مرضى الفشل الكلوي قصة معاناة لا تنتهي
أطباء: نقوم بجهود فردية لعلاج المرضى وهناك غياب تام لوزارة الصحة
أثير حمود طفلة مقعدة ومصابة بفشل كلوي حاد ألزمها المداومة على مدى خمس سنوات متتالية لجلسات الغسيل الدموي
الدكتور البطاحي: توقفنا عن زراعة الكلى بسبب انعدم أدوية ما بعد الزراعة التي تكلّف المريض حوالي 478 دولاراً شهرياً والمنظمات الدولية قدمت لنا أدوية رديئة توفي بسببها 14 حالة
تحقيق| عبدالرحمن مطهر
حسين الشدادي
تُعاني أثير حمود عبدالله حزام من فشل كلوي حاد ألزمها المداومة على مدى خمس سنوات متتالية لجلسات الغسيل الدموي في مركَز الكلى بمستشفى الثورة العام، الآلام التي تعاني منها أثير تدمي قلبَ أي إنْسَان يشاهد هذه الفتاة التي تجاوزت كما تقول الخمسة عشر ربيعاً، وتحاوِلُ التغلبَ على آلامها، خَاصَّة أنها لا تستطيع أَيْضاً المشي بإقدامها؛ بسبب هشاشة في العظام أصيبت بها خلال السنتين الماضيتين أثناء العدوان الأمريكي السعودي على اليمن.
وتضيف: لم نستطع شراء أدوية العظام لارتفاع سعرها وأنا من اسرة محدودة الدخل من همدان شمال العاصمة صنعاء، ولم أجد أية مساعدة من أية منظمات إنْسَانية محلية أَوْ دولية، ويكفي والدي أن يأتي بي إلى مركَز الغسيل الكلوي بمستشفى الثورة العام بصنعاء مرتين في الأسبوع، وهذا لا شك مكلف ومرهق جِدًّا لأسرتي.
وتقول أثير عبدالله وهي تحاول أن تبتسم لإخفاء حزنها وآلامها: لقد جئتُ إلى هذه الدنيا بعيب خُلقي، وهو أن لديّ كليةً واحدةً، ومع ذلك أصبت بالفشل الكلوي، وَأسرتي لم يقصّروا معي، فقد حاول والدي جمْعَ مبلغ من المال تكاليف سفري للخارج للعلاج، كلّف ذلك أسرتي بيْعَ ما نتملك من أرض زراعية، بالإضَافَة إلى تبرعات مالية من فاعلي الخير. وأُجريت لي بإحْــدَى مستشفيات مصر عملية قسطرة عبر المثانة إلى الكلية، انتهت العملية بفشل حاد للكلية.
حاليا أثير مستمرة في الغسيل الدموي على مدى خمس سنوات متتالية في مركز الكلى بمستشفى الثورة الحكومي بصنعاء، كُلّ أحد وأربعاء، بمعدل جلستين في الأسبوع الواحد.
وتختتم أثير حديثَها لصحيفة المسرة قائلة: حاليا لا أخفي عليكم أنني أنتظر الموت، خَاصَّة مع الحديث المتكرر عن النقص الحاد في محاليل ومستلزمات الغسيل، بالإضَافَة إلى الأدوية الطبية التي نحتاجُ لها، كنا نسمعُ سابقاً أن المنظماتِ الدوليةَ توفر هذه المحاليل وحاليا مع العدوان على اليمن خف نشاط هذه المنظمات ونسمع بين حين وآخر أن مركز الغسيل سيتوقف عن العمل، الأمر الذي ضاعف من متاعبنا وأوجاعنا الجسدية والنفسية..
الوضع صحي يهدد المرضى بالموت
وكما هو واضحٌ فقد ألحق العدوان الأمريكي السعودي على اليمن على مدى السنوات الثلاث الماضية دماراً هائلاً في مختلف القطاعات، ومنها القطاع الصحي الذي لم يسلم حتى من قصف طيران العدوان، ويعتمدُ القطاعُ الصحي عادةً على مساعدات المنظمات الدولية، خَاصَّةً أثناء انتشار الأوبئة والأمراض المزمنة.
وتتعاظم يوماً بعد آخر مع استمرار العدوان مشاكلُ القطاع الصحي ويتفاقم الوضعُ الدوائي؛ بسبب سياسات تحالف العدوان على اليمن والتي كان آخرها قراره مطلع الشهر الماضي تشديد الحصار بإغلاقه كافة المنافذ اليمنية الجوية، والبرية، والبحرية، وكما هو الحال هذا الإجراء حال دون دخول المساعدات الإنْسَانية والطبية اللازمة إلى اليمن، الأمر الذي ضاعف من معاناة اليمنيين كافة وفاقم أوضاع المرضى خَاصَّة مرضى الكلى.
ويحظى مرضى الكلى برعاية ودعم طبي لخصوصية حالاتهم التي تستوجب الرعاية لدواعيَ إنْسَانية، حيث تخصِّصُ وزارةَ المالية لوزارة الصحة ميزانيةً ماليةً لشراء أدوية التثبيط المناعي الخاص بزارعي الكلى التي يحصلون عليها مجاناً “السليسبت، ونروال، والبروجراف” عبر برنامج الإمداد الدوائي بوزارة الصحة.
وتوقف برنامج الإمداد الدوائي بوزارة الصحة عن إمداد الصيدلية المركزية بمستشفى الثورة الحكومي بصنعاء بأدوية التثبيط المناعي لعوز مالي يعاني منه البرنامج، حسب القائمين عليه، في المقابل تعاني وزارة الصحة من عجز تام عن تقديم أدنى خدمة لأَكْثَر من 28 مركزاً لعلاج مرضى الكلى في اليمن، في الوقت الذي توقفت فيه العديد من المنظمات الدولية عن دعم معظم تلك المراكز.
وأمام اشتداد الحصار الذي يحول دون دخول المساعدات الإنْسَانية إلى اليمن وَالغياب التام للدور الحكومي يتزايد الشعور بالخوف من كارثة إنْسَانية وشيكة الحدوث.
زيارة المستشفى الجمهوري
أثناء هذا التحقيق قامت صحيفة المسيرة بزيارة لمستشفى الجمهوري بصنعاء، وفي مركز أمراض الكلى والمسالك البولية التقينا بالحاج يوسف، مريض سبعيني يعاني من فشل كلوي وينتظر دورَه لعقد جلسة غسيل دموي.
الحاج يوسف قال إن “الأمورُ حالياً لا تسيرُ على ما يرام، وهناك إهمال ملحوظ”، ويؤكد عدمَ حصولِه حالياً على الجلسات المقررة له طبياً، والمقدرة بست ساعات للجلسة الواحدة وثلاث جلسات في الأسبوع الواحد.
نفاد الأدوية
بدورهم يؤكد الأطباءُ في مراكز الكلى بمستشفيات العاصمة صنعاء أنهم يقدمون ما بمقدورهم للمرضى، فيما كانت العديدُ من المنظمات الدولية متكفلةً بتوفير المواد والمستلزمات الطبية الخَاصَّة بمرضى الفشل الكلوي، والوضع كان جيداً إلى حد ما، لكن الوضع اختلف على مدى الثلاث السنوات الماضية مع استمرار العدوان الأمريكي السعودي على اليمن، حيث تظل خدمات الأطباء والممرضين اليوم رهينةَ توافر الأدوية والمستلزمات الطبية وحصولهم على مستحقاتهم المالية.. وبُعَيدَ إغلاق العدوان للمنافذ اليمنية انقطع دعمُ تلك المنظمات الدولية التي عَزَت عدم قدرتها على دعم مرضى الكلى لقيود الاستيراد عبر الميناء الرئيسي في مدينة الحديدة، وإغلاق مطار صنعاء الدولي.
لحظة حرجة
وكان مديرُ منظمة أطباء بلا حدود في اليمن، ويليام تيرنر، قد أعلن في وقت سابق أنّ هؤلاء المرضى يعانون من قصور كلوي “في لحظة حرجة”.
وتوشك كميات المواد الطبية المخصّصة لجلسات الغسيل، كالحمض والمحاليل ومستلزمات الغسيل على النفاد، والتي كانت قد قدمتها في وقت سابق المنظماتُ الدولية كمنظمة أطباء بلا حدود الإسبانية ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، والكميات المتوفرة حالياً لا تكفي سوى لعشرة أيّام على أَكْثَر تقدير.
الدكتور علي الشهاري -مدير مخازن الأدوية والمستلزمات الطبية في مركز الكلى بمستشفى الجمهوري بصنعاء- يقول: الوضعُ الدوائيُّ في اليمن صعبٌ للغاية، وفي حال لم تتدخل المنظمات الدولية سنشهد بعد خلال أيّام قليلة كارثة إنْسَانية؛ لنفاد الأدوية.
وكانت منظمة الصليب الأحمر الدولي -حسب الدكتور علي الشهاري- قد تكفلت بتزويد المركز بما يحتاجه من أدوية ومستلزمات طبية خلال عامَي 2014-2015م أَيْضاً تكفلت منظمة أطباء بلا حدود بذلك خلال عامَي 2016م – 2017م.
وحالياً عام 2017 سينتهي بعد أيّام ووزارة الصحة في غياب، حيث لم يحصل المركَزُ من وزارة الصحة على الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لاستمرار العمل في المركز.
مقايضة صنف بآخر
وتجري في ما بين مراكز الكلى بمستشفيات العاصمة صنعاء (الحكومية) عمليات مبادلة، حيث يقايضُ مركَزُ الكلى بمستشفى الجمهوري الحكومي بصنعاء صنفاً متوافراً لديه بوفرة بصنف آخر يوشك على النفاد من المركز أَوْ قد نفد مع مستشفيات أُخْـرَى بالعاصمة صنعاء والمحافظات الأُخْـرَى للحفاظ على استمرارية العمل في مراكز الكلى.
ويحتاج مركز الكلى بمستشفى الجمهوري بصنعاءَ للإبر الميدانية؛ لأنها تُستخدَمُ بكثرة، كما يُعاني من نقص في (الجلفس – والهيبارين – والزنتك).
فيروسات وحالات وفيات بانقطاع التيار الكهربائي
إلى جانب شُحّة الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لاستمرار العمل بمراكز الكلى يشكو مرضى الكلى من الإصابة بفيروسات انتقلت إلى أجسادهم من مرضى آخرين عبر أجهزة الغسيل الدموي.
الدكتور مجاهد البطاحي -رئيس قسم الكلى بمستشفى الثورة العام بصنعاء- يحمّل مسؤوليةَ ذلك بنك الدم؛ لافتقار البنك للمحاليل والطرق الحديثة لفحص الدم.
يقول الدكتور البطاحي: إن المريض المصاب بالفشل الكلوي بحاجة كُلّ شهر من جرعة إلى جرعتين من الدم، ويحصل عليها من بنك الدم الذي يتبعُ الطرُقَ التقليدية في فحص الدم، ويفتقر للمحاليل، فتنتقل الفيروسات عبر الدم وليس عبر أجهزة الغسيل الدموي.
وينفي الدكتور البطاحي وجودَ علاقة لأجهزة الغسيل الدموي بانتقال الفيروسات من شخص لآخر، فأجهزة الغسيل الدموي -حسب الدكتور مجاهد البطاحي- تُترَكُ للتعقيم لفترة نصف ساعة بين كُلّ عملية غسيل، بالإضَافَة لوجود ثلاثة أنواع من أجهزة الغسيل الدموي: جهاز السليمين، جهاز الـ B، جهاز الــ C.
وحسب الطبيب الاستشاري بمركز الكلى الدكتور صقر عبدالله الحاج، يفصل كُلّ مريض عن الآخر ويوضع كُلّ مريض في مكان يتناسب وحالته، وهناك مرضى لم يأخذوا جرعات الدم من بنك الدم وانتقلوا من غرف “النجيتيف” إلى غرف “السليمين” ولم يُصابوا بفيروسات.
ويخضع مرضى الفشل الكلوي بمستشفى الثورة الحكومي لفحص الدم قبل إخضاعهم لعملية الغسيل الدموي، في المقابل لا تعقم ماكينات الغسيل، فالثلاث الساعات التي تأخُذُها عملية التعقيم تُستثمَرُ في جلسة غسل دموي لمريض تم فحص دمه والتأكد من خلو دمه من الفيروسات، كما يقول ذلك الدكتور صقر الحاج.
وتبقى حياةُ مريض الفشل الكلوي رهينةَ ماكينة الغسيل الدموي، فقد يتوفى المريض في حال انقطع التيار الكهربائي عنها وَ، يقول الدكتور علي الشهاري إنه لم يحصل أن حدثت حالات وفاة؛ بسبب انقطاع التيار الكهربائي بمركز الكلى بمستشفى الجمهوري الحكومي بصنعاء؛ لأن المركز لديه مولدان للتيار الكهربائي، إضَافَة إلى مولد مركزي تابع للمستشفى، وقال: في حال توقفت إحْــدَى المولدات الكهربائية أوتوماتيكياً تعمل المولدات الأُخْـرَى إلى جانب وجود مختصين في الكهرباء يتواجدون بالمستشفى على مدى الساعة.
وفاةُ زارعي الكلى أَوْ إصابتهم بالفشل مجدداً
وبالنسبة لرغبة المريض في زراعة كلى يقول الدكتور مجاهد البطاحي -رئيس قسم الكلى بمستشفى الثورة بصنعاء-، بأنهم توقفوا تماماً منذ بداية العدوان عن إجراء عمليات الزراعة في قسم الكلى، وليس بمقدور المرضى حاليا زراعة الكلى في مستشفى الثورة الذي كان الوحيد في اليمن لزراعة الكلى.
وأوضح أنهم توقفوا عن زراعة الكلى لعدة اعتبارات حتى لو كان هناك تطابُقٌ في الأنسجة بين المتبرع بكليته وبين المريض، والسبب الرئيسي هو عدم توفر الأدوية الخَاصَّة بزارعي الكلى، هذا هو أحد الأسباب الرئيسية، ويضيف “لم نستطع للأسف المحافظة على صحة الزارعين السابقين لعدم توفر الأدوية.. وللأسف كانت المنظمات الدولية تقدم لنا أدوية رديئةً، وتعتبر من أردى العلاجات في العالم، الأمر الذي سبّب لعدد من الزارعين فشلاً كلوياً مجدّداً، وهناك حالاتُ وفاة عديدة رصدنا أَكْثَر من 14 حالة وفاة؛ بسبب تلك العلاجات الرديئة التي تحصلنا عليها من تلك المنظمات الدولية كمساعدات إنْسَانية”.
وتابع “لهذه الأسباب توقفنا عن زراعة الكلى، كما أن المحاليل قليلة وليست لدينا كميات كافية من أدوية التثبيط المناعي، وقد تواصلنا مع معظم المنظمات لتزويدنا بالأدوية، لكن للأسف دون فائدة”.
وأشار إلى أن زارعي الكلى كانوا يعتمدون سابقاً على الأدوية المجانية التي تُصرَف لهم من الصيدلية المركزية التابعة للمستشفى الجمهوري الحكومي بصنعاء ومستشفى الثورة الحكومي بصنعاء، وكانت هناك نافذة لصرف الدواء المجاني لـ 198 حالة زراعة كلى منذ عام 1998م (تأريخ أول زراعة للكلى في اليمن). لكن منذ 2015م لم تدخل مخازنَ المستشفى أية أدوية لزارعي الكلى، وزاد الأمر سوءاً بعد العدوان الأمريكي السعودي على اليمن وَلعدم وجود مخصصات مالية لشراء أدوية زارعي الكلى وعدم تفهّم القائمين على وزارة الصحة خطورةَ وضع المرضى، خَاصَّة أن تكاليف أدوية التثبيط المناعي الخَاصَّة بزارعي الكلى شهرياً حوالي (478 دولاراً)، وهو ما لا يقدر عليه غالبية المرضى في ظل وضع لا يرحم.
الغسيل البريتوني
على أحد الأسرّة توجدُ طفلةٌ تبدو في الثالثة عشرة من عمرها تعاني من فشل كلوي حاد وجهاز الغسيل الخاص بها تعطل وتخضع حالياً لغسيل بريتوني مؤقت.
تقول الدكتورة سلمى نجم -مسؤولة الغسيل- بأن الغسيل البريتوني يعتبر أحد الوسائل لعلاج حالات الفشل الكلوي المزمن، وتعتبر فعالةً لإخراج السموم والسوائل الضارة من جسم المريض. ويتم ذلك من خلال الغشاء البريتونى الذى يعد مثالياً لإجراء عملية الاستسقاء، حيث يتميز بمساحة سطح كبيرة، كما أنه غني جِدًّا بالشعيرات الدموية والأوعية الليمفاوية، إذ لا بد من إجراء عملية بسيطة لوضع قسطرة عبر جدار البطن وهذه القسطرة مهمة لعمل الغسيل البريتوني ويمكن تثبيتها في جدار البطن بعملية صغيرة أَوْ بمنظار أَوْ تحت المخدر الموضعي.
والغسيل البريتوني وأَيْضاً الدموي يعتبران متساويين من ناحية الكفاءة في التخلص من السموم وإنْ كان الغسيل الدموي أفضل في التخلص من السوائل الزائدة، حسب الدكتورة نجم.
وتتم عملية الغسيل البريتوني، كما تؤكد الدكتورة سلمى، عن طريق إدخال سائل الترشيح إلى التجويف البريتوني من خلال أنبوبة صغيرة مرِنَة من البلاستيك (قسطرة)، يتم وضع هذه القسطرة قبل عملية الغسيل البريتوني بعملية بسيطة ويبقى منها حوالي 6 بوصة (15 سم) خارج تجويف البطن لإدخال محاليل الغَسيل من خلالها.
وعادةً ما تكونُ كميةُ المحاليل (حوالي 2 لتر ويعتمد هذا على حجم المريض)، وتدخل هذه الكمية إلى التجويف البريتوني عن طريق الجاذبية الأرضية. بمجرد دخول المحلول إلى التجويف البريتوني تبدأ عملية الغسيل، حيث يتم استخلاص السوائل الزائدة والسموم، وتتم هذه العملية بسهولة، حيث يتم تفريغ المحلول المستعمل من داخل التجويف البريتوني بالجاذبية الأرضية، واستبداله بمحلول جديد. كما يعتبر الغسيل البريتوني عمليةً مستمرةً لوجود محلول الغسيل بصورة مستمرة داخل التجويف البريتوني.
وتضيف الدكتور سلمى: إن المريضَ يُمْكِنُه إجراءُ عملية الغسيل البريتوني بنفسه، وتسمى هذه الطريقة (الغسيل البريتوني المستمر المتنقل CAPD، أَوْ عن طريق أجهزة صغيرة في المساء أثناء النوم، وتسمى هذه الطريقة (الغسيل الأتوماتيكي APD. وكلتا الطريقتين ذات نتائج جيدة، وعلى الطبيب مساعدة المريض في اختيار أنسب الطرق له.
معاناة لا تنتهي ووضعٌ لا يرحم
لا تقتصرُ معاناة مرضى الكلى على الآلام وحسرات على ما أصابهم ولا على سوء الرعاية الطبية والإهمال الذي يلاقونه ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية الأُخْـرَى في المستشفيات الحكومية التي هجرها الكوادرُ المختصة من الأطباء ليلتحقوا بمستشفيات خارج اليمن، بل تتعدّى ذلك إلى مشاقّ ذهاب وإياب المريض من والى المستشفى، تكاليف عدة تضاعف معاناتهم في ظل استمرار العدوان الأمريكي السعودي الذي دمّر كُلّ شيء في البلد.
جهود شخصية وغياب تام للصحة
وأمام هذه المعاناة الكبيرة لمرضى الفشل الكلوي يحُثُّ الدكتور مجاهد البطاحي وسائلَ الإعلام على نقل معاناة مركز الكلى بمستشفى الثورة العام إلى المنظمات الدولية للدفع بالمزيد من الدعم للمركز الذي باتت الأدوية والمستلزمات الأُخْـرَى اللازمة لاستمرار العمل فيه توشك على النفاد.. وقال: المركز في تواصل مع مختلف المنظمات الداعمة، ولم يتلقَّ المركز استجابةً حتى الآن سوى استجابة واحدة من قبل منظمة أطباء بلا حدود التي قدّمت للمركز كميةً تكفي لتسعة أشهر فقط من مواد الغسيل، وكان ذلك قبل فترة، والمتبقي حالياً في مركز الكلى من مواد للغسيل لا تكفي إلا لعشرة أيّام.
ويتعرَّضُ المركَزُ لضغوط كبيرة في رعاية الحالات المرضية المعتمدة فيه، إضَافَة لضغوط توافد حالات جديدة غالبيتهم من النازحين من مناطق الاحتدام العسكري كمحافظة تعز والحديدة وغيرهما من المحافظات، تطالب بمساعدة طبية، لكن المركز غير قادر على استيعاب حالات جديدة.
وحصل مستشفى الثورة العام على كمية من “المغذّيات” من منظمة الصحة العالمية، وكان ذلك بالتزامن مع استجابة المنظمة لنداءات الاستغاثة التي أطلقتها وزارةُ الصحة اليمنية حينما تفشّى وباء الكوليرا قبل أشهر في البلاد.
15,400 دولار يومياً
ويستقبل مركَزُ الكلى بمستشفى الثورة العام يومياً الكثيرَ من المرضى وتكاليف استمرارية العمل فيه باهظة جداً، حيث تكلّف جلسة الغسيل الواحدة حوالي 70 دولاراً وعدد الحالات التي يستقبلها المركز يومياً 220 حالة ما يعادل 15,400 دولار يومياً، حسب رئيس قسم الكلى بالمستشفى الدكتور مجاهد البطاحي.
المرضى الجدد أَكْثَر عُرضةً للوفاة
لدى مركَز الكلى بمستشفى الثورة العام 30 جهازَ غسيل دموي، لكن المريض يحصل على نصف عملية الغسيل، حيث يحصل فقط على ست ساعات غسيل في الأسبوع، ورصدت حالات وفاة من الأمراض حديثي الالتحاق بالمركَز لعدم حصولهم على أماكن، أَوْ لإسعافهم وهم في مرحلة حرجة من المرض.
أما الحالاتُ التي تعاوِدُ المركَزَ منذ فترات طويلة، فحالتهم الصحية مستقرةٌ نسبياً وحالات الوفاة من المرضى المنتظمين على جلسات الغسيل ضئيلة جداً، حسب مدير المركز الدكتور مجاهد البطاحي، أما بالنسبة للحالات الجديدة التي يستقبلها المركز فإن نسبة الوفيات فيها 10% من مجمل الحالات الجديدة.
ويعزو الدكتور البطاحي السببَ في حدوث حالات الوفاة من الوافدين حديثاً للمركز، إلى أن غالبية المرضى حديثي الالتحاق بالمركز يعانون من عديد المشاكل الصحية وغالبيتهم يأتون وقد استاءت حالتهم الصحية للغاية.
ويضيف الدكتور البطاحي أن بعضَ المرضى يعاني من أمراض السكري والضغط فيرتفع الكرياتين لديه بشكل مفاجئ، فيرفض المريضَ في هذه الحالة كُلّ شيء، ولا الخضوع لجلسة الغسيل أَوْ حتى قسطرة البول، وأهله لا يقتنعون بالغسيل في بداية الأمر، فيتم إهمالُ بعض جلسات الغسيل فتزداد حالته الصحية تدهوراً، وهذا هو السببُ الرئيسي للوفاة، أما بالنسبة للمنتظمين على جلسات الغسيل الدموي فحالتهم الصحية في تحسُّن، وأَكْثَر الوفيات هم من كبار السن.
الفشل الكلوي لدى الأطفال
بالنسبة لحالات الفشل الكلوي من فئة صغار السن، فبعضهم يعاني من عيب خُلقي فشل وظائف الكلى لديهم يكون من بعد مولدهم؛ لأنهم يعانون من عيوب خَلْقية وبعض حالات تكون لأسباب وراثية.
أما حالات الفشل الكلوي لدى فئة الشباب تكون عادة نتيجةَ التهاب كبيبات الكلى Glomerulonephritis التي تعمل على تضيُّق المجاري البولية لدى المريض، بالتالي يصاب بفشل كلي حاد.
علاقة شرب الماء الملوث بالفشل الكلوي
وللفائدة الطبية يؤكّد الدكتور مجاهد البطاحي -رئيس قسم الكلى بمستشفى الثورة بصنعاء- أن شرب الشباب للماء غير النقي لا يعتبر سبباً مباشراً للإصابة بالفشل الكلوي، وتكون علاقته مباشِرةً بتركيب الحصوات، لكن في مرحلة من المراحل ومع عدم اهتمام المريض أَوْ الطبيب بمعالجة الحصوات والالتهابات يتحوّل إلى فشل كلوي. ويضيف “إن معظمَ مرضى الكلى في التسعينيات محصورون على محافظتين فقط، هما الحديدة وحضرموت في المناطق الحارة؛ وذلك بسبب انتشار الملاريا والأمراض الوبائية، أما على مستويات أمانة العاصمة والمحافظات الأُخْـرَى لم تكن هناك حالات إصابة بالفشل الكلوي إلا نادراً، ثم بدأت تظهر حالات إصابة في كُلٍّ من حجة وصعدة وأجزاء من محافظة مأرب، ونفس الوقت انتشرت أمراض الملاريا والحميات”.
وعن العلاقة بين الملاريا والفشل الكلوي يقول: هناك علاقة، فالحمى تتلف كريات الدم الحمراء والصفائح الدموية التي تفرزها الكلى، بالتالي تضعف وظائف الكلى، الأمر الذي يتسبب بفشل حاد للكلى.