثورة وانعكس بشكل مباشر على بيئة الاستثمار في السعودية.
في هذا السياق نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية المتخصّصة في الشؤون الاقتصادية والمالية تقريراً تناوَلَ إمْكَانية تنفيذ الخطط الاقتصادية التي جرى الإعلان عنها في السعودية في ظل المشاكل الداخلية والخارجية التي تعيشيها هذه الدولة.
في البدء تنقُلُ الصحيفةُ عن خبير سعودي في شؤون المصارف (البنوك) إنه “بين احتجاز رجال الأعمال والصواريخ اليمنية سيكون الاستثمار الأجنبي المباشر أصعب كيف سيكون استثمارنا آمناً ومؤمناً؟ كيف نتعامل مع كبار المسؤولين الحكوميين؟”.
بعدَ ذلك تؤكد الصحيفة أنه “التدخّل العسكري في اليمن آثار مخاوف المستثمرين خَاصَّةً بعد إطلاق صواريخ بالستية على الرياض”.
لا يقتصرُ تأثيرُ الصواريخ اليمنية الباليستية على الاقتصاد السعودي، فالمملكة التي أعلنت قبل أسبوعين عن موازنتها للعام القادم بعجز تجاوز 54 مليار دولار وللعام الثالث على التوالي، تجد نفسَها غارقةً في استنزاف مالي كبير على الجانب الدفاعي الذي يستحوذُ على الرقم الأكبر من الانفاق السعودي من الموازنة على حساب الانفاق على المشاريع الاقتصادية والخدمة.
وعقب إطلاق صاروخ بركان على قصر اليمامة بالعاصمة السعودية الذي تزامن مع إعلان الميزانية الجديدة، نشرت وكالةُ “بلومبيرغ” الاقتصادية الأمريكية تقريراً بعنوان “الدفاع يستحوذ على الحصة الأكبر من الموازنة السعودية في ظل استمرار الحرب على اليمن”.
وأشارت الوكالة إلى أن الحربَ على اليمن لا تظهر فيها مؤشراتٌ على تحقيق أي نجاح، وبالتالي فإن السعودية وجدت نفسَها مضطرة للإنفاق على الجانب الدفاعي قبلَ أي جانب آخر.
وتنقل الوكالة عن مدير قسم البحوث الاقتصادية في مركز الخليج للبحوث “جون سفاكياناكس” قوله إن “الموازنة الدفاعية السعودية زادت لعدة أسبابٍ، أهمها ما يحصل في منطقة الشرق الأوسط وفي اليمن؛ وكون السعودية والإمارات يشاركان في تحالف الحرب على اليمن؛ وبسبب وصول الصواريخ اليمنية مؤخراً إلى الرياض”.
وأضاف أن “هناك قلقاً دولياً ولدى المستثمرين عندما يجدون أن الصواريخَ تحلق في سماء الرياض”.
هناك نقطة أخرى أوردتها وكالةُ رويترز وتكشف طبيعة التأثير المباشر والسريع للحرب على اليمن على الاقتصاد السعودي والإمارات، حيث قالت الوكالة في الخامس من الشهر الجاري، أي عقب يوم من سقوط المؤامرة في صنعاء، إن البورصة السعودية والإماراتية انخفضت بشكل كبير عقبَ مقتل زعيم المليشيات. مشيرة إلى أن البورصتين حقّقتا ارتفاعاً في الرابع من الشهر ذاته بعد إعلان زعيم المليشيات للفتنة في صنعاء والذي تسبب بتفاؤل المستثمرين وإقبالهم على شراء الأسهم؛ اعتقاداً منهم بأن تلك الفتنة ستنجح في تحقيق أهدافها.