وقفة تعجب
عبدالله الجنيد
يقول الله عز وجل: (ألم يعلم بأن الله يرى) نحن أمام تعجُّبٍ شديد من تعجبات القرآن التي تزلزل القلوب، وتقهر الظالمين والمستكبرين، وكيف يتجاهلون أن الله مطلَّع عليهم، وعلى جرائمهم، وَحركاتهم، وتصرفاتهم، وكيدهم ومكرهم (لا يخفى على الله منهم شيء) ما يعدون له وما يخططون من الطعن في الدين وتدبير المكائد للمسلمين.
فإذا دعتك قدرتك يا سلمان على الظلم واستباحة الدماء وانتهاك الأعراض وإبادة شعب مسلم بأكمله فأعلم أن المظلوم المقهور لو آمن وصبر وقراء وتدبر قول الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} وقوله تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) ورفع يديه إلى الله عز وجل واثقًا بنصره وتايديه سيهيأ الله له الأسباب للنصر من حيث لا يدرى، هذا وعد الله (ومن اصدق من الله قيلا) (وَمَنْ أوفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
وليعلم آل سعود وعبيدهم وحلفاؤهم وأسيادُهم من الصهاينة والأمريكان أن الله ليس بغافل عنهم وعن أعمالهم، فلن تفيدَهم ترسـاناتهم العسكرية ولو جمعوا جيوش وأسلحة العالم فإن الله تبارك وتعالى هو مدبر الأمور (إذا قضي أمرًا فإنّما يقول له كن فيكون).
فالشعب اليمني مكتوب له الانتصار، مكتوبٌ له الغلبة ولو كره الكافرون.
إن الشعوب إذا ما تسلحت بالإيْمَان والثقة بالله والصبر والإرادة وتحَـرّكت تحَـرّك قرآني في الواقع العلمي والعملي بالحكمة والموعظة الحسنة لتغيير المنكر ومحاربة الفساد وإصلاح ما افسدوه، والنهوض لتجاوز العقبات والصعوبات التي تقف في طريقها نحو التقدم والارتقاء الحضاري سيجعل ما يبدو لهم فاشلا ومخيبا للآمال وصعبا أَوْ مستحيلا يتحول إلى نصر عظيم وها هو الشعب اليمني يحصد ثمار هذه التحَـرّكات ويصنع المعجزات التأريخية والأسطورية في مجال التصنيع العسكري من طائرات بلا طيار وصواريخ باليستية التي وصلت إلى عواصم دول العدوان رغم الحصار الجوي والبري والبحري ومرور 1000 يوم من العدوان الذي قتل عشرات الآلاف من أبناء الشعب اليمني ودمر البنية التحتية ولم يستثني شيء ولا زال هذا الشعب العظيم صامداً وشامخاً شموخ الجبال ويمرغ أنوف أعدائه بالتراب ويلحق الهزائم في وجه أكبر حشد وترسانة عسكرية في العالم.
فالدماءُ الطاهرةُ التي صرخت في جبال مران لنُصرة المستضعفين والمظلومين التي أراد أعداءُ الله إطفاء نورها وإسكات صوتها واستشهد في سبيلها خيرةُ الرجال الذين بذلوا الغالي والنفيس، ها هي ثمارها تُحصَد، وَصداها يدوي، ونورها اليوم يشرق في ضمير ووجدان الشعب اليمني العظيم في جميع المحافظات، وأنا على ثقة أنَّ صداها ونورها سيشمل الأرض بمَن عليها، فهذا الشعب أعطاه الله من الإيْمَان والحكمة والشجاعة والثبات والصبر ما أهّله لحمل راية الإيْمَان كله في وجه الكفر كله.
فمهما ضاقت على هذا الشعب سبل الحياة وطول الانتظار سينتصرُ بقوة إيْمَانه وصبره وتوكله على الله واعتماده عليه.
قد يقول البعض لقد طالت مدة الحرب؟ متى سننتصر! وهو لا يعلم أن في ذلك خيراً كبيرا عند الله، فقد انكشفت الحقائقُ خلال هذه المدة وَسقطت الأقنعة وتعرت الوجوه وعرفنا منهم المرتزقة والعملاء وميّزَ الخبيث من الطيب، فانظروا إلى خيوط الفجر كيف تنساب انسياباً؛ لتعطي فرصة لاختفاء الوحوش وأصوات الكلاب، فلو ظهر الضوء فجأةً لأحدث في الكون انقلاباً.. هكذا سُنةُ الله في التغيير.
وثورة الشعب يجبُ أن تكونَ، فلا تيأسوا ولا تحزنوا واقرأوا في القرآن لمَن العاقبة والنصر وحسن الثواب يقول الله تعالى: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ).
ويقول (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)، فوعد الله حقٌّ ومن أصدق من الله قيلاً، (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت وأيام قوى العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي وحلفهم الملعون باتت معدودة، فما يُعدُّ لهم من قِبَل هذا الشعب العظيم الذين يستهينون به اليوم ويستصغرون عظمته وقد بلغ من الإيْمَان والصبر ومن القوة التي لا تقهرها قوة ستزلزل الأرض من تحت أقدامه وتفاجئهم بما لم يحسب له أي حساب، وسترون عجائب الله وقدرته كيف تتجلى فيهم وكيف ستكون نهايتهم بما كسبت أيديهم من الفساد والغلو والطغيان في الأرض وكيف وحتمية أن (يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ).
(وَسَيَعْلَمْ الذين ظلموا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُون).