تحرير القدس مرتبط بزوال النظام العائلي السعودي
عبدالغني العزي
لا شك أن تحريرَ القدس والمسجد الأقصى من دنس المحتلين الصهاينة أُمنية كُلّ عربي شريف وكل مسلم حر وكل إنْسَان. على الأرض يؤمن بالحرية وحق الشعوب في الاستقلال وتقرير المصير..
وقد شهدت الشعوب العربية العديد من المحاولات التحررية لأرض فلسطين والتي كانت تساندها بهدير موحد من المحيط إلى الخليج نُصرةً وتأييداً لتلك المحاولات التي تزامنت بداياتها مع الخطوات الأولية للكيان الغاصب في أرض فلسطين العربية..
ومن أبرز تواريخ المحاولات العربية لتحرير الأراضي الفلسطينية ما حدث عام 1948 وعام 1967 وعام 1973 ولكن سرعان ما تخيب أمنيات الشعوب العربية في تحرير تلك الأرض المقدسة، بل إن ما يحصل هو عكس المأمول، انتصارات صهيونية وتوسع يهودي يلتهم المزيد من الأرض العربية حتّى وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم من تهديد أمريكي بتحويل القدس عاصمة للكيان الغاصب..
كُلّ تلك المحاولات والانتفاضات ضد العدو الصهيوني لم تكن عديمة الجدوى لولا الخيانات الداخلية لبعض الأنظمة العربية وعلى رأسها النظام السعودي وروافده من مشيخات الخليج والتي كان يسند إليها الدور التآمري الخياني على كُلّ محاولة عربية تحررية ورص الصفوف الجيوش في مواجهة الخطر والاحتلال الصهيوني.
الدورُ الخليجي بقيادة السعودية المناصر للاحتلال الصهيوني والذي كان يخلخل الجبهات العربية والإسْلَامية المناهضة للكيان الصهيوني كان يحاول خلط الأوراق في أحيانٍ كثيرة رغم تمظهره بمناصرة القضية الفلسطينية، وهذا التمظهر الذي كان يُبديه النظام السعودي تجاه القضية الفلسطينية كان سببا رئيسيا في التعتيم على وعي الشعوب العربية وحرف مسار العداوة التأريخية مع الكيان الغاصب إلى مسارات بعيدة عن الكيان وعن أَهْدافة وعن القضية الفلسطينية برمتها..
وقد انطلى ذلك الدور السعودي المناصر للكيان الصهيوني على الجميع طوال تلك الفترة لأسباب عديدة منها مساندة الدور السعودي بالفكر الوهابي النجدي المنحرف الذي تحمل عبء تغييب القضايا العربية المصيرية عن الواجهة، وجعل منها قضايا هامشية غير ذات اهتمام وبرؤي دينية مختلقة وفتاوى لشيوخ محسوبين على علماء الإسْلَام..
وفي الفترة الأخيرة بدأت الأمور تتكشف أمام الجميع وصارت الحقائق تتجلى يوماً عن يوم، لا سيما مع تقدم وسائل الإعْـلَام وتنوع المصادر الفكرية في العالم حيث ظهر الدور السعودي واضحاً في مناصرة الكيان الصهيوني وفي دعم استمرارية احتلاله للأرض العربية والمقدسات الإسْلَامية وبات من الصعب السيطرة على تلك الحقائق من قبل النظام السعودي، وبالتالي فقد حرص النظام السعودي على مواكبة التطور في وسائل الإعْـلَام بطرح المزيد من المفاهيم المنحرفة والتضليلية للشعوب العربية عبر الهالة الإعْـلَامية التي يمتلكها والمخصصة لاستمرارية التغييب للقضايا العربية المركزية الهامة وبصيغ دينية وهابية.
وباتضاح الدور السعودي وانكشافه أمام الرأي العام العربي والإسْلَامي في دعم الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية من خلال ما برز من تناغُم سياسي واضح بين الكيانين الصهيوني والسعودي ومن خلال الرعاية وَالدعم الأمريكي المباشر وَالمتوازي للكيانين؛ باعتبارهما متلازمين البقاء والمصير، وبالتالي فإن التفكير في تحرير الأراضي الفلسطينية من قبضة الصهيونية لا بُدّ أن يسبقه تفكير في إزالة العوائق الداعمة لبقى تلك الأرض المقدسة رهن الاحتلال والتي أبرزها النظام السعودي الجاثم على قلب الجزيرة العربية ومن هنا تتضح الرؤية المؤكدة، والضرورة الملحة لربط تحرر وخلاص الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشريف بزول النظام العائلي السعودي من قلب الجزيرة العربية؛ كون ذلك يعد نقطة الانطلاق الصحيحةَ نحو تحرير القدس؛ لأنه يعتبر الحاجزَ الفعلي والمعيق الحقيقي لأية خطوات تحررية حقيقية عربية كانت أَوْ إسْلَامية للأراضي الفلسطينية المحتلة..
وفي حال بقاء النظام السعودي جاثماً في قلب الأُمَّـة العربية ومهيمناَ على وعيها الفكري والديني بالمال والمفاهيم الوهابية المنحرفة فَإن الاحتلال الصهيوني سيظل جاثماً أيضاً على الأرض الفلسطينية ولن يتزحزح منها؛ كون الكيانين الصهيوني والسعودي مرتبطَ بقاء أحدهما ببقاء الآخر، وهذا ما يجب أن تعيَه الشعوب العربية والحركات التحررية الفلسطينية على وجه الخصوص.