الرئيس الصمّاد.. رجل المرحلة الذي ننشده
محمد عبدالباري قاضي
بعيداً عن التطبيل وتقديس الأشخاص والذي بسببه يعاني وعينا ووطنا وأمتنا من هذه المعضلة حتى اليوم، لكن وجب علينا إلزاماً أن نذكِّرَ الناسُ بما يقوم به هذا الصالح من تحَـرّكات يجحدها الكثيرون من باب الإنصاف.
فقد ظل البعض يزايد على شعبه بأنه صعد للسلطة وهو يحمل كفنه على كفه، رغم أن أكبر تهديد كان يهدده آنذاك هو السم في عزومة غداء أَوْ فتح حقيبة دبلوماسية بها متفجرات أَوْ طلقات من مسدس كاتم الصوت، ومع ذلك ترسخت فينا هذه الفكرة وظللنا مُدينين له طيلة العقود الماضية.
فماذا سنقول اليوم للرئيس الصماد الذي قَبِلَ بالسلطة والطائرات والصواريخ والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة والأقمار الصناعية تلاحقه وتلاحق أفراد سلطته وشعبه وترصد ملايين الدولار كمكافأة لمن يدلي عن مكانه؟ ومع ذلك ما زال البعض لم يعترف له بهذا الصنيع، بل إن البعض يعتبره مغتصباً لحق من صعد للسلطة وكفنه على كتفه، والبعض الآخر ما زال يعتبره منقلباً على رئيس تقدَّم للانتخابات دون منافس.
فرغم ما يحدث لنا إلّا أن الرئيس الصماد يعمل على ترميم أنقاض شبه دولة وبأحجارها السابقة وأحجار أُخْرَى بدل الشاحبة، فقد قام بإجراءات إصلاحية في أجهزة الدولة التي أراد العدوان أن يهدمَها ويسلب كُلّ مقوماتها ويشتري قياداتها، فالعدو أراد استنساخ بنك بدل البنك وحكومة بدل الحكومة وبرلمان بدل البرلمان ومؤتمر بدل المؤتمر وعاصمة بدل العاصمة وشرعية بدل الشرعية، وجيش بدل الجيش وأمن بدل الأمن وقبيله بدل القبيلة وإعلام بدل الإعلام، كُلّ هذا من أجل أن يتم تدمير كُلّ شيء حتى نصبح لا شيء، ونظل في سجن كبير يدعى اليمن.
لكن حنكةَ القيادة الشابة المنبثقة من الثقافة القرآنية والتي كانت هذه الثقافة سراً من أسرار صمودنا، وهي من دافعت عن الأرض والعِرض، وهزمت تحالف لأكثر من 17 دولة تمتلك من القدرات والإمكانيات ما يؤهلها لإيجاد جمهورية يمنية أُخْرَى على الخريطة، لكنها عجزت من أن تجد من يحميها ويرد الخطر عنها.
فهل وجدتم رئيسَ دولة في ظل هذه الظروف يحضر احتفالات تخرج الدفعات العسكرية في خط التماس مع العدو رغم التحليق والتجسس الجوي وَرصد الأقمار الصناعية المتواصل لكل حركة؟ في حين أن ما تدّعي الشرعية لا تجرؤ أن تبيت في قصر المعاشيق بعدن أَوْ تحضر أية فعالية!!
هل وجدتم رئيساً يخطب الجمعة بشعبه بتلك الطلاقة؟ في حين أن من يقف العالم لدعمه يعجز عن قراءة خطابه مكتوباً في ورقة أمامه!
هل وجدتم رئيساً ينزل ويزور أماكن القصف ويتجاوب مع أبسط القضايا كما حصل في قضية إغلاق الكافي ومعاقبة من قام بذلك؟
فعندما يعقد هذا الرئيس المتواضع جلسة للبرلمان ويحظى بالتجاوب من كُلّ الأعضاء المتواجدين في اليمن وأسف واعتذار من هم في الخارج لأسباب ليست متعلقة بالعدوان، وَرغم الأوضاع الأمنية ورغم كُلّ الضغوط وَالاغراءات التي تعرض لها أعضاء المجلس، إلّا أن عقدها كانت رسالة بالستية بإمتياز صاغها رئيس الوضع الاستثنائي، مفادها أن الشرعية هي شرعية البرلمان الذي في صنعاء، وليس البرلمان الذي نُقل لـ عدن والذي عجز كُلّ العالم أن يعقد له جلسة واحدة هناك.
كما شد انتباهي أثناء عقد الجلسة إصغاؤه لكلمات ومداخلات الأعضاء دون مقاطعة، كما كان يمارس عليهم في السابق وكنا نشاهدها في التلفاز، وهو ينصت ويدوّن الملاحظات في ورقة لمعالجة ما تم طرحه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حرصه واهتمامه لحل القضايا العالقة رغم ارتباطاته وزحمة برنامجه اليومي، لكنه يولي اهتماماً للجميع، وهذا ما بدا واضحاً في أغلب من يلتقي به لا يخرج من لقائه إلّا وهو راضٍ عنه، رغم أنه لا يعطيه عطيةً كما كان السائد في السابق، ومع ذلك التجاوب والاهتمام هو ما يريده المسؤولُ الشريف والمواطن النظيف.
لذلك الرئيس الصماد يريد أن يكون رئيساً لليمن ويعمل من أجل اليمن ويضع بصمة ويكون على مسافة واحدة من كُلّ الأطراف، لكن البعض يريد أن يصوره كرئيس لجماعة أَوْ لعصابة لا يستحقُّ أن يكون رئيساً لدولة كاليمن وشعب عظيم كاليمنيين، فزيارته الأخيرة لمنازل شخصيات قبلية كان لها اتصال وثقل مع دول العدوان وقفت على الحياد رغم كُلّ الضغوط، كان لها صدى وارتياحٌ واسعٌ في أوساط الشارع اليمني، وهي رسالةٌ تطمئن مَن هم في الخارج بأن الوطن يتسع للجميع، وأن المتغطي بالخارج عريان، فعودوا لوطنكم، لكم ما لنا وعليكم ما علينا.
لذا أتمنى علينا كشعب أن نلتفَّ حول أبي الفضل الصماد، فمن خلال خطابات نجد صدقَ ما يقوله وشعوره بما نحتاجه، فلا تستطيع أية قيادة أن تقود وطنها ما لم يلتف الجميع حولها، بالمقابل لا يستطيع أي شعب أن ينهض ما لم تكن له قيادة ترفض الوصاية والاملاءات الخارجية وتكون قيادة يمنية يمنية خالصة، فمن يرى الصماد وهو يعطي دروساً في حب الشعوب وَالأوطان لنائب المبعوث الأممي أثناء لقائه به يشعر بأنه أمام زعيم قادم سيجعل من اليمن رقماً بين الأمم، فكل ما نريده منه عدم الانصياع لأحد وأن يكون عند حسن ظنه شعبه به وعند قدر التضحيات العظيمة التي قدمها شعبنا من أجل رفعته ورفعه هذه الأُمّة.
وفّق الله الرئيس الصماد لما يحبه ويرضاه وَسدد على طريق الخير خطاه، فـ الله الله الله في الالتفاف حوله حتى نستطيع أن نعبُرَ المرحلة؛ كونه رجلها الذي ننشده وتنشده المرحلة والعاقبة دَائماً وأبداً للمتقين يا شعبَنا العظيم.