رئيس الدائرة الجماهيرية والاجتماعية لحزب التنظيم الناصري الشعبي لصحيفة المسيرة: تسامح أنصار الله بعد إخماد الفتنة حافظ على النسيج الاجتماعي وعزّز وحدة الصف الوطني
حوار/ عبدالرحمن مطهر
قال حميد عاصم -رئيس الدائرة الجماهيرية والاجتماعية في حزب التنظيم الناصري الشعبي-: إن التسامُحَ الذي اتصف به أنصارُ الله وخَاصَّة قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والرئيس صالح الصمّاد بعد إخماد فتنة الثاني من ديسمبر حافظَ على النسيج الاجتماعي اليمني وعلى وَحدة الصف المقاوم للعدوان الأمريكي السعودي.
وأضاف حميد عاصم أثناء الحوار التالي مع صحيفة المسيرة، بأن هذه الصفة الكريمة سيخلدها التأريخ في أنصع صفحاته.
وتطرق الأستاذ حميد إلى دور مشايخ ووجهاء اليمن، خَاصَّة مشايخ ووجها طوق صنعاء الذين التفوا حول القيادة الحكيمة لقائد الثورة، وَرفضوا كُلّ المغريات التي سيقدمُها لهم النظام السعودي وفضّلوا الثبات في وجه العدوان الأمريكي السعودي.
– بداية أستاذ حميد.. ما سبب العدوان على اليمن من وجهة نظركم؟
أولاً نشكرُكم على زيارتنا واستضافتنا في صحيفة المسيرة، هذه الصحيفة الصادقة المجاهدة التي لا يقلُّ دورُها عن الدور الذي يقوم به رجالُ الرجال في مختلف جبهات العزة والكرامة والشرف.
وبالنسبة للسؤال لا شك أن هناك الكثيرَ من الأسباب للعدوان على اليمن، أبرزها هو الموقع الاستراتيجي لليمن وَأَيْضاً للسيطرة على ثروات البلد، خَاصَّة أنها ما زالت في باطن الأرض، واليمن كانت كما يعلم الجميع هدفاً لكثير من الدول الاستعمارية على مر التأريخ، كذلك لدى اليمن أكثر من 2500 كم من السواحل وتسيطر على أبرز ممر مائي عالمي.
هذه كانت من أبرز العوامل التي جعلت العدو الأمريكي الصهيوني يأمرُ أدواتهم في المنطقة، على رأسها السعودية والإمارات والدول المتحالفة معهم؛ بشن العدوان الغاشم والظالم على الشعب اليمني، طبعاً هم يتحجّجون بالشرعية وما إلى ذلك من مبررات واهية وغير صحيحة، والسعودية تعلم ذلك وتعلم أنها أداة من أدوات الدول الاستكبار العالمي كأمريكا وإسرائيل وبريطانيا وهي مع مَن سيخدم سياساتها وسياسة أسيادها.
بعد الوحدة اليمنية عام 1990م تآمرت السعودية على الوحدة اليمنية ودعمت علي عبدالله صالح حتى سلَّمَ لها أكثر من 145 ألف كيلو متر مربع، الإمام يحيى حميد الدين رحمه الله في اتّفاقية الطائف بينه وبين عبدالعزيز ال سعود لم يسلم نجران وعسير وجيزان لآل سعود، وإنما تم تأجيرُها لمدة عشرين عاماً فقط، وكان في هذه الاتّفاقية الكثيرُ من المميزات لكن تنازل عنها علي عبدالله صالح أثناء اتّفاقه مع الملك عبدالله في العام 2000م، وتنازل عن كُلّ هذه الأراضي لآل سعود مقابل الرضا عنه، وبعدما أخذت السعودية كُلَّ ما تريد منه، استغنت عنه؛ لأنه أَصْبَح بالنسبة لهم كرتاً محروقاً ليس منه أية فائدة؛ لتبحث عن كرت جديد لخدمتها يكون أكثر طوعاً واستجابةً من صالح، حتى جاءت ثورة فبراير في العام 2011م وكاد الشعب اليمني ينتصِرُ على الحاكم، فتدخلت السعودية بقوة وأجهضت الثورة وأشارت إلى يدها الأولى وعميلها المخلص علي محسن للانضمام لثورة الشباب، ومن ثم جاءت بالمبادرة الخليجية لإجهاض الثورة وتقاسُم السلطة بين شقَّي النظام القديم على مبدأ الطاعة والولاء للسعودية وأمريكا والمجتمع الخارجي، وتم تشكيلُ حكومة باسندوة كحكومة ضعيفة وغير فاعلة يراد من خلالها الوصول إلى تنفيذ مشروع التقسيم والأقاليم حتى لا يستقرَّ البلد، وكلُّ هذه الإجراءات والتدخلات السعودية أَدّت إلى ثورة 21 سبتمبر، ولكن أنصارَ الله تميزوا عن كُلّ القوى بمصداقيتهم ورغبتهم بمشاركة كُلّ القوى السياسية في البلد، وهو ما شاهدنا فور انتصار ثورة 21 سبتمبر في اتّفاق السلم والشراكة والذي جاء لتصحيح الانحرافِ في مخرجات الحوار الوطني برعاية الأمم المتحدة، وقرأه بن عمر ووقّعت عليه كافةُ المكونات السياسية اليمنية، واعترف به مجلس الأمن وكل العالم، والذي نَصَّ على إعَادَة النظر في شكل الدولة “الأقاليم”، وكان أنصار الله فيه مثل حزب البعث أَوْ حزب الرشاد، فلم يعملوا على إقصاء أحد كما عمل الإصلاح، وتم تشكيلُ حكومة بحاح لتنفيذ هذا الاتّفاق، إلا أننا تفاجأنا بانقلاب هادي على اتّفاق السلم والشراكة بمحاولة فرض الأقاليم والتقسيم في مسودة الدستور، ولو أن الأحزابَ اليمنية الموقِّعة على اتّفاق السلم والشراكة أصدرت بياناً تزجر “هادي” لمخالفته للتوافق والإجماع الوطني لَكان الأمرُ مختلفاً، وأنتم تعرفون ما حصل فيما بعد أن قدم بحاح وهادي استقالتهما بإيعاز من النظام السعودي لشن العدوان على الشعب اليمني بأكثر من 20 دولةً عسكرياً وحوالي 20 دولةً بالدعم اللوجستي لذات الأطماع والأهداف التي ذكرتها سالفاً وإبقاء اليمن تحت الوصاية الأمريكية الصهيونية عبر الأدوات العربية كالسعودية والإمارات.
– ما سببُ صمود الشعب اليمني في وجه هذا العدوان لأكثر من 1000 يوم ولحوالي ثلاث سنوات من وجهة نظركم؟
أسباب الصمود كثيرة: أولاً: أنه شعبٌ مظلومٌ تعرَّض لهذا العدوان دون أي سبب، أيضاً وعي المجتمع اليمني بأن هذا العدوان عليه له أهدافه الخَاصَّة، أيضاً من أسباب الصمود هو القيادة الحكيمة المتمثلة في قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي والمجلس السياسي الأعلى ورئيسه الأستاذ صالح الصماد والتفاف الشعب وراء هذه القيادة ورفد جبهات العزة والكرامة بالشباب؛ إيْمَاناً بعدالة القضية اليمنية ومظلومية الشعب اليمني.
كذلك المجازر التي يرتكبها العدوان بحق المدنيين ساهمت بشكل كبير في توعية الشعب اليمني بإجرام عدوِّهم وظلمِه، ما دفع أبناء الشعب للاندفاع إلى الجبهات؛ للدفاع عن أطفالهم ونسائهم الذين يتعرضون لإبادة جماعية يومياً من قبل العدوان الأمريكي السعودي.
مثلاً نحن بيت عاصم كان لدينا حوالي 15 شاباً يقاتلون في الجبهات، لكن بعد تعرُّض بيت عمي للقصف أَصْبَح هناك أكثر من خمسين شاباً يقاتلون في المعركة من بيت عاصم.
كما أن التصرفات اللاأخلاقية والإجرامية البعيدة عن القيم والأعراف اليمنية الحميدة التي يقوم بها المرتزِقة أثناء سيطرتهم على منطقة، مثلاً قرى وادي ملح في نهم أخذوا حقوقَ الناس وسياراتهم ونهبوا مضخات المياه ودمّروا المنازل، كُلُّ هذه الممارسات كشفت الكثير من الحقائق لدى الشعب اليمني بأن قوى العدوان تعمل فقط على تدمير البُنية التحتية لليمن وإبادة الشعب اليمني.
يا أخي لقد دمّروا المساجد بيوت الله والمستشفيات والجسور والمدارس، وكل هذا كشف حقيقة العدوان على الشعب اليمني، نعم كانت هناك خلافات سياسية بيننا كيمنيين وكنا نستطيع أن نتجاوزَ هذه الخلافات.
– كيف تنظرون إلى دور مشايخ ووجهاء اليمن، خَاصَّةً مشايخ ووجهاء طوق صنعاء من العدوان الأمريكي السعودي؟
لا شك أن مشايخَ ووجهاءَ اليمن كان لهم دورٌ كبيرٌ في الصمود الشعبي في وجه هذا العدوان، والنظامُ السعودي كان يراهن على مشايخ اليمن؛ لأنه كان يدفعُ أموالاً لكثير منهم، خَاصَّة للعديد من المشايخ في مأرب والجوف وصعدة، وكانوا توقّعون أن معركتهم مع الشعب اليمني هي معركة أيام فقط، وها نحن نطوي صفحة السنة الثالثة من العدوان.
الكثير من مشايخ اليمن، خَاصَّةً مشايخ طوق صنعاء رفضوا جميعَ المغريات التي سيقدمُها لهم النظام السعودي وفضّلوا الثباتَ والصمودَ في وجه هذا العدوان، عدد كبير من مشايخ اليمن رفضوا الأموال السعودية المدنَّسة، وسوف يسجل التأريخ هذا الموقفَ الوطني لمشايخ طوق صنعاء ولمشايخ اليمن، وأيضاً مشايخ اليمن يعلمون بأهداف العدوان على اليمن وبنوايا النظام السعودي، وفي الواقع هذا موقفٌ محترمٌ لمشايخ ووجهاء اليمن ولمختلف أبناء الشعب اليمني.
– ممكن تحدثنا عَمّا كان يحدُثُ في الكواليس أثناء المفاوضات في الكويت؟
مفاوضاتُ الكويت استمرَّت حوالي 90 يوماً، في الواقع شعرنا أن دولة الكويت كانت تريدُ نجاحَ المفاوضات وتحقيق السلام في اليمن، حتى أن أميرَ الكويت قال لنا بأنه مستعد لإعَادَة إعمار ما دمّره العدوان في اليمن، وَأَيْضاً شعرنا أن النظام السعودي كان يحاولُ بقوةٍ إجهاض هذه المفاوضات ولا يمكن أن يوافق على توقيع اتّفاقٍ في الكويت على الإطلاق، وكأن ذلك يمس السيادة السعودية، ويمس كبرياءَها؛ لذلك كانت السعودية تريد أن يتم توقيعُ اتّفاق استسلام وخنوع عندهم في الرياض وأن لا يكون هناك اتّفاقُ سلام في الكويت وإنما اتّفاقُ استسلام في الرياض، وَلم يكن هناك شيءٌ في الكواليس وإنما كانت هناك عدة لقاءات أمام العالم، كنا نلتقي مع الدول الـ18 ومع دول الخليج ومع سفراء دائمة العضوية في مجلس الأمن ومع سفراء اليابان، وكنا نتحاور معهم بشفافية ووضوح، وحرصنا على اطلاع الرأي العام عبر الإعلام على كُلّ التفاصيل التي دارتْ في المفاوضات، ولله الحمد كانت مواقفُنا كوفد وطني مشرِّفةً ومبدأية ترفع رأس كُلّ يمني، لم نفرِّطْ بسيادة، ولم نقبلْ بوصاية، أردنا سلامَ الأبطال، ورفضنا الاستسلام، وكنا نشعر أن هناك تآمراً أمريكياً بريطانياً علينا كوفد وطني، من خلال ما يقول المبعوث الأممي ولد الشيخ أثناء الاجتماعات واللقاءات الرسمية، وكان ولد الشيخ يقول لنا (اتفقوا مع الأمريكان والسعوديين، وما اتفقتم عليه أنا موافق عليه وسنعمل على تنفيذه)، وبالتالي أستطيع القول إن السبب الرئيسي لفشل المفاوضات هو ولد الشيخ الذي كان ينفذُ الأجندة الأمريكية البريطانية السعودية.
– المفاوضات كانت مع وفد هادي أَمْ مع السفير السعودي أَمْ الدول الـ18 أَمْ مع ولد الشيخ؟
في البداية كانت هناك اجتماعاتٌ بين الوفدَين، استمرت لأسابيع، وكان وفد هادي يتعَرَّضُ لضغوط سعودية كبيرة، بعد ذلك كانوا ينسحبون من جلسات المفاوضات، وكانت المفاوضات بيننا وبين ولد الشيخ، أَيْضاً أثناء المفاوضات مع مرتزِقة الرياض، لم يكن لديهم أي مشروع وإنما كانوا يريدون استمرار العدوان على اليمن، وكانوا يعتقدون بأنه من خلال الضغوط التي كانت تمارَسُ علينا أننا سنسلِّمُ لهم المحافظات والعاصمة صنعاء وما إلى ذلك، كانوا يحاولون من خلال هذه الضغوط أن نوقِّعَ على وثيقة استسلام وليس سلاماً، وكانت لقاءاتُنا مع سفراء الصين وفرنسا وألمانيا واليابان كثيرةً جداً، وكانوا متفهمين لقضيتنا أكثر من غيرهم، وكان المعرقل الرئيس هم الجانب الأمريكي والسعودي.
– كيف كان موقفُ روسيا والصين وألمانيا واليابان؟
روسيا والصين كانوا يحذروننا، وكانوا ينصحوننا بأن نوقِّعَ على الاتّفاق؛ لأن تحالُفَ العدوان السعودي ومِن خلفهم أمريكا لن يتركوا اليمن وما إلى ذلك، أما السفير الألماني فكان أكثر السفراء تفهماً وإدراكاً لقضيتنا، وأنه لا بُدّ من أن يكون هناك سلامٌ عادلٌ شاملٌ يُرضي مختلفَ الأطراف، وَأَيْضاً تفسيرُ ألمانيا للقرار الأممي 2216 أفضل من تفسيرات الدول الأُخْرَى، أما بالنسبة لسفراء دول السعودية وأمريكا وبريطانيا فكان موقفُ تلك الدول أكثر عداوةً للشعب اليمني.
– كيف كان تفسيرُ السفير الألماني للقرار 2216؟
القرارُ 2216 يعتبر أطولَ قرار لمجلس الأمن، ففقراته كثيرة جداً، وفدُ مرتزقة الرياض كانوا يريدون أن نسلِّمَ لهم الحكمَ والقرار فصّل الكثير من الأشياء، وواضحٌ أن هذا القرارَ مرتبطٌ بقرارات مجلس الأمن السابقة، والسفير الألماني كان يقول لهم لا بُدّ من الرجوع لجميع المرجعيات وليس للقرار 2216 فقط، نحن بدورنا وافقنا على هذا القرار رغم ما فيه من إجحاف وظلم لليمن وبجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وهذا القرار مرتبط بالقرارات السابقة، وكان تفسير السفير الألماني مطابقاً لتفسيرنا، لكنهم كانوا يريدون أن نسلِّمَ لهم الحكمَ ونسلّم أنفسنا إلى أقسام الشرطة.
– كم مرة التقيتم بأمير الكويت؟
التقينا به مرتين، وحقيقةً كان موقفُ الكويت متفهماً للقضية، الحكومة والشعب الكويتي الشقيق، وكان الأمير عنده بُعدُ نظر، وكان يريد أن يحل السلام والأمن والاستقرار في اليمن.
– من خلال وجودكم في الكويت لحوالي 90 يوماً ثم بعد ذلك زُرتم العراق تقريباً هل استطعتم خلال ذلك إظهار مظلومية الشعب اليمني للعالم الخارجي؟
عندما ذهبنا إلى الكويت كان يتصوّرُ العالَمُ أننا مجرمون ومتمردون وخارجون عن القانون وما إلى ذلك، وحقيقةً الوفدُ الإعلامي المرافِقُ لنا قام بدور جبّار في إظهار مظلومية الشعب اليمني وما يتعرض له من عدوان غير مبرر، أَيْضاً الوفدُ الوطني قام بدور كبير في إظهار مظلومية الشعب اليمني وما يتعرض له من عدوان أمريكي سعودي ظالم، التقينا بالعديد من المسؤولين الكويتيين، وشرحنا لهم القضية اليمنية واتضحت لديهم الرؤيةُ بشكل كبير، أَيْضاً سفراءُ الدول عندما شرحنا لهم المبادرةَ التي قدمناها لولد الشيخ تفهموا موقفَنا، واتضحت لهم الرؤية لما يجري في اليمن واتضحت لديهم جديتُنا في تحقيق السلام وعندما فشلت المفاوضات وكان من المتوقع أن نرجعَ لليمن، لكن تم تأخيرُنا بشكل متعمّد في سلطنة عُمان، وخلال هذه الفترة زُرنا العراق والتقينا بالعديد من المسؤولين العراقيين وَأَيْضاً التقينا برئيس الجمهورية في العراق، واستطعنا خلال خمسة أيام تقريباً شَرْحَ القضية اليمنية، وما يتعرض له الشعب اليمني من عدوان ظالم وتقريباً تم الاعتراف بالمجلس السياسي الأعلى.
– حالياً الإمارات تسيطر على الجنوب وعلى سقطرى وتحاول فصل حضرموت.. فمن يخدم هذا؟
في الحقيقة مشروع العدوان واضح وهو تقسيم اليمن إلى أقاليم وكانتونات صغيرة على أساس مذهبي وجغرافي مناطقي، وذلك دون شك لخدمة الأمريكان والصهاينة بالدرجة الأولى؛ للسيطرة على المواقع الاستراتيجية في ساحل البحر الأحمر ومضيق باب المندب ونهب ثرواته، وفي المقابل إدخال الجنوب في صراع واقتتال وحروب أهلية بين أبنائه، وهذا ما نشهده اليوم في الجنوب، وما النظام السعودي والإمارات إلا أدوات يتستر خلفها الأمريكي.
هذه الأنظمةُ لا تقدِّمُ لأمتها العربية شيئاً سوى القتل والمؤامرات والدمار، وأموالها تصرفها على الأمريكان ومشاريعهم في المنطقة، فعندما وقعت الأزمَة المالية العالمية التي هي أساساً أزمة أمريكية جاء وزير الخارجية البريطاني وقال بالحرف الواحد بأن عليهم أن يدفعوا الكثير من الأموال لتجاوز هذه الأزمَة، وأن هذه الأموال هي ملك للعالم الغربي وليست للإمارات أَوْ أموال الدول الخليجية , وكلنا علمنا حجمَ المبالغ التي دفعها سلمان لترامب خلال زيارته للسعودية حوالي 500 مليار دولار في زيارة واحدة، الإمارات بعدوانها علينا خلّقت لها عداوةً مع الشعب اليمني ستبقى لعقود من الزمن، وبالتالي ستنعكسُ على استقرارها وأمنها؛ لأن الشعبَ اليمني سيثأرُ لدماء أبنائه لا محالة.
– قلتم إن ثورة الشباب كادت تنجح لولا تدخل المبادرة الخليجية , لكنكم في الحزب الناصري وقّعتم على هذه المبادرة؟
نعم نحن وقّعنا على هذه المبادرة؛ لأننا اعتقدنا أن الثورةَ نجحت وأن التدخلَ السعودي كان سيدعم رؤيةَ الشباب الطامح للتغيير , وأن المبادرة كانت ستحفَظُ دماء الشباب، وأن أهداف الثورة الشبابية في 2011م ستتحقق بأقل تكلفة.
– هل نستطيع أن نقولَ إن الناصري أَصْبَح ينظر إلى السعودية كملاك أَوْ مخلص في تلك الفترة، وما بعدها؛ لأن الناصريين تناسوا كُلّ شيء وارتموا في أحضان السعودية؟
لا يوجد ناصري ينظُرُ للسعودية بأنهم ملائكة، وإنما هي العدو الأول بعد العدو الصهيوني، وهذا معروف تأريخياً، والزعيم جمال عبدالناصر قال “إن اليمن لن ترى النورَ وجارتُها السعودية”؛ لذلك نحن في حزب التنظيم الناصري لم نوافق على المبادرة الخليجية إلّا بعد التشاور مع أحزاب اللقاء المشترك الذين كانوا ينظرون أن استمرارَ الثورة سيكون ثمنه باهضاً، وأن المبادرة ستحقق أهدافَ ثورة فبراير بأقل تكلفة ممكنة.
– لكن مكون أنصار الله والحراك الجنوبي رفضوا هذه المبادرة؟
الحراكُ هو أساساً الحزب الاشتراكي، وقيادات الحراك هي قيادات في الحزب الاشتراكي، والحزب موقِّع على المبادرة الخليجية , فقط هم أنصارُ الله الذين كان لديهم بُعدُ نظر، وهم فقط منَ رفض فعلاً المبادرة الخليجية.
– حالياً وبعد كُلّ هذه الأحداث هل تشعرون أنكم أخطأتم في التوقيع على المبادرة الخليجية؟
نعم شعرنا بذلك، وها نحن اليوم نقفُ بثبات في وجه أقبح عدوان عرفه التأريخ , وقد عرفنا أنه تم إجهاض ثورة الشباب في 2011م منذ انضم إليها علي محسن الأحمر، وانضمامه إليها كان مُخَطّطاً له في الأساس من قبل السعودية لإجهاض الثورة الشبابية السلمية.
– ما أسباب أحداث الثاني من ديسمبر من وجهة نظركم؟
في الواقع الأسبابُ كثيرةٌ وواضحة، أولاً: أن بعضَ قيادات المؤتمر، وعلى رأسها علي صالح وطارق ومَن هم حوله، لم تكن لديهم قناعة بمواجهة العدوان الأمريكي السعودي، وكان حديثُهم عبارةً عن مغالطات وتلبيس على الشعب، وكان يعرقل أي اندفاع لكوادر المؤتمر نحو جبهات القتال أَوْ رفدها بالمال، وحسب ما بلغني أنه استدعى مقاتلين في الجبهات وصدّهم عن أداء دورهم الوطني، وللأسف هناك مواقعُ مهمة مثلاً في نهم سقطت بيد مرتزقة العدوان؛ بسبب بعض المنتسبين للمؤتمر الشعبي العام، أما الجماهيرُ العريضة والواسعة والحرة للمؤتمر الشعبي العام فهم رافضون للعدوان على بلدهم، أيضاً كان علي صالح يريدُ الانتقامَ من اللقاء المشترك؛ بسبب موقفه من ثورة فبراير 2011م.
– كيف سقطت فتنة ديسمبر أستاذ حميد؟
بعضُ المواقع التي سقطت في نهم وفي غيرها من المواقع في مناطقَ أُخْرَى كان المقاتلون فيها يتبعون طارق عفاش على وجه الخصوص، مثلاً جبال يام بنهم سقط جبلُ حيد الذهب بيد مرتزقة العدوان، والسبب أنه كانت هناك كتيبة في الموقع تتبعُ الحرس وطارق عفاش، وفجأةً انسحبت قيادةُ هذه الكتيبة وذهبت لمأرب، وبالتالي نزل الجنود إلى الضبوعة وبعدها طلعوا صنعاء، دون سبب نهائياً، بعد ذلك المرتزقة سيطروا على هذا الموقع الهام في جبل حيد الذهب بجبال يام، ومن هذا الموقع هاجموا يام بشكل عام، كذلك موقع المنارة استولى عليه مرتزِقة العدوان لذات السبب، وتم التفريطُ بهذا المواقع بسهولة.
طبعاً أحداث ديسمبر كشفت لنا أنهم كانوا على تنسيقٍ مسبق مع قوى العدوان.. وللأمانة لا نستطيع القول إن جميع جنود الحرس الذين كانوا في الجبهات تخاذلوا أَوْ خانوا الوطن، لا، هناك الكثير من الأحرار من منتسبي الحرس الجمهوري صمدوا صمود الجبال وقاتلوا بثبات.
لكن هذه حقائقُ، أنه تم التفريط بعدد من المواقع؛ بسبب الجنود الذين كان يتبعون طارق عفاش، كذلك كان يظن علي عبدالله صالح وبعض القيادات المقربة منه أن أنصارَ الله سيضعفون مع استمرار العدوان ومع التضحيات الكبيرة التي يقدمونها، وأنه بالتالي سيستطيع الانقضاضَ عليهم بسهولة، وبالتالي بدأت الترتيبات والاتّفاقات بينه وبين قوى العدوان، خَاصَّةً مع الإمارات والسعودية، وكان لدى أنصار الله شكوكٌ حول ذلك واتضحت لديهم الرؤيةُ بصورة كبيرة مع تحضيرات علي عبدالله صالح لفعالية 24 أغسطس والتي أنفق عليها أموالاً كبيرةً كان من الممكن تغطّي مرتبات الموظفين في الدولة، لكن أنصار الله لم يكونوا نائمين، كشفوا اللعبة الخبيثة بسرعة وأحبطوا مؤامرة أغسطس، وقامت قوى العدوان بضرب جميع مداخل العاصمة، وحدثت العديد من المجازر منها مجزرة بيت العذري في أرحب، ومع ذلك استمرت بعضُ قيادات المؤتمر الشعبي العام برئاسة علي عبدالله صالح في التنسيق مع قوى العدوان حتى تفجير الوضع في الثاني من ديسمبر وأعلن تنسيقَه مع العدوان ودعا الشعب بخطاب صريح ومتلفز للتوقّف عن قتال العدو، والتوجه لقتال أنصار الله، وقال يفتح صفحة جديدة، هذا الخطاب فضح المستور، ولكن أنصار الله كان منتبهين لكل ما يجري وما يحضَّرُ له خلفَ الكواليس من قبل علي عبدالله صالح وطارق وبعض القيادات بالتنسيق مع قوى العدوان، وكانوا يظنون أن الأمورَ كلها محسومة وتم تحريك كُلّ الجبهات حتى يُفجَّرَ الوضع في الثاني من ديسمبر وتم إخماد الفتنة بحمد الله خلال 48 ساعة فقط من بعد الخطاب المشؤوم لزعيم الفتنة وانتهت الأحداث وتم إفشال مُخَطّط العدوان.
– حالياً بعد حوالي شهرين من إخماد هذه الفتنة هل نستطيع القول إنه تم إخمادها نهائياً؟
الحمدُ لله نستطيع القول إنه تم إخمادها نهائياً بفضل حكمة وتسامح قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي وجّه بالإفراج عن جميع الموقوفين من كوادر المؤتمر الشعبي العام، وَأَيْضاً من العسكريين الذين شاركوا في أحداث الفتنة، الناصري في حركة 78 م بالرغم أنها حركة بيضاء سلمية تم قتلُ الكثير منهم وزراء وقيادات عسكرية، وتم إخفاءُ الكثير منهم حتى اليوم ولا نعرف عنهم شيئاً، كذلك تم زجُّ الكثير منهم في السجون لسنوات طويلة، وفي هذه الفتنة تم الإفراجُ عن جميع المحتجزين بالرغم أنهم شاركوا بفاعلية في هذه الأحداث، وهذه سمةٌ من سمات أنصار الله ومن سمات السيد عبدالملك، وهي التسامح الذي ليس له نظيرٌ، وهذه الصفة الكريمة ستُخلَّدُ في التأريخ بأحرف من ذهب، وتُحسَبُ لأنصار الله وللسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ورعاه ؛ لأن هذا التسامح الكبير حافَظَ على البلد وعلى وَحدة الصفّ المقاوِم للعدوان وعلى النسيج الاجتماعي اليمني.
– كيف تنظرون إلى عمل الحكومة والمجلس السياسي الأعلى بعد تجاوز أحداث الثاني من ديسمبر؟
في الواقع عملُ الحكومة تغيَّر، وهناك اليوم انسجامٌ وعملٌ أكثر من السابق، وهذا يلاحظُه الجميعُ، لكن للأمانة لم يرتقِ هذا إلى مستوى العمل الجبّار الذي يقومُ به الرئيس صالح الصماد، فما يقومُ به الرئيس الصماد حقيقةً يُعجَزُ عن وصفه، هناك نشاطٌ كبيرٌ ولقاءاتٌ دائمة وبصورة يومية، يزورُ المرافقَ الحكومية، وينزل بنفسه إلى مختلف الجبهات، يتفقد المجاهدين بنفسه، وهذا قل أن نشاهدَه اليوم في أي مسؤول آخر، ونتمنى أن يرتقيَ مستوى عمل الجميع إلى مستوى ما يقوم به الرئيسُ الصمّاد حفظه الله.