لحظات تأمُّل
نصر الرويشان
كم أنا متعَبٌ من هذا الضجيج
تزاحُمٌ عجيبٌ للأفكار يجعَلُ النفسَ في حالة قلق مستمرة.
معظمُهم يثرثر، هناك برامجُ عمل وخطط وطموحات ولكنها مجرد أفواه تتكلم.
المشكلة في الوعود التي يقطعُها البعضُ على نفسه، وهي كثيرة جدًا، يتحملها الإنْسَانُ ثم تُثقِلُ كاهله، تتعب راحتيه، بل تجعله في حيرة” مستمرة حتى ترمي به في وادي التيه السحيق.
إن من يكذب كثيرًا هو الذي يتقن لعبة التسلق على ظهور الآخرين، وَيستحوذ على حقوق غيرة، لكنها سرقة!
سرقة مشروعة من وجهة نظرة!.
كَثُــرَ تجار الكذب والوعود!
كَثُــرَ الدجل والتهريج!.
صدق ذلك الرجل هو من يجعل الأمل ينبعث ويقاوم!.
كم ستلغي من العقول وكم ستمحو من الأفكار إنْ قلت الحق.
هو حق لا يرونه، وهو صدق لا يحبون سماعه، وهي الحجة التي يتهربون منها!.
هل يعقل أن الحق متعَبٌ ومطارَد ومعذب ومسجون ومجروح ومقتول ومصلوب؟!.
هل يُعقل أن يستشري الحقد الأعمى في غياهب المصالح “المخبية” في جيب البنطلون!.
هل يعقل أن تذكر الله بطرف لسانك، وعيناك تبحث عن خزائن المال وكسب النقود.
كنتُ أحسب العبادة دليلًا على الورع!.
فاكتشفت أنها خطة تضليل لدى البعض!
ودليل نفاق يهربون به كي يجتازون مرحلة، وَيهربون من تلك العيون التي تفضح كذبهم.
هي الدنيا التي لا ترحم!
تُمَنِّي وتُشغل وتخدع وترميك في أحضانها، فترفع يديك لتمسك بقشه فلا تفيدُك بشيء إلا لحظة وَهْمٍ تعيشها، قبل تحقيق الخسارة الكبيرة.
خسارة تجعلك مفلسًا برغم كثرة ما لديك من مساحات الأرض التي امتلكتها بالمال أَوْ بالخداع أَوْ بالهبات!.
تجعلك مفلسًا برغم كثرة النقود في أدراج غرفتك وفي محفظة نقودك، وفي حسابك البنكي بأَكْثَـر من عملة!.
تجعلك مفلسًا وأنت تملك المشاريع والأسهم والقصور والمزارع والمنازل والمنتجعات والفنادق!.
مفلس حقيقي من كُلّ شيء حتى المبادئ لم تمتلكها لكي تخسرها!.
مفلسٌ واهمٌ تجعل كلامك مرتبط بالله لكنك بعيد عنه!.
وتكثر من الصلاة ولكن شيطانَك هو من يصلي ليضلك بصلاة لا تحد من رغباتك!.
ومكة تقصُدُها كُلّ عام مرتين مرة عمرة ومرة لتحج وهل حطمت رغبة الاستحواذ لديك كي تعلم أنك تعبد رب البيت ولم تعبد شيطانك المتحكم بكل ما لديك من طموح وغاية!.
ذلك الواقع البائس الذي يعيشه العديد ولا يدرك إلا وقد ترك كُلّ مال حرام وكل ما يملك ليصبح إرثًا وحقًا شرعيًا لأبنائه الذين نبتت أجسادهم من ذلك الحرام، ولكن كُلّ ذلك صار في صحيفة وسجل مسروقاته التي تلتف حول عنقه وتسحبه على وجهه ليرتمي في النار التي انتظرته فترة انحرافه ليستحقَّ العذابَ الذي ظل يسعى إليه في حياته وهو لا يفهم ولا يستوعب ولا يفكر إلا لغة السيطرة والاستحواذ والتملك والظلم والانتماء للباطل.. فتأملوا.