الأبعاد الخفية وراء أحداث عدن الأخيرة
محمد صالح حاتم
ما شهدته مدينةُ عدن مؤخراً من صراع قتال ودمار، بين عملاء العدوان لم يكن من أجل فساد حكومة بن دغر وتردي الخدمات العامة في عدن والمحافظات التي تقبع تحت الاحتلال، فهذه ليست سوى عملية ذر الرماد على العيون.
فمن باع وطنه وشرفه وكرامته لا يهمه خدمات لشعبه ولا فساد حكومة ولا هم يحزنون، وهذا هو حالُ المجلس الانتقالي بقيادة عيدروس الزبيدي المدعوم إماراتياً.
رغم أن الأحداث كانت متسارعةً والمعركة لم تكن متكافئةً والسقوط المدوي لألوية الحماية الرئاسية التابعة للدنبوع المدعوم من قبل السعودية، إلا أنها سَرعانَ ما انهارت بشكل سريع واستسلمت لمليشيات الزبيدي، وهذا كله يحدث دون تدخل من قبل قوات تحالف العدوان الموجودة في عدن، رغم استخدام كافة أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة وسقوط قتلى واقتحام مقرات حكومة بن دغر وسيطرة مليشيات عيدروس عليها ونهب كافة محتوياتها، فلماذا لم يتدخل تحالف العدوان؟
وكيف تسقط معسكرات وألوية الحماية الرئاسية وهي تمتلكُ أسلحة متطورة قدمها التحالف لهذه المعسكرات؟ فحكومة كهذه لم تقدر أن تحميَ نفسَها فكيف ستحمي شعبها وتقدم له الخدمات؟!. فهذه ليست سوى تمثيلية قام بها تحالف العدوان من أجل:
أولاً: إذكاء الصراع بين أبناء الشعب اليمني وبث ثقافة الكراهية بين أبناء الضالع ولحج من جهة وبين أبناء أبين وشبوة من جهة أُخْـرَى، وهو يعيد لنا أحداث يناير 1986 الدامية.
ثانياً: وهو الأهم الاعتراف بالمجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي ككيان سياسي ممثلٍ عن الشعب الجنوبي وقضيته، وذَلك في أية مفاوضات أَوْ تسويات سياسية قادمة، ونحن نعلم أن هذا المجلس يطالب باستعادة ما يسمى دولة الجنوب العربي. وهذه التسمية هي تسمية استعمارية أطلقتها بريطانيا في عام 59 عندما كانت تحتل الجنوب سابقاً.
ثالثاً: تشكيل قوات عسكرية وأمنية جديدة تضم قواتِ الحزام الأمني وقوات النخب التي أنشأتها الإماراتُ ومليشيات الزبيدي والسلفيين وداعش وغيرها، وتكون نواة لجيش جنوبي، وهم الّذين تدعمهم الإمارات، وتسعى لانفصال الجنوب عن الشمال وإعادَة تقسيمه إلى مشيخات وسلطنات كما كان سابقاً، حتى تتمكن من البقاء في عدن.
فما شهدته عدن كان الهدفُ منه هو الوحدة اليمنية والتي تقف عائقاً وحجر عثرة أمام تنفيذ مُخَطّطات وأهداف العدوان، والتي لن يتمكن من تحقيق أهدافه إلا عبر الانفصال، وهو ما تسعى إليه دويلةُ عيال زايد بدعمها للزبيدي.
الوطن يمر بأصعب مرحلة في تأريخه على مر العصور، ويتعرضُ لأبشع عدوان. فالعدو يريد فصْلَ الجسد اليمني عن الرأس وبعدها تقسيم اليمن إلى دويلات صغيرها، فيجب علينا رص الصفوف والتكاتف والتلاحم والحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، والعمل على تحرير المحافظات التي تقبع تحت الاحتلال السعودي والإماراتي، وأن لا نقف موقفَ المتفرج عما يحدث في عدن وبقية محافظات الجنوب، وما يحاك ضدها من مؤامرات وأن نتشفى فيهم ونقول يستاهلون ما يحدث لهم؛ لأنهم سمحوا للاحتلال بالدخول إلى محافظاتهم، فتحرير هذه المحافظات مسؤوليةُ الجيش اليمني ولجانه الشعبية وأبناء الشعب اليمني كاملاً من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.
الوحدة اليمنية هي مصيرُنا وقدَرُنا، والشعب اليمني هو شعبٌ واحد منذ القدم لم يقسمْه غيرُ الاحتلال والاستعمار.