على عتبة مفاوضات
صلاح الدكاك
ليست قيادتُنا الثورية والسياسية الوطنية معنية بتسمية الآخر المقابل لها على طاولة التفاوض.. ذلك شأنُ الآخر نفسه وسواءٌ أكان هذا الآخر هو (الانتقالي الجنوبي) أَوْ (الشرعية) أَوْ ما طاب لتحالف العدوان تسميته من يافطات يتلطى خلفها، فإن محددات مفاوضنا السياسي الوطني واحدة: ثمة احتلالٌ ينبغي أن يزولَ وعدوان وحصار أجنبيان ينبغي أن يتوقَّفَ ويُرفعَ بلا شروط، وثمة بلدٌ اسمه الجمهورية اليمنية لا تفاوض بشأن وحدة وسلامة ترابه وسيادته عليه.. وثمة في نهاية المطاف خلافاتٌ لا علاقة لها بأجندات دول العدوان ينبغي أن تتشاورَ حولها مكونات المشهد السياسي المحلي بمنأىً عن الوصاية الخارجية ومحاولات جعل هذه الخلافات حصانَ طروادة لتمرير أطماع قوى الوصاية في اليمن، وهذا فقط هو ما سيفسح الطريقَ لتوافق داخلي كان قبل العدوان الكَوني ممكناً وهو اليوم غيرَ معجز.
تدرك قيادتنا الثورية والسياسية بأن هناك مظلوميات وطنية وقضايا لا قيمة لأي حل سياسي ولا استقرار في اليمن بغير وضع معالجات منصفة وعادلة لها كالقضية الجنوبية، وهذا الإدراك الواعي لدى قيادتنا الثورية ليس تظاهراً من قبيل التكتيك بل قناعة راسخة تتمظهر بجلاء في محددات خطابها الثوري منذ أمد سابق لصبيحة أيلول 2014 الموافقة لانتصار ثورة انبثقت من آلام وآمال الشعب عبر مخاض طويل في مواجهة سلطة الوصاية ونظامها الذي خاض جميع حروبه منذ أواخر الستينيات وصولاً إلى حروب صعدة الست بالإنابة عن قوى الاستكبار والوصاية والرجعية العربية ومديرها التنفيذي الأمريكي وضد شعبنا وقواه الوطنية الشريفة.
على أن إدراك قيادتنا الثورية وتوجهها الجاد لمقاربة هذه المظلوميات والقضايا والمعضلات بغية طي زمن الوصاية لا يعني بالمطلق أنها قد تقبل بأن تتحول هذه القضايا إلى متاريس ويافطات تتلطى خلفها وتتسربلها قوى الوصاية وسلطتها الكمبرادورية لإعادة إنتاج هيمنتها على القرار الوطني بعد أن أطاحت بها ثورة أيلول وإلى الأبد.
في جنوبِ يمننا المحتل اليومَ أداةٌ كمبرادورية محلية محدثة اسمها (الانتقالي) يحاول عبرها تحالف الاحتلال تجيير القضية الجنوبية لتمرير مشروعه الذي يستهدف تمزيق جنوب الوطن وشماله بلا استثناء..
وعلى عتبة مفاوضات محتملة مقبلة يسعى التحالف ممثلاً في المبعوث الأُممي الجديد المولود في عدن إبان حقبة الاحتلال البريطاني لتقديمه كممثل حصري للجنوب وهي محض أمانٍ باطلة وكيد ساحر سيبطله الله على يد المفاوض الثوري الوطني وأيدي مكونات الحراك الجنوبي الوطنية المناهضة لمشروع الاحتلال وتحالف عدوانه والعزة لله وللمؤمنين بأن لا عبودية بعد ثورة 21 أيلول لغير الله على هذا التراب اليمني الطاهر ولا بوصلة سوى مصالح شعبنا الشريف الصابر الصامد المجاهد وقضايا أمتنا العربية والإسلامية.