اليمن يقتحم العامَ الرابع بمعادلات استراتيجية رادعة
علي ظافر
يدخُلُ اليمنُ العامَ الرابعَ من العدوان بمروحة واسعة من الخيارات الاستراتيجية الرادِعة لقوى العدوان، وقد كشَفَ قائدُ الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه التأريخي عشيةَ الذكرى الثالثة للعدوان عن عدد من معادلات الردع ختم بها خطابه كفاتحة لعامٍ جديدٍ من الصراع والمواجهة لقوى العدوان، بمنظومات صاروخية متطورة، متنوّعة وقادرة على اختراق كُلّ أنواع أنظمة الحماية الأمريكية، بالإضَافَة إلى طائرات مسيّرة على مدى بعيد، وبتفعيل غير مسبوق للمؤسسة العسكرية، والمعادلة والرهان كله على الله وحده في التأييد والنصر.
وبقدر ما ستُعطيه هذه المعادلاتُ من جرعة معنوية كبيرة للشعب وتبعث الأملَ والطمأنينةَ لديه، وتعزّزُ الروحَ الثورية التوّاقة لصناعة يمن مستقل مستقر، فإنها حتماً ستزيدُ العدوَّ خشيةً إلى خشيته من تعاظم القدرات الدفاعية اليمنية، وتزيدُه حسرةً، ويقيناً بفشله في تحقيق أهدافه التي أعلنها قبل ثلاثة أعوام.
إلى جانب القوّة والحضور العسكري في ما يقارب خمسين جبهةً، ثمة حضورٌ شعبي قوي لم تغيّره نوائبُ الدهر ولا جرائم التحالف، فالشعب يخرج اليوم بذلك العنفوان الذي خرج به في اليوم الأول من العدوان إنْ لم يكن اليوم أكثر قوةً وحضوراً، ومن يراقب المشهد اليمني، ستعزز لديه هذه القناعة.. فالمشهد اليماني الذي رسمه الشعبُ في ميدان السبعين يمثل رسالةً بالغةَ القوة بعيدة المدى تماماً كصواريخ اليمن وأبعد، كما يمثّل استفتاءً شعبياً بتأييد خيارات الجيش واللجان الشعبية والقيادة السياسية في صنعاءَ، وهو بالمناسبة يتزامَنُ مع وجود المبعوث الدولي الجديد في العاصمة صنعاء، ورسالة بالغة للمجتمع الدولي الذي يدعم “الشرعية المحتجزة” في فنادق الرياض، ورسالة إلى أولئك المرتزقة الذي خُدعوا ووجدوا أنفسهم في معسكر العدوان مُهانين، يعيشون حالةَ الإذلال والامتهان وفقدان الكرامة، كما أن حضورَ اليوم سيكونُ أبلغَ تأثيراً من تلك الصواريخ التي تُطلَقُ على عواصم العدوان، فهذه ضربة جماهيرية بالستية تؤكد للعام الثالث على التوالي بأن الشعب اليمني لم يضعف ولم يَهُنْ ولن يستسلمَ مهما بلغت معاناتُه ومهما استمرَّ العدوانُ والحصار.
رهانُ العدو إذن على استمرار أَمَد الحرب؛ بغية إضعاف الجيش واللجان الشعبية وَإضعاف الحاضنة الشعبية لهما، رهانٌ خاطئ وفي غير محله، فطولُ أَمَد الحرب -كما أثبتت الأعوامُ الثلاثةُ- يُكسِبُ اليمنيين المزيدَ من أوراق القوة، ويؤهِّلُهم لبناء قدرات دفاعية رادعة ما كانوا ليصلوا إليها لولا الحاجةُ التي فرضها العدوان، وفي المقابل يفقد العدو رُشدَه وأوراق قوته، ويمر بحالة غير مسبوقة من التفكك والتشرذم والتباين واختلاف الرؤى والصراع، فـ “التحالف” عاماً بعد عام يتآكل وينقسم على نفسه على مستوى الدول، ويتفكك على مستوى المجاميع التي جنّدها وغرّر بها، وقد كان السيد واضحاً في إشارته للواقع الذي تعيشُه المحافظات الجنوبية تحت سيطرة المحتل، وما يمر به المواطنون هناك من حالة فقدان للكرامة والسيادة والأرض، وما تعيشُه المحافظات الجنوبية من حالة الفوضى وَانعدام الاستقرار، واحتدام الصراع بين الجماعات المسلحة المتعددة الولاءات والتوجّهات كنموذج يريدُ له العدوانُ أن يعُــمَّ اليمن، وأنّى لهم ذلك..
التحية كُلّ التحية لأولئك الشهداء والجرحى والمقاتلين الذي يحرُسون اليمن وسيادتَه وكرامةَ أبنائه ولا يزالون.
والتحية للشعب اليمني العظيم الذي ما وهن عزمُه ولا انكسر عودُه، ولا خفت جذوةُ ثورته.. وشعبٌ بهذه المؤهلات جديرٌ واللهِ بالنصر.