فلسطين والوطن المخيم
محمد ناجي أحمد
في النصوص الدراسية للمرحلة الثانوية في فرنسا، التي طُبِعت بين عام 1979م، واستمر تدريسُها بعد 1986م نص عنوانه “أجمل مسكن في المخيم “وهو نص يتناول مخيم للاجئين الفلسطينيين، يقع على الحدود السورية.
الزوجان: سامي وشادية ينسيان بلدهما فلسطين كموطن للآباء، وينشغلان في بناء “كوخهما” بحسب ما تورده الدكتورة مارلين نصر في كتابها “صورة العرب والإسْـلَام في الكتب الفرنسية، لكي يبقى هذا الكوخُ وطناً لكل الأزمنة القادمة بديلاً عن فلسطين.
الزوجان في النص لا يكتفيان بإبداء سعادتهما لاستقرارهما “للأبد” في المخيم، ولكنهما يبديان أَيْضاً زهوهما لامتلاكهما “أجمل مسكن في المخيم” المخيم الذي أريد له في النص أن يكون بديلاً للوطن الفلسطيني.
الشتات حين يصير وطناً في الكتب المدرسية الفرنسية، في تحيّز واصطفاف مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين.
فلسطين التي اختارها الغربُ حلاً لمشكلته العنصرية مع اليهود، ورأس حربة متقدمة لأطماعه الامبريالية!
أَصْبَحت القضيةُ لدى قاطني المخيمات الفلسطينية، بحسب النصوص الدراسية الفرنسية للمرحلة الثانوية “تحسين ظروف الحياة الصعبة التي يعيشونها في المخيمات”.
حوَّل “النص” صراع الوجود مع الكيان الصهيوني، والأطماع الغربية في المنطقة إلى صراع حدود، أَوْ الوطن الخيمة بديلا عن الوطن الوجودي بجغرافيته وتأريخه، وحضارته.
وحوله إلى صراع أجيال عن سبل العيش في المخيمات، وتحسين المسكن والحياة فيها.
ذات التحريف للصراع الذي قدّمه شمعون بيريز في كتابه عن الشرق الأوسط الجديد، المترجم إلى اللغة العربية عام 1993م. حين قدم الصراع في الوطن العربي على أنه صراع داخلي بين الأجيال، لا صراع وجود مع الكيان الصهيوني.
يراد للصراع العربي/ الغربي الصهيوني أن يتحول إلى صراع بين الآباء والأبناء بخصوص منظور الأجيال للحياة في المجتمعات العربية.
لهذا أُدخِل النص كما تورد “مارلين نصر “إلى موضوع عام في القراءة، معنون بـ “المسكن المثالي “في المخيمات الفلسطينية.
القضية أَصْبَحت “بناء المسكن المثالي في مخيم اللاجئين” دافعين الأجيال في فرنسا إلى فهم القضية الفلسطينية بأنها قضية مخيمات، ينبغي تحسين ظروفها بمواد البناء والبنائيين، وتكلفة الحياة الأبدية في مخيمات الشتات، كوطن بديل لفلسطين. التي يرونها وِفْـقاً لصرخة (قزحيا) وطناً لليهود “سأعيد شعبك من المشرق، سأجمعه من الغرب، سأقول للشمال: اعط! وللجنوب لا تحتفظ به! أجلب أبنائي من البلدان البعيدة، من أقاصي الأرض” قزحيا 5-6.