الزهراء عليها السلام.. من غيّب سيرتها؟ ولماذا؟
منير الشامي
لم تُظلَمْ امَـرْأَةٌ في الدنيا كما ظُلمت أُمُّ السبطين سيدة نساء العالمين عليها السلام في حياتها وبعد رحيلها، فغيب ذكرُها من صفحات التأريخ الإسْـلَامي عن قصد وتعمد، ولم تتوقف محاولاتُ المنافقين وأعداء الله وأعداء دينه من شن حربهم الشنيعة في إخفاء سيرتها ومواقفها هي وكل أعلام الهدى ومصابيح الدجى من أولادها وأحفادها الأئمة الأطهار من بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وعليها وعلى بعلها وبنيها، وحتى اليوم فما زالت تلك المحاولات مستمرة حتى اليوم والتي تعددت وسائلها وتنوعت أساليبها لدرجة أن بعضها وصل إلى تفسير الآيات التي نزلت فيها بغير حقيقتها وأولت إلى غير مقاصدها وهذا ما هو ثابت في كثيرٍ من كتب التفسير بهدف إخفاء الحقيقة التي لا يمكن أن تخفى وفي طريق استهداف ديننا الحنيف بطمس رموزه ومعالم بُنيانه.
وعلى الرغم من ذلك فقد عجزت تلك الأيادي الشيطانية عن تحقيق ذلك فأنّى لكف شيطانية أن تحجب النور الإلهي والوهج النبوي الذي سطع نوره في السموات والأرض وجعل بضعة الطهر النبوي السيدة فاطمة البتول عليها السلام حاضرة بسيرتها العطرة ومواقفها العظيمة ونورها الفياض في كُلّ يوم مر وفي كُلّ ليلة مضت فهي الكوثر الذي لا ينضب والنور الذي لا يحجب.
أما عن سبب تلك المحاولات الشيطانية الهادفة لتغيب قديسة الأُمَّـة الزهراء عليها السلام عن واقع الأُمَّـة الإسْـلَامية فذلك؛ لأنها عليها السلام تمثل ركن مهم من أركان رسالة الإسْـلَام والنجاح في تغييبها نجاح في تجهيل الأُمَّـة بدينها في طريق هدم الإسْـلَام ومحاربته هذا سبب، أما الثاني فخوفاً من تأثير حضور بضعة الطهر النبوي في وجدان الأُمَّـة وما ينتج عنه من نتائج قوية في بناء أجيال الأُمَّـة وصناعة رجالها ونسائها وانعكاس ذلك في مجتمع إسْـلَامي قوي وواعٍ يصعب على أعداء الله تفكيكه أَوْ تمزيقه أَوْ النيل منه وهذه هي حقيقة مؤكدة حدثت وتحدث وستحدث.
وحتى تتضح حقيقة ما نقول فلن نذهب بعيداً وتعالوا بنا نتأمل واقعنا الذي نعيشه ووقائعه ونتأمل ما نراه ونشاهده نحن اليمنيين في ظل العدوان المستمر منذ أعوام ثلاثة وما زال ولنبحث عن النتائج التي ترتبت على حضور البضعة النبوية فاطمة الزهراء عليها السلام في وجدان اليمنيات وقلوبهن بمواقفها ومكانتها وبعلمها وإيمانها وبكمالها وقداستها وبمظلوميتها وجهادها وبورعها وشجاعتها وبصبرها وثباتها، وانعكاس ذلك في تلك القلوب بمواقف عملية وتحركات فعلية جعل الزهراء عليها السلام هي من تقود المَـرْأَة اليمنية للصمود في وجه العدوان وتدفع بفلذات كبدها وشريك حياتها لمواجهة الظلم والظالمين وتستقبلهم شهداء بثبات الجبال وشموخها وتجود بمجوهراتها وكل ما تملك لدعم الجبهات وفي مواجهة الظالمين واستبدادهم، والطغاة وجبروتهم غير آبهة بغوائل الدهر وغدر الزمان ولا خائفة من الفاقة وحصار العدوان وهي صابرة محتسبة شامخة معتزة.
إن هذه المواقف العظيمة للمَـرْأَة اليمنية لم تكن لتحدث لولا حضور الزهراء عليها السلام في وجدانها؛ ولذلك فلا نستغرب ابدا من حرص أعداء الإسْـلَام في محاولاتهم على مر التأريخ من إخفاء سيرة الزهراء عليها السلام وسيرة أعلام الهدى وتشويههم متحدين لإرَادَة الله في صدهم للحق وسعيهم لتضليل العباد.
فليمكروا مكرهم فمكر الله أعظم وليكيدوا كيدهم فكيد الشيطان أضعف ولكن ليتذكروا أن الفشل حليفهم وأن الله يفعل ما يريد.