الصّرخةُ على مداخل فلسطين
أشواق مهدي دومان
ورُفِعَ شعارُ صرخة الشّهيد القائد حسين بدر الدّين الحوثي (عليه السّلام) على مداخل أرض المسرى، ورفعوا صورةَ أخيه الحامل لوائه، قائد الثّورة السّيّد عبدالملك بدر الدّين الحوثي؛ إيماناً منهم بأنّه الشّعار الوحيد الذي لامس حاجتَهم، بحروفه وترتيبها وتناسُقِ سُلّمها وانسجامها، كمعزوفة حريّة تحطم هُبَل أمريكا، وَتمرّغ أنف أحبار اليهود الصّهاينة، وتكسر قرن شيطان الحجاز..
رُفع شعار:
اللهُ أَكْبَرُ..
المَوْتُ لأمريكا..
المَوْتُ لإسرائيل..
اللَّعنةُ على اليهود..
النّصرُ للإسْلَام..
كمتكلّم بلسان الأقصى الأسير الجريح.
رُفع شعار الصّرخة كنفحة بركان غضبى، وحمم ملتهبة تريد أن تلفح وجه الكيان الغاصب لكن يد وذراع الصهيو أمريكيّة المتمثلة في حكام الخليج وعملائهم قد كمّمت فم القدس ومنعتها من أن تصرخ
حتّى ارتدَّ صوتُ صرخة الأقصى في خذلان فتاوى التّكفيريين القائلة بأنّ الثورة والمظاهرات من أجل القدس هي غوغائية، فلا داعيَ لها، وهكذا انتهت صرخة ألم فلسطين ودمعت عيناها التي لم تزل تبحث عن نبض عربي يشعر بها، وَحدّقت في الكون، وأنصتت لعلّها تسمع نبضاً للحريّة، فسمعت صوتاً عربياً محمدياً علوياً حسينياً زيدياً يخرج من مران صعدة اليمن، فكان هذا الصّوت كمن يحكي وَيفيض ويعبر عما يختلج في نفوس أهل الحق وأَصْحَاب الأرض (الفلسطينيين)، وقد نادوا عقوداً من السّنين، فما من مجيب، وَفي ظل بيع وشراء العرب لهم ما عرفوا كيف يوجزون لأجيال كاملة (في عصر السرعة) وَيحكون قصّة نضالهم ضدّ كيان مغتصب غاشم.
عجز خرّيجو ناطحات السّحاب إلّا من تطبُّع وتطبيع واعتراف ذليل بذاك الكيان الصهيوني، وَقد غدا حكّام العرب مثل العذارى صامتين عمّا يجري، فالسّكوت علامة الرّضا كما سمعنا وعرفنا في تمهيدات خطبة النّساء؛ ليكون مرتزقة وخونة وعملاء الصهيوأمريكيّة من اشتروا، وخطبوا رضا إسرائيل وأمريكا بفلسطين كقضية الإسْلَام الأولى، وَباليمن كصوت منه شعار صرخة شقّت وَكسرت حاجز الرّهبة والخوف من إسرائيل وأمها الحنون.
أولئك المرتزقة ما هم إلّا جسور تعبر بها أمريكا وربيبتها إلى القدس التي بيعت في جامعتهم العربيّة ومجلس تعاونهم الخليجي، بل أهداها ترامب لإسرائيل في طبق من ذهب، والأعراب وتحالفهم يصفّقون سكارى للاحتلال الصهيوأمريكي للقدس!!!
وأثناء وَقبل ذلك، كان مخاض الحرية يولد في اليمن عبر أَكْثَـر من ألف يوم يدمر فيه العدوان الرّباعي الصهيوسعوإماريكي أرض وشعب الإيمان وَالحكمة لتكميم أفواه أحفاد الأنصار من أن يصرخوا بالموت لأمريكا وإسرائيل؛ وخوفاً من أن يصيبَ شعوبَ المنطقة عدوى انتفاضة من نوع جديد، وأسلوب ابتكره حفيد رسول الله، الشهيد القائد/ حسين الحوثي، فانتفاضته وشعار صرخته يضرب استكبار أمريكا وإسرائيل في العمق، وَيواجهها بكل وضوح ما يحدث زلزلة نفسيّة لها فقد أَصْبَــحت تحت المجهر الأنصاري اليماني يوضع خطّا بالأحمر عند كلّ حركة لها تهين وتحتل وتستكبر فيها على شعوب الجزيرة العربيّة والوطن العربيّ؛ وَلهذا أقدمت أمريكا عبر عملائها في اليمن لحرب صاحب الشّعار وَحرب صعدة، كموطن احتضن الثّورة.
حوربت صعدة ستّ مرات لقتل تلك الصّرخة التي ازدادت قوّةً وعنفواناً أَكْثَـر، ففيها مختصر وَلُبُّ وتحديد مكامن وجع الإسْلَام، وروح قضيّته، وفيها تحديد العدو الحقيقي للإسْلَام، وفيها قراءة الواقع واستشراف المستقبل، وقد حان وقتها، وجاء زمانها فمن لم يصرخ لأجل الأقصى، فمتى سيصرخ؟!
وإنْ لم ترفع الصّرخة في وجه أعداء الإنسانيّة أمريكا وإسرائيل وصناعتهم التّكفيريّة ففي وجه من سترفع؟!
وإنْ لم نصرخ في وجه من أهدى القدس لليهود ففي وجه من سنصرخ؟!
وهنا: يميز الله الخبيث من الطيّب، حيث أنّ من يحبُّ أمريكا وإسرائيل، وَيحزنه الصّرخة في وجهها فهو خائن للقدس، وهو بائع للمسرى، فهو يكره أن تتخذ أمريكا وإسرائيل عدواً، وَبالتالي سيحبّ من يتخذ أمريكا وإسرائيل صديقة وولية، هذا بديهي فليس في جوف المرء من قلبين، ولا يجتمع في فؤاد إنسان حبّان متناقضان..
ولهذا: كلُّ من يكره أن يصرُخَ بالموت لأمريكا بائعة القدس، وَبالموت لإسرائيل من اغتصبت الأرض فهو خائن للقدس ومسرى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وحينها ليتشرّد في روحه باحثاً عن هُويته التائهة وقد انسلخ عن آيات القُــرْآن القائلة: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
وَذلك المُعادي للصّرخة كذلك الذي يرفض آيات الله وحكمته في كون البركة في إيمان المؤمن تدورُ حول مسجدين، هما رمز وهُوية الرّسالة المحمديّة، فمن يرفض صرخة تنتصر للمسجد الأقصى كمن يقول محرّفاً قُــرْآناً عربياً مبيناً ليطوّعه لبروتوكولات حكماء صهيون، وَذلك الأحمق كأنّه يقول:
سبحان مَن ولّى ترامب ليهدي بني إسرائيل المسجد الأقصى من المسجد الحرام الذي احتله بنو سعود مباركين إهداءَه لبني عمّهم..
وَهذا ما رأيناهم فيه، فقد تركوا القُــرْآنَ ونزحوا عن المسجد الحرام والمسجد الأقصى إلى ناطحات البيت الأبيض التي باركوا حولها.
إنّهم هم الوجه الآخر لليهود الصهاينة.
والسّلام.