قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمة له بمناسبة “جمعة رجب”

 

المسيرة / متابعة عبدالرحمن مطهر

احتفل الشعبُ اليمني، أمس الجمعة، بعيد جمعة رجب التي لها خصوصيةٌ دينية عظيمة لدى اليمنيين، وهي اليوم الذي دخل فيه اليمنيون دين الإسلام أفواجاً.

وبهذه المناسبة العظيمة ألقى قائدُ الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي كلمة هامة أكّد خلالها أهميّة هذه المناسبة العظيمة قائلاً: “هذه الذكرى تعتبر من أقدس الذكريات الإسلامية للشعب اليمني العظيم، حيث اعتاد شعبنا في الاحتفاء بهذه الذكرى الدينية العظيمة التي دخل فيها الشعب اليمني إلى دين الإسلام، وذلك عندما جاء الإمام علي بن طالب عليه السلام إلى اليمن لدعوتهم للدخول في هذا الدين العظيم فدخل اليمنيون الدين الإسلامي أفواجاً حتى اعتنقه جميع أفراد الشعب اليمني.

 

ترسيخ الهوية الإيمانية

وقال السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في كلمته “الاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة يعتبر في نفس الوقت اعترافاً بقدسيتها ولترسيخ هوية الشعب اليمني الذي يستهدف اليوم في هويته بمختلف الأشكال والألوان، حيث اتجه الكثير من أبناء شعبنا اليمني لاعتناق دين الإسلام بكل طواعية ووعي صادق، ومنذ بزوغ فجر الإسلام في مكة المكرمة كان هناك أسرة آل ياسر أول الشهداء في الإسلام وهم من اليمن”.

وأوضح السيد القائد بأن أول جمعة من شهر رجب هي هوية الشعب اليمني الإيمانية التي حاول أعداء الأُمَّـة وما يزالون يحاولون استهدافها بشكل كبير ومباشر، مشيراً إلى أن استهدافِ الهوية الإيمانية هي من أخطر الحروب على الشعوب، وذلك للتحكم بالإنْسَان من خلال تجريده من هويته ومن محتواه وقيمه الإنْسَاني الذي فطره الله سبحانه وتعالى عليها.

ونوّه إلى أن الإنْسَان المجرد من هُويته ومن قيمه ومبادئه يكون دمية وألعوبة بيد غيره من بني البشر، والله سبحانه وتعالى كرّمه لإنْسَانيته، لكن إذا تم تجريده من هذه الهوية يكون كالأنعام بل هو أضل منها، كما يصفه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم.

كما شدّد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي على أهميّة الحفاظ على هذه الهوية؛ لأنَّ المعركةَ من جانب الأعداء على مستوى الشعب اليمني أَوْ على مستوى الأُمَّـة العربية والإسلامية هي معركة السيطرة على الإنْسَان وتجريده من إنْسَانيته، وبالتالي السيطرة على تفكيره وعلى سلوكه وعلى أرضه وثرواته، وهذه كارثة وامتهان كبير لكرامة الإنْسَان.

واتبع السيد القائد “إن استهداف الهوية لها صلة مباشرة بالصراع؛ لأنَّ الإنْسَان إذا فقد هويته فقد كُلّ شيء، الأمر الذي يحتم على الشعب اليمني أن يجعلَ من مناسبة جمعة رجب مناسبةً عظيمةً؛ للحفاظ على هويته الإيمانية ورسولنا الكريم صلى الله وسلم عليه وعلى آله قال “الإيمان يمان والحكمة يمانية”، وهذه لا شك أشرف وأقدس هوية لأي شعب من شعوب العالم، لم ينَلْ هذا الشرف الكبير سوى الشعب اليمني، هذه الهوية التي تعتمد على عقائده وأخلاقه وثقافته وقيمه ومبادئه ومواقفه وسلوكه المستمدة من الدين الإسلامي الحنيف، منظومة متكاملة ننطلق منها في سلوكنا وأفعالنا وأعمالنا وأقوالنا وفي مختلف الجوانب”.

وقال السيد عبدالملك “من نعم الله سبحانه وتعالى أن تكونَ هُوية الشعب اليمني العظيم كأمة مسلمة هي هوية إيمانية وعلينا جميعاً مسؤولية الحفاظ على هذه الهوية، مؤكداً أن هوية الشعب اليمني الإيمانية هي أهم وأبرز عوامل قوته وتلاحمه وصموده وثباته لمواجهة مختلف التحديات كأفراد أَوْ كمجتمع، وهي أبرز عوامل كرامته وعزته ووجوده، وهي أبرز العوامل التي يستند عليها الشعب اليمني في مختلف مسيرة حياته”.

وتابع “هناك بعض الشعوب تعتمد في هويتها على الخرافة ومع ذلك نلاحظها متشبثة بها لا تفرط فيها نهائياً بالرغم من اعتمادها على الخرافة وذلك حتى لا تتلاشى وتنتهي، فما البال عندما تكون هوية هذه الشعب هي الهوية الإيمانية الصادقة العظيمة المتوارثة جيلاً بعد جيل منذ صدر الإسلام”.

وأشار السيد القائد إلى أن هناك من يحاول إدخال بعض الهويات الدخيلة على المجتمع اليمني لمحو وتزييف وطمس هويته العظيمة, كالهوية التكفيرية، وفي هذا السياق قال “إن أصحاب الفكر التكفيري لديهم عقدة نقص وأزمة من تأريخنا وهويتنا الإيمانية العظيمة، الأمر الذي يحتم عليهم أن يذهبوا للعلاج في المصحات النفسية”.

وأوضح السيد عبدالملك أبرزَ مبادئ الهوية الإيمانية وأولها “التحرر من العبودية لغير الله والتحرر من عبودية الطاغوت إلى عبودية الله وحده”, وثانيها “القيم الإنْسَانية والقيم الأخلاقية”, وثالثها “الوعي والبصيرة وأن يكون الإنْسَان مستنيراً بنور الله”, ورابعها “الإحساس بالمسؤولية تجاه الآخرين والواقع”, وخامسها “الوعي بطبيعة الوجود البشري”, وسادسها “الصبر في مجال العمل”.

وفي سياق هذه المبادئ قال السيد القائد “إن طواغيت العصر كأمريكا وإسرائيل وعملائهم وأدواتهم كالنظامين السعوديّ والإماراتي الذين يعملون اليوم على تجريد الشعب اليمني والأُمَّـة من إيمانها بالله للسيطرة على إنْسَانية الإنْسَان وعلى عبوديته لله الواحد إلى عبوديتهم”, مضيفاً “الإنْسَان ليس ملكاً لأي إنْسَان ولا حتى للأنبياء أَوْ الملائكة وإنما عبدٌ لله، فكيف يسمح لشر البرية وللطواغيت أن يكونوا أرباباً للناس يتحكمون فيهم، وفي سلوكهم ويمتهنون كرامتهم وعزتهم وشرفهم لحساباتهم الشخصية، يريدون أن يكون الناس ضعفاء لا حول لهم ولا قوة عبيداً وخداماً لهم”, واستطرد “لذلك التحرر من عبودية الطاغوت هو الحصانة الكبيرة والأكيدة في التصدي لمواجهة هؤلاء الطواغيت”.

وتابع قائلاً: “كما أن للإنْسَان قيمتَه الإنْسَانية والإيمانية كإنْسَان، له كرامته وعزته بنفسه فضله الله سبحانه وتعالى على جميع مخلوقاته، كما قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم “ولقد كرمنا بني آدم”، الأمر الذي يحتم على الإنْسَان أن يقدّرَ إنْسَانيته وأن يرتقيَ بها من خلال القيم الإيمانية ومن خلال سلوكه والتزاماته الدينية والأخلاقية، ورسولنا الكريم جاء كما يقول الحديث الشريف ليتمم مكارم الأخلاق؛ لذلك على الإنْسَان أن لا يكون ساذجاً يسقط قيمته الإنْسَانية ويهين نفسه من خلال السقوط في الرذائل والفجور والفسق والظلام والخروج عن تعاليم وأوامر الله عز وجل الإيمانية, وأن لا يكون مجرداً من هويته فيصبح عبارة عن أُلعوبة بيد غيره من البشر يباع ويُشترى بالمال كالحيوان؛ لأنَّنا نلاحظ اليوم كيف يبيع المرتزقة أنفسهم ومواقفهم بالمال”.

وتحدث قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عنْ ما يسمى اليوم بـ صناعة “الرأي العام” قائلاً: “الإنْسَانُ الذي لديه هوية إيمانية لا يستطيع أحدٌ أن يسيطر عليه أَوْ يؤثّر في قراره وفي سلوكه”.

 

الشعورُ بالمسؤولية

وفي هذا الجانب، أكّد السيد عبدالملك على أهميّة الشعور بالمسؤولية تجاه الإنْسَان نفسه وتجاه شعبه وأمته الإسلامية وتجاه البشرية بشكل عام مذكرا بحديثنا رسولنا الكريم “من لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم”, الأمر الذي يحتمُّ علينا كمسلمين الشعور بالمسؤولية وعدم التهرب منها؛ لأنَّ الأحداث ستطال كُلّ إنْسَان في حالة التخاذل، كما أن التهرب من المسؤولية يهيئ الظروف لسحق الأُمَّـة وهزيمتها وامتهان كرامتها وعزها وشرفها.

وقال السيد القائد “اليوم هناك أكثرُ من مليار مسلم تمتلك منهجاً ومبادئَ عظيمة هي المنهج الإسلامي والقيم العظيمة، تمتلك الجغرافيا والثروات والموقع والإمْكَانيات، لكن هذه الأُمَّـة الكبيرة التي تمتلك كُلّ ذلك للأسف الشديد أمة ضعيفة مشتتة ممزقة ليس لها هدف؛ بسبب عدم شعورها بالمسؤولية تجاه نفسها، في المقابل هناك شعوب لا تمتلك حتى القليل مما تمتلكه الأُمَّـة الإسلامية, ومع ذلك لها حضورها القوي والمؤثر على صناعة القرار واستعبادنا كأمة إسلامية؛ وذلك بسبب التفريط في مسؤولياتنا وعدم شعورنا بالمسؤولية تجاه أنفسنا”.

 

الحربُ الناعمة

وتحدث قائدُ الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عما يسميه الغرب وأمريكا وإسرائيل بـ “الحرب الناعمة”، قائلاً “هي في الأساس حربٌ شيطانية بما تعنيه الكلمة من معنى، تستهدف هويتنا الإسلامية من خلال إدخال الحركات والهويات الغريبة على أمتنا الإسلامية والتي منبعها ومركزها أمريكا وإسرائيل كالحركة البهائية التي نبتت ونشأت في مدينة عكا الفلسطينية تحت الرعاية الإسرائيلية للطعن في ديننا وفي هويتنا الإيمانية وتدعو إلى الكفر بالإسلام في استهداف عدواني شيطاني، وكذلك ما تسمى بالأحمدية والتي تطعن كذلك في الدين وفي النبوة، وهناك كذلك النشاط الإلحادي والتبشيري في أشكال متعددة وخطيرة في حرب شرسة لاستهداف ديننا ومسخ هويتنا الإيمانية”.

وشدّد السيد القائد على ضرورة أن يكون أبناء الأُمَّـة مدركين لطبيعة هذا المُخَطّط وهذه الحرب الشيطانية والتصدي لها بكل قوة، من خلال التحصن بالمبادئ والقيم الدينية العظيمة والتحرّك في مسار التوعية بخطورة هذه المُخَطّطات العدوانية الشيطانية.

كما أشار السيد عبدالملك إلى خطورة الاستهداف الأخلاقي وانتشار الفواحش والمفاسد والعلاقات غير الشرعية بين أبناء الأُمَّـة التي تعمل على تدمير وتمزيق المجتمعات الإسلامية، الأمر الذي يحتم على الجميع الانتباهَ لمثل ذلك، خَاصَّةً مع انتشار أنظمة التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الكثير خَاصَّةً في أوساط الطلاب والطالبات دون وعي ولا مسؤولية، مردفاً “لذلك يجب حماية المجتمع الإسلامي وتحصينه، خَاصَّةً أن هناك من يحاول بشتى السبل أن يفسد ويدمر الروابط الإسلامية, كما أن هناك من يحاول جاهدا كسر إرادة هذه الأُمَّـة من خلال تصوير أمريكا وإسرائيل وعملائهم وأدواتهم كالسعوديّة والإمارات بأنهم القوى التي لا تُقهر, من خلال زرع الخوف والياس وهزيمة الأُمَّـة نفسياً ومعنوياً وتجريدها من كُلّ قواها ومن إيمانها وثقتها بالله تحت عناوينَ متعدّدَة وكل ذلك يأتي أَيْضاً في إطار الحرب الناعمة”.

وتابع السيد القائد بالقول “يعمل الأعداء على صرف أبناء الأُمَّـة نحو أشياءَ تافهةٍ لا قيمة لها وصرف الناس عن مسؤولياتهم الحقيقية الإيمانية, يريدون أن تكون الأُمَّـة كبني إسرائيل الذين استباح فرعون كُلّ شيء لديهم واستحيى نساءهم وصبروا على كُلّ شروره، لكنهم قالوا لن نصبر على طعام واحد، مما يحتم على الجميع التصدي لهذه الحرب الشيطانية ثقافياً وعلمياً وتوعوياً وإعلامياً”.

 

مرور ثلاث سنوات على العدوان

ودعا قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، إلى التفاعل الشعبي مع فعالية الاثنين القادم التي سيحييها اليمنيون من خلال الحشد الشعبي الكبير في ميدان السبعين بمناسبة مرور ثلاث سنوات من القتل والاستهداف والظلم الذي يمارسه تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن، في محاولة فاشلة ويائسة لكسر إرادة الشعب اليمني العظيم، الذي نال شرف الصمود أمام هذا العدوان بالرغم من التضحيات الكبيرة التي قدمها على مدى الثلاث السنوات الماضية.

 

أزمة الغاز

كما تحدث السيد القائد عن ما يعانيه الشعب اليمني جراء الأزمة المفتعلة في انعدام مادة الغاز المنزلي والتي تعاني منها العاصمةُ صنعاءُ وبعض المحافظات, ملقياً اللومَ على الجهات المختصة التي عليها أن توضح للناس عن السبب ومن افتعل هذه الأزمة ومن يحارب الشعب اليمني في قوته, وأوضح قائلاً: “الغاز كما يعرف الجميع يأتي من مأرب وكانت شركة الغاز سابقاً هي المسؤولة عن توزيعه لكن مرتزقة العدوان عملوا على تعطيل هذه الشركة حتى أصبحت مشلولةً عن أداء مهامها، وبعدها تحول الدور على التجار الذين منهم الكثير من الجشعين والانتهازيين ومصاصي دماء الشعب اليمني, ممن استغلوا حاجة الناس لهذه المادة بمبرر أن هناك قطاعاتٍ في خطوط الإمداد في المناطق التي تقعُ تحت سيطرة تحالف دول العدوان ومرتزقتها”.

وشدّد على ضرورة تحرّك الجهات الرسمية بواجبها وأن يكون هناك تحرُّكٌ رسمي وشعبي لمواجهة من يفتعل هذه الأزمات بكل قوة وحزم والتبليغ عن التجار الذين يحتكرون مادة الغاز.

وحذّر السيد عبدالملك التجارَ ممَّن يحتكرون هذه المادة قائلاً “عليهم أن يتقوا الله في هذا الشعب، وإلا سيكونون في خصومة مع الشعب اليمني، وعليهم أن يتحملوا تبعاتِ أفعالهم”.

وفي ختام كلمته أشاد السيد القائد بصبر وصمود الشعب اليمني أمام مختلف التحديات التي تواجهه.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com