المؤتمر الشعبي.. ماذا بعد؟!
محمد أمين عزالدين
قبل أيام عُقد في العاصمة صنعاء اجتماعٌ للجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام، وكان من مخرجاته اختيارُ الشيخ صادق أمين أبو راس قائماً بأعمال رئيس الحزب، وفي الوقت الذي نبارِكُ فيه هذه الخطوة، ونتمنى للمؤتمر التوفيق.
هناك بعضُ الرؤى المهمة نضعها كوجهة نظر بين يدي المؤتمر كمعالم ومرتكزات عامة من أجل عمل حزبي نموذجي:
1 – حسب قراءتنا للمشهد اليمني منذ الثورة التصحيحية 21 من سبتمبر 2014 م نعتقد أن اليمنَ قد دخل في مرحلة جديدة من رفض الوصاية الخارجية والاستقلالية في القرار السياسي، وأيضاً السعي قدماً لمحاربة الفساد في مختلف الأصعدة.. وعليه فلم يكن في اعتبار القيادة السابقة للمؤتمر هذا الأمر والانطلاق على ضوئه في رسم سياستها، وقد تعاملت مع هذا الحدث التأريخي المهم كحدث عابر، ومن زاوية ضيقة.. فهو لا يمثل إلا جماعة أنصار الله؛ لتحقيق بعض المكاسب والمصالح الخاصة بها، ولم تحدث تلك القيادة أية مراجعات في جانب بناء العلاقات مع أنصار الله أَوْ غيرهم على أسس واضحةٍ ومعاييرَ قويمةٍ تحقق تماسك الجبهة الداخلية المناهضة للعدوان من خلال تحمّل المسؤولية على أكمل وجه، سواء في إطار المجلس السياسي الأعلى أَوْ حكومة الإنقاذ الوطني أَوْ رفد الجبهات بالمال والرجال.
كما استمرت في نظرتها للخارج بنفس الوتيرة التي كانت عليها فيما قبلُ، سواء في ظل حكمها أَوْ ما تلا ذلك حتى العام 2014م.. وبسبب هذه السياسة كانت المخرجاتُ واضحةً، وما شهدته العاصمة صنعاء في ديسمبر من العام 2017م من أحداث تدُلُّ على أن القياداتِ المؤتمرية التي تصدرت المشروعَ الانقلابي لم تكن عند مستوى المسؤولية في قراءة المشهد وطبيعة ما حدث ويحدث وعدم إدراك أن الثورة الشعبية لا يمكن لها أن تسمحَ لأية نتوءات من هذا القبيل، فضلاً عن كون الخيانة من الداخل ومن الصف المناهِض للعدوان يُعتبر جريمةً كبيرةً في حق الشعب اليمني الصامد منذ ثلاثة أعوام وتضحيات الناس ودماء الشهداء التي سالت في مختلف جبهات العزة انتصاراً لهذا الوطن..
إذاً: إن أي عمل سياسي للمؤتمر خلال المرحلة المقبلة ينبغي أن يكون منسجماً مع أهداف تلك الثورة التصحيحية؛ تجنباً لتكرار الخطأ أَوْ تجريب المجرب.
2 – كُلّ الأحزاب الحاكمة في المنطقة العربية خلال العقود الماضية، بما فيها المؤتمر في بلادنا.. الانتماء لها هو انتماءٌ لشخص الرئيس، فالرئيسُ هو الرؤية والرؤية هي الرئيس، وذهابُ الرئيس يعني حدوثَ الانقسامات داخل هذه الأحزاب، وهذا ما ينبغي أن تدركَه القيادةُ الحالية للمؤتمر والبدء بإعادة ترتيب أوراق المؤتمر واعتماد معيار الكفاءة بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وهذا لا يمكنُ ما لم تكن هناك رؤية سياسية واضحة يلتف الناس حولها وبرامج عملية تخدم تلك الرؤية وصولاً إلى تحقيق الأهداف المرجوة.
3 – نأمل أن تشهد المرحلة القادمة تطوراً ملموساً في بناء العلاقات بين المؤتمر الشعبي العام ومختلف الأحزاب والتنظيمات السياسية على أساس الاحترام المتبادَل؛ لما فيه تعزيز أداء المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني والانتقال من حالة الجمود إلى حالة الفاعلية والتأثير في صناعة الرأي والقرار السياسي معاً، وهذا هو مقتضى الشراكة الحقيقية.
4 – المؤتمر حزبٌ غيرُ أيديولوجي معقَّد، كما هو الحال في الإصلاح، فهو حزبٌ يتمتع بالعديد من الصفات التي تؤهله لمعالجة الأخطاء وتصحيح المسار بتكاليفَ وَجهودٍ أقلَّ، وهذا مما يبعث على المُضي نحو التصحيح والتطوير المستمر وصولاً إلى حزب أكثر تنظيماً بعيداً عن الفوضى والعشوائية أَوْ التخبط في الموقف السياسي؛ بسبب الازدواجية التنظيمية وتصادم المصالح.
وعموماً فإن هذا وغيره من شأنه إعادة حزب المؤتمر إلى الواجهة والحفاظ على العديد من مكتسباته، وهو ما سينعكس إيجاباً على أداء مسؤوليه داخل مُؤَسّسات الدولة، وبالتالي تكون الثمار المرجوة قد تحققت بشكل أوسع.