بركان 2 يستقبل أعضاء مجلس الأمن في واشنطن
بندر الهتار
يعتزِمُ أعضاءُ مجلس الأمن الدولي الـ 15 زيارة قاعدة عسكرية بالقرب من العاصمة الأمريكية واشنطن، يوجدُ فيها بقايا حُطام صواريخ باليستية يمنية نوع بركان تو اتش، تم إطلاقها على الرياض في وقت سابق.
مندوبةُ الولايات المتحدة الأمريكية “نيكي هيلي” هي التي تكفّلت بالتحضير للزيارة، وهي ذاتُها التي ظهرت منتصفَ شهر ديسمبر الماضي في مؤتمر صحفي أمام بقايا صاروخ بركان الذي ضربَ مطار الملك خالد في الرياض، وتحدثت حينها وكأنها الناطقُ الرسمي باسم تحالف العدوان.
ليس غريباً أن تتبنَّى المندوبة الأمريكية محاولة تسويقَ الصواريخ الباليستية اليمنية على أنها خطرٌ يتهدد المجتمع الدولي، وأن تعمل على تحشيد الدول الممثلة في مجلس الأمن؛ لإدانة استهداف الرياض، في مقابل غضِّ الطرف عن حرب الإبادَة التي يتعرَّضُ لها الشعبُ اليمني، فهذه المندوبة جزءٌ من منظومة الحكم الأمريكي الجديد بزعامة دونالد ترامب الذي قبض ثمنَ الدعم اللامحدود للسعودية في عدوانها على اليمن خلال زيارته التأريخية إلى الرياض شهر مايو الفائت، وعاد وفي حوزته نحو 500 مليار دولار، إضَافَةً إلى أن التصعيدَ ضد اليمن يمثّلُ استراتيجيةً أمريكية كجزء من دورها ضمن رعاة دول التحالف.
في ذلك الحين أُحيط المؤتمر الصحفي الخاص لـ “نيكي هيلي” بهالة إعلامية ضخمة، وحضور لافت لممثلين عن دول عربية وغير عربية، نذكُرُ على سبيل المثال الوجودَ الشاذَّ لسفيرَي السعودية والإمارات في واشنطن وكذلك سفير هادي أحمد عوض بن مبارك، وقد حضروا بصفة ضيوف.
وفي الزيارة الجديدة، تعتزمُ المندوبةُ الأمريكية أن يحظى حضورُ زملائها بتغطية إعلامية أوسع، وأن تتوِّجَ بلقاء رسمي مع ترامب، ويرادُ من هذا الضجيج أن يخلقَ حالةً من الرهبة لدى القيادة اليمنية لمنع استهداف السعودية مجدّداً، خَاصَّـةً الرياض والمدن الكبرى أَوْ أية أهداف استراتيجية لم تُقصَفْ حتى الآن، لكن تم التهديدُ بقصفها كما هو الحالُ مع المنشئات النفطية.
الواضحُ أن القيادةَ اليمنيةَ ومن خلال تجربة ثلاثة أعوام لديها القدرة الكافية للتعامل بحكمة مع المجتمع الدولي، لكنها في الوقت عينه لا تعيرُ اهتَمَاماً للضجيج، بل تتخذُ خطواتٍ عسكريةً جريئة طالما أنها في صالح ردع العدوان، وقد لاحظنا ذلك حينما تم استهدافُ قصر اليمامة، والذي أتى بعد أيام من مؤتمر نيكي هيلي، وقد أرادوا لذلك المؤتمر أن يمنع استهدافَ الرياض مجدّداً.
الولاياتُ المتحدة وهي تتصدر المشهد فإنها بمثابة المحامي عن النظامَين السعودي والإماراتي، وقد ظهر ذلك مؤخراً في جلسة مغلقة لأعضاء مجلس الأمن، عندما حاولت المندوبة الأمريكية اختلاقَ أدلة عن عمليات تهريب الصواريخ إلى اليمن، لكن مندوبَ روسيا أَكَّـدَ بأنها غيرُ دقيقة.
ولكي لا نخوضَ كثيراً في تفسير الزيارة الجديدة على أنها ظاهرة إعلامية فقط، فإنَّ واشنطن -على ما يبدو- تعتزم استثمارَها في أكثر من اتجاه:
الأول: لمحاولة إقناع أعضاء مجلس الأمن بضرورة منع امتلاك اليمن صواريخ باليستية متطوّرة، ودعم العمليات العسكرية التي يخوضها “التحالف” للتصدّي لطموح اليمن الاستقلالي.
الثاني: للضغط على إيران، فتكرارُ الحديث عن أن الصواريخ التي تُطلَقُ من اليمن هي إيرانية الصنع تم تهريبها عن طريق ميناء الحديدة – حسب مزاعمهم – تهدفُ من خلالها واشنطن لتحشيد المجتمع الدولي ضد برنامج إيران الصاروخي التي ترفض الأخيرة التفاوض عليه فضلا عن التنازل.
وحتى لا نذهب بعيداً، فإنَّ حضورَ السفراء الـ 15 لمعاينة بقايا الصواريخ الباليستية اليمنية يندرجُ ضمنَ تداعيات الإنجاز الكبير للقوة الصاروخية، خَاصَّـةً وأنها استطاعت أن تحقِّقَ أهدافَها بدقة عالية، كما كشفت ذلك مراكزُ أجنبيةٌ متخصّصة، آخرُها موقع جاينس البريطاني المتخصّص في التحليل العسكري والاستخباري.
يفنِّدُ موقعُ جاينس في تقرير له قبل ثلاثة أيام رواية النظام السعودي باعتراض صاروخ قصر اليمامة، لافتاً إلى أن المشاهدَ التي عرضتها قناة “سي إن إن” الأمريكية لبقايا الصاروخ أكّدت بأنه لم يتعرّضْ للتفتيت من صواريخ باتريوت “باك2” أَوْ “باك3″، وأن رأس الصاروخ انفصل بشكل طبيعي كما هو مصمم عليه وليس نتيجة ضربة.
وعزّز الموقعُ تقريرَه بتفسير بقايا الصاروخ الأول الذي عُرض في واشنطن، حيث أَكَّـدَ بأن الشظايا التي عُرضت تشير إلى أن الرأسَ الحربي انفجر بعد أن أصاب الأرض؛ لأنَّه من الصعب استعادة الشظايا في حال تفجيرها في الجو.