جبهتُنا الاقتصادية
محمد صالح حاتم
ونحنُ في بداية الألفية الثانية من الحرب والعدوان على بلادنا من قبل تحالف القتل والدمار والإرْهَاب العربي بقيادة مملكة بني سعود، ودويلة عيال زايد، ودعم ومشاركة أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني، فقد سطّرنا أروع الملاحم البطولية وأفشلنا مُخَطّطات الأعداء؛ وذَلك بفضل الله سبحانه وتعالى، وبصمود واستبسال رجال الرجال من الجيش والجان، وصبر وتضحيات أبناء الشعب اليمني الأَحْــرَار.
منذ بداية العدوان والذي لم يكن عدواناً عسكرياً وحسب، بل كان عدواناً عسكرياً عبر الطيران والصواريخ والبوارج وفتح عدة جبهات داخلية من المرتزقة والعملاء، وكذَلك عدوان إعْلَامي وفكري وسياسي وكذَلك العدوان الاقتصَادي من خلال فرض الحصار بإغلاق الموانئ والمطارات والمنافذ البرية، وكان لشعبنا العظيم وقيادته كلمته على مستوى كُلّ أنواع الحروب، فكانت هنالك الجبهة العسكرية والجبهة الثقافية والإعْلَامية والسياسية وقد تمكنت كُلّ جبهة في مجالها وبالتعاون مع بقية الجبهات، من مواجهة العدو والتصدّي له وتحقيق انتصارات عظيمة عليه وإفشال مُخَطّطاته، ولكن وللأسف الشديد لم نسمع يوماً ما عن الجبهة الاقتصَادية، رغم أنها من أَهَـمّ الجبهات والتي يراهن عليها العدو منذ بداية عدوانه ويعتبرها من أسهل المعارك التي سيحسم بها معركته ويحقق أَهْدَاف عدوانه.
وفي ظل الأزمة الاقتصَادية التي تشهدها البلاد جراء الحرب والحصار الاقتصَادي، وانعدام الصادرات وقرار نقل البنك والذي تسبب في عدم قدرة حكومة الإنقاذ من دفع مرتبات الموظفين لعدة أشهر، وهو ما ضاعف من الحالة المعيشية للمواطن، ومع الانهيار المتسارع للعملة المحلية أمام العُمُلات العالمية وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والذي ينذر بانهيارٍ تام للاقتصَاد الوطني، وعدم قدرة الدولة على تلبية حاجيات المواطن الأساسية من مواد غذائية ومشتقات نفطية وأَدوية، وهو ما يراهن عليه العدو اليوم، فمن أوجب الواجبات علينا جَميعاً -حكومةً ورجالَ أعمال ومواطنين- تشكيل جبهة اقتصَادية وتوحيد الصفوف وتكاتف الجهود لنفشل مُخَطّط العدو اقتصَادياً، كما أفشلناه عسكرياً وإعْلَامياً وفكرياً وسياسياً، وذَلك يكون عبر الجبهة الاقتصَادية.
الأَزْمَةُ الاقتصَادية الحالية كبيرة ومعقَّدة، وتجبُ معالجةُ الخَلَلِ الاقتصَادي القائم، وذَلك من خلال قيام الحكومة بواجبها نحو الأزمة الاقتصَادية وإيجاد حلول عاجلة، وعقد ورشة عمل وإشراك رجال المال والأعمال ودكاترة الاقتصَاد لبحث إنقاذ الاقتصَاد الوطني من الانهيار.
وكذَلك يجب على الحكومة ما يلي:
أَوَّلاً: القيام بمنع استيراد السيارات والالكترونيات والمشروبات الغازية والعصائر والبسكويت وأدوات التجميل والمنظفات، وغيرها من الكماليات والتي تهدر المليارات سنوياً، والاكتفاء باستيراد المواد الغذائية الضرورية والأَدوية والمشتقات النفطية.
ثانياً: تشجيع المنتجات المحلية، ودعم رأس المال المحلي للاستثمار بدلاً عن الاستيراد، خَاصَّــة في الجانب الزراعي، والحيواني.
ثالثاً: الرقابة الجادة والفاعلة على السوق المصرفية من بنوك وشركات صرافة وَأن تكون خاضعةً لسلطة البنك المركزي، وهو الذي يقوم بتحديد سعر العملة، والذي يجب تعيين قيادة جديدة له تتمتع بالوطنية والنزاهة والكفاءة والشرف.
رابعاً: منع إصدار تراخيص لشركات صرافة جديدة أَوْ فتح فروع لشركات ومحلات الصرافة الحالية والتي أَصْبَحت منتشرةً بكثرة في شوارع العاصمة، وهي التي تقوم بسحب العملة الأجنبية من السوق، وهو ما تسبب في انعدامها، وانهيار العملة الوطنية.
خامساً: الرقابة على أسعار المواد الغذائية والقيام بإشهار الأسعار على السلعة.
سادساً: إلغاء قرار تعويم أسعار المشتقات النفطية، والذي لم يستفِد منه غيرُ أصحاب الشركات المستوردة وتجار النفط، وإعَادَة تفعيل دور شركة النفط والغاز، والرقابة على محطات بيع النفط والغاز، وانتشارها العشوائي في الشوارع والاحياء السكنية.
سادساً: تفعيل دور الرقابة والمحاسبة، وترشيد الانفاق ومحاربة الفاسدين وناهبي المال العام، وإحالتهم إلى القضاء، والضرب بيد من حديد ضدَّ كُلّ من يتلاعب بالاقتصَاد ويتاجر بأقوات المواطنين، فالمسؤولية تكاملية، والمرحلة تتطلَّبُ تكاتف وتظافر الجميع، والعمل بروح الوطنية، فكما تعاونا وتكاتفنا جَميعاً -حكومةً وشعباً- في الجبهات العسكرية والإعْلَامية والسياسية والفكرية وأفشلنا مُخَطّطات العدوان، يجب تعاونُنا جَميعاً لتفعيل دور الجبهة الاقتصَادية وإنقاذ الاقتصَاد الوطني؛ لنواصلَ مسيرة الصمود والاستبسال ضد تحالف قوى العدوان.