تقرير : المؤامرة السعودية لتصفية القضية الجنوبية..قتلة الجنوب يعودون إلى عدن
حرب صيف 94 بقيادة عبدربه منصور هادي وحزب الإصلاح
لا تزالُ ماثلةً في الذاكرة الجمعية لأَبناء الجنوب تلك المشاهد المؤلمة من صيف 1994م، عندما اجتاحت قوات من الجيش الـيَـمَـني مسنودةً بمليشيا عقائدية من حزب الإصلاح –الإخوان المسلمين –محافظات الجنوب الـيَـمَـني واحدةً تلو الأخرى، ملحقةً دماراً يصعب توصيفه، وبقيادة مباشرة من وزير دفاع تحالف7/7 عبدربه منصور هادي، أضف إلى ذلك الدور المهم الذي لعبه الجنرال الإخواني علي محسن الأحمر مع المليشيات العقائدية والفتاوى التكفيرية التي وفّرها حزب الإصلاح بلا تردد والتي أباحت كُلّ ما في الجنوب كغنائم حرب للبربر القادمين من أفغانستان المتعطشين للدم الجنوبي الـيَـمَـني.
وقد شرعَنَ حزبُ الإصلاح هذه الحرب بفتوى أشهر من نار على عَلَمٍ، أشرف عليها وأخرجها رجلا الدين عبدُالمجيد الزنداني وعبدالوهاب الديلمي – وزير العدل آنذاك-، وتقضي بأن أَبناء الجنوب “أعلنوا الردة والإلحاد والبغي والفساد والظلم بكل أنواعه وصنوفه”، وأجاز الديلمي في تلك الفتوى قتلَ حتى المدنيين من أَبناء الجنوب؛ بحُجَّة أن قتل المدنيين مفسدة صغرى لا تقارن بانتصار الكفر، وقد وثقت هذه الفتوى صحف عربية على رأسها صحيفة الوثيقة المصرية.
وقد شارك بالقتال ضد الجنوب العديد من أَبناء جلدتهم أيضاً، حيث استعان تحالف 7/7 بالعديد من الضباط الجنوبيين لشراء الولاءات وكذلك لخبرتهم ومعرفتهم العميقة بتضاريس ومداخل ومخارج المحافظات الجنوبية وعلى رأس من قاد الحرب من أَبناء الجنوب ضد أَبناء عمومته هو وزير الدفاع “عبدربه منصور هادي” ابن محافظة أبين الجنوبية.
القضية الجنوبية “قضية وطن”
وبعد أن تراكمت الأخطاءُ وتفاقمت مظالمُ المواطن الجنوبي خرج إلى النور الحراك السلمي الجنوبي في عام 2007 على شكل حراك شعبي سلمي يحمل قضية عادلة وخرج ناشطو الحراك في اعتصامات ومسيرات ومظاهرات سلمية متعددة تطالبُ بالمساواة وإعادة المسرحين قسراً من عسكريين ومدنيين، وقوبلت بعض تلك التجمعات بردود فعل عنيفة وقمعية من السلطة سقط على إثرها شهداء كثر.
وبعدَ أن نجحت ثورة الشباب في تغيير رأس السلطة في صنعاء وجاءت برئيس جنوبي هذه المرة استبشر بعض المواطنين خيراً، في حين رأي الأغلبية في الجنوب بأن عبدربه هادي ليس إلا أداة أخرى من أدوات ظلم الجنوب وتمييع قضيته.
وفي حين كان قائد ثورة الشعب الـيَـمَـني سماحة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يتحدث علانيةً في خطب متلفزة متعددة عن عدالة القضية الجنوبية وضرورة معالجتها بشكل عاجل، كان عبدربه منصور هادي في ذلك الوقت يصدرُ قرار بتعيين الإصلاحي وحيد رشيد محافظاً لمحافظة عدن.
رشيد الذي لم يدخر أي جُهد في مواصلة جهود من سبقوه في قمع وإذلال أَبناء الجنوب بالتعاون مع عبدربه منصور هادي وحزب الإصلاح، وظهر ذلك جلياً في مجزرة 21 فبراير 2013.
مجزرة عيد الجلوس في 21 فبراير
فوقَ نهر من الدماء قرّر عبدربه منصور هادي وشركاؤه في حزب الإصلاح من أمثال وحيد رشيد ونايف البكري – وكيل محافظة عدن آنذاك -إقامة احتفالية في ساحة العروض بمناسبة الذكرى الأولى لجلوس هادي على كرسي الرئاسة.
وقال نشطاء حول المجزرة: إن مدينة عدن شهدت أسوأ موجة قمع يتعرض لها أَنْصَــارُ الحراك الجنوبي ذلك اليوم، وسقط في تلك المجزرة 11 شهيداً وأصيب أكثر من خمسين مواطناً آخر بالرصاص، كما شنت الأجهزة الأمنية حملة مداهمات واسعة في مناطق متعددة بالمحافظة أسفرت عن اعتقال العشرات.
وأشرف القياديُّ في حزب الإصلاح نايف البكري على تنفيذ احتفالية عبدربه منصور هادي مهما كلفت من دماء الناس وحشد حزب الإصلاح أَنْصَــارَه من المحافظات الشمالية والجنوبية، للاحتفال بمناسبة مرور عام على انتخاب عبدربه منصور هادي، رئيساً للبلاد، في ساحة العروض، وهو المكان الذي كان الحراك الجنوبي أعلن أنه سيقيمُ فيه احتفالية سمّاها “يوم الكرامة”، لإحياء ذكرى مقاطعة الانتخابات الرئاسية التوافقية في 21 فبراير 2012 وعندما حاول أَنْصَــار الحراك الدخول إلى الساحة استخدمت قوات هادي الرصاص الحي وقنابل مسيلة للدموع لتفريق جموع الحراك، ما أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، إضافة إلى دهس أحد أَنْصَــار الحراك بمدرعة عسكرية.
وفي نفس اليوم من العام التالي دعا الحراك أَنْصَــاره للتجمهر لتجديد رفضهم للانتخابات الشكلية التي أوصلت هادي إلى السلطة وتكرر نفس السيناريو عندما حشد رشيد والبكري قوات الأمن ومسلحي حزب الإصلاح بكثرة في شوارع وطرقات المدينة، لمنع أي تقدم للمحتجين إلى ساحة العروض، ولاقى المحتجون من القتل والإصابة بالرصاص والغازات ما لاقوه ذلك اليوم وسقط شهيدان وعدد من الجرحى.
موسم هجرة الإصلاحيين إلى عدن
وعند فرار عبدربه منصور هادي في 22 من فبراير 2015 إلى عدن لتدشين مشروعه التدميري على الـيَـمَـن ونقل الصراع إلى الجنوب بدأ حزبُ الإصلاح بالهجرة إلى عدن بشكل مكثف لإسناد عناصر تنظيم القاعدة للسيطرة على المدينة وتفكيك الحراك الجنوبي؛ بغرض تمييع القضية الجنوبية وتحويل الجنوب إلى ساحة للصراعات الدولية عندما مهّد هادي وعناصر الإصلاح معه على استجلاب مقاتلين من المرتزقة من كُلّ بقاع الأرض للقتال في عدن بغية احتلالها وإخضاعها للإرادة السعودية التي رفضها الشعب الـيَـمَـني في ثورته المجيدة في 21 سبتمبر 2014.
قتلة أَبناء الجنوب يعودون إلى عدن
بعد أن استخدمت السعودية بعض المندفعين من أَبناء الجنوب للشروع في معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل ضد أَبناء بلدهم وجيشهم الوطني استعانت فيه بآلتها الإعلامية المضللة والدعايات المغرضة وسَيل الأموال المتدفق، وشعر صانعُ القرار السعودي بأن احتياجَه لفصائل الحراك الجنوبي انتهى وأن وجودهم في المشهد أصبح يمثل عبءً وخطراً على مشروع احتلال وتركيع عدن بدأ المشروع السعودي يكشر عن أنيابة بصور متعددة، بدأت بالإيعاز لعناصر القاعدة وداعش وعناصر حزب الإصلاح لشن هجمات متفرقة على مواقع أَنْصَــار الحراك الجنوبي وتصفية بعض قياداتهم الميدانية في ضوء النهار ولم يتوقف الأمرُ عند ذلك ولكنه وصل حد استهداف تجمعات الحراك بالطيران السعودي كما حدث في -بلة لحج – وسقط على إثر تلك الغارات عشرات القتلى والجرحى، وادعى التحالف فيما بعد أنها كانت على سبيل الخطأ، وحوادث أخرى مشابهة حدثت في منطقة العبر ومحافظة الضالع؛ بغرض تصفية وجود الحراك لصالح العناصر الإرهابية المتشددة.
وظلت السعودية منذ بداية عدوانها على الـيَـمَـن ككل وعدن بشكل خاص تستعين بشكل مباشر بشخصيات ولغت في الدم الجنوبي وأسرفت في إهانة وتمييع قضيته. وظهر في اجتماع ما يسمى “مجلس الدفاع الوطني” الأخير لعبدربه منصور هادي في الرياض الجنرال الإخواني علي محسن إلى جواره، في إشارة من السعودية بأن قيادات حرب 94 هم أنفسهم ما تطلق عليهم “المقاومة الجنوبية”، وقد استغرب كتاب وناشطون كيف يمكن أن يكون هاشم الأحمر أَوْ محمد المقدشي أَوْ علي محسن الأحمر هم قادة المقاومة الجنوبية في حين أنهم من أكبر الناهبين لأملاك الجنوبيين وجميعهم من محافظات شمالية.
كما عمدت السعودية إيصال مساعداتها الإنسانية عبر منظمات إصلاحية احتكرت توزيع هذه المساعدات لعناصرها وقامت ببيع الكميات الأخرى بأسعار باهظة في أسواق عدن رغم حاجة المواطن العدني لأبسط مقاومات الحياة، في تهميش واضح لفصائل الحراك والمكونات الأخرى في المجتمع، وما يقسم الظهر أن محافظَ عدن المعيَّن من قبَل هادي”نايف البكري” وَيشرف شخصياً على هذه العمليات.
ويتساءلُ المواطنُ العدنيُّ البسيطُ: كيف يمكنُ اعتبارُ تنظيم القاعدة وحزب الإصلاح وهادي قادة المقاومة الجنوبية وهم السبب الأكبر في مظلومية أَبناء الجنوب وإن كان يرجى خير من قيادة حرب 94 على الجنوب فمن أين سيأتي الجنوب الشر إذن؟.
صحيفة صدى المسيرة العدد 50 الاثنين 3 اغسطس 2015