الزهراء بلقيس اليمن سيدة الإسلام الأولى
حُميد منصور القطواني
لمعرفة دور المرأة اليمنية الذي يشكّل محوراً ارتكازاً رئيسياً إن لم يكن مركزياً في الصمود الشامل أمام تحالف غزو وعدوان 12 دولة بقيادة أمريكا وتنفيذ السعودية والإمارات، نتسأل: ماذا لو منعت كُلّ امرأة ابنَها أَو زوجها أَو أخاها من الذهاب للجبهات بمن سوف يدافع الوطن كبلد يواجه تحالف الغزو والعدوان السعودي الأمريكي الطامع لاحتلاله ونهب خيراته واستعباد شعبه إذلالاً وقهراً واستباحة للحرمات والكرامة ?!
لو لم تدفع المرأة بزوجها وابنها وأخيها وأبيها لميادين الشرف والدفاع المقدّس وبوتيرة عالية وتستقبلهم شهداء بالزغاريد والورود والرؤوس المرفوعة في زفاف يجسد الإيمان بالقضية العادلة المحقة والوعي بالمخاطر الوجودية..
لكان من يتحكم على رقاب اليمنيين هو العدو التاريخي لليمن من أوساخ البشرية وأرجاسها وأحقر المخلوقات، ولكان كُلّ رجل ينظر إلى أعراضه وهي تستباح إذلالاً وقهراً أمام نظريه.
ولكانت المرأة تنظر بعينيها والقهر يشوي الأخ والأب والابن والزوج بجحيم الذل، وهم يساقون أمام ناظرَيها للسحل وهم يتوسلون رصاصة الرحمة، وهذه الفظائع هو ما حذرت منه اليمانية الأولى بلقِيس عليها السلام بقولها المخلد في القرآن: “إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً” وأكد الله حكمتها بقوله “وكذلك يفعلون”.. وهو واقع نرى منه جزءاً بسيطاً من هوله في المناطق المحتلة في المحافظات الجنوبية ورغم أنه بسيط مما هو خافٍ إلّا أنه تشيب منه الرؤوس وتتفطر قهرا.
ذلك الصمودي الأسطوري العظيم للشعب اليمني هو الذي أنقذ الشعبَ في المحافظات الحرة وشكّل قلعةً للهاربين من نير الغزاة، الذي لم يكن ليتحقق بعد بفضل الله إلّا بقيادة عظيمة تقود رجالاً عظماء هم جميعُهم صنيعة المرأة اليمنية العظيمة التي أرضعتهم الكرامة والرجولة والأصالة في المهد ودفعتهم رجالاً للميادين حباً وفدى فما كانوا رجالاً إلّا لمثل هذا اليوم واستقبلتهم شهداء بالزغاريد وعهود الثبات وَالوفاء وأردفت عطاءهم بالبذل والسخاء..
وهي من تتحمل ظروف الحياة القاسية وأعباءها الصعبة وما أنتجه الحصار والعدوان من بؤس وحرمان ومعاناة شديدة في الحصول على أساسيات العيش، وشكّل صمودها ومشاركتها في تخفيف تلك المعاناة عمقاً استراتيجياً للتماسك المجتمعي وصمام أمان لتماسك الأسرة اليمنية من التمزق والانهيار والاندثار تحت تلك الضغوط بل ونجحت في امتصاص الاحتقان النفسي وتبديد التوتر والقلق وَخلق جو أسري دافئ مفعَم بالرضا والسعادة والأمل.
كما كانت حاضرة وبقوة في معركة الوعي والقيم والصراع الحضاري وكانت بمثابة قلعة حصينة للهُوية والتربية الإيمانية وحاملة للقضية والمشروع الوطني التحرّري النهضوي، وَمشعلاً من مشاعل التنوير والتربية والتبصير والانتماء الوطني والأصالة الحضارية في مواجهة حملة التغريب والتجريف والمسخ والغزو والفكري والقيم الهادف إلى خلق مجتمعات رجالًا ونساءاً بلا ملامح ولا انتماء، كائنات ممسوخة بلا عنوان ولا مشروع، فاقدة لقيمها واحترامها وكرامتها وحريتها..
لذلك كانت وستظل المرأة اليمنية محوريةَ الصراع في معركة الدفاع المقدس، فهي مركزيةُ الصمود وَسر النصر اليماني ودُرّة الشرف وَالكرامة في عقيدة التضحيات وهن أقلام الله في الأرض من تصنع أقدار السماء..