مئات آلاف الفلسطينيين يخرجون في ذكرى “يوم الأرض” وناطق جيش الاحتلال يستعين بفتاوى علماء الوهابية السعودية بتحريم المظاهرات

المسيرة | فلسطين المحتلة

خرج مئاتُ الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، أمس الجمعة، في مسيراتٍ ومظاهراتٍ جماهيرية كبيرة؛ إحياءً للذكرى الثانية والأربعين لـ “يوم الأرض” متجاهلين تصريحات ناطق الجيش الصهيوني، التي استعان فيها بفتاوى مشايخ الوهابية السعودية لتحريم تلك المظاهرات ووصفها بأنها “ليست من عمل المسلمين”!.

ويُحيي الفلسطينيون ذكرى يوم الأرض في الـ30 من شهر مارس كُلّ عام، وتعود أحداثُ هذه الذكرى إلى عام 1976م، حيث قامت سلطاتُ الاحتلال الصهيوني بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، وقد خرج الفلسطينيون حينها بتظاهرات حاشدة اعتراضاً على ذلك، ودخلوا في مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، ما أدّى إلى استشهاد وإصابَة عدد منهم، ومنذ ذلك الحين يعتبر “يوم الأرض” حدثاً محورياً هاماً في تأريخ القضية الفلسطينية.

 

العودةُ الكبرى

مسيرةُ “العودة الكبرى” في قطاع غزة، كانت على رأس قائمة الفعاليات التي أحيا بها الفلسطينيون ذكرى يوم الأرض، أمس، وقد تم التجهيزُ للمسيرة على مدى أسابيع، ودعت إليها القوى الفلسطينية في أَكْثَـرَ من منطقة، وقد خرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين في تلك المسيرة صوبَ الحدود الشرقية للقطاع، فيما كانت قوات الاحتلال تنتظرُهم مدججةً بكل أنواع السلاح، بعد أن أعلنت المنطقةَ الشرقية المتاخمة للقطاع منطقةً عسكريةً مغلقة.

10 شهداء وأَكْثَـرُ من 1200 جريح من المتظاهرين الفلسطينيين سقطوا برصاص جنود الاحتلال، حتى لحظة كتابة هذا التقرير، بحسب بيانات لوزارة الصحة الفلسطينية ومعلومات من مصادر محلية، وقد ذكرت المصادر المحلية أن قوات الاحتلال استهدفت المتظاهرين بالرصاص الحي إلى جانب قنابل الغاز والقنابل الصوتية، خلال المواجهات العنيفة التي دارت هناك.

وأشارت المصادر إلى أن عشراتٍ من الشبان الفلسطينيين المتظاهرين تمكّنوا من اجتياز السياج الحدودي شرق القطاع، بالرغم من الرصاص الكثيف التي أطلقته قوات الاحتلال الصهيوني عليهم، وأشارت المصادر إلى أن تقدم الشبان الفلسطينيين الذين اجتازوا السياج، أجبر قناصة الاحتلال على التراجع.

وشارك في المسيرة قياداتٌ من فصائل المقاومة الفلسطينية، من ضمنهم رئيسُ المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، والذي وصف المسيرة بأنها “بداية للعودة إلى كُلّ الأراضي الفلسطينية”.

وأضاف هنية خلال مشاركته في المسيرة أن “الشعبَ الفلسطيني خرج ليقول لا للرئيس الأميركي وصفقته” مؤكداً أنه “لا تنازلَ ولا تفريطَ ولا اعتراف بإسرائيل على شبر من أرض فلسطين ولا حل إلا بالعودة”.

وبالتزامن مع مسيرة العودة الكبرى، خرجت مسيراتٌ حاشدة شارك في مناطقَ عدة من الضفة الغربية المحتلة، شارك فيها عددٌ كبيرٌ جداً من أبناء الشعب الفلسطيني؛ إحياءً لذكرى يوم الأرض، وتأكيداً على حق العودة إلى كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأفادت مصادرُ فلسطينيةٌ، أن عشراتِ الآلاف من الفلسطينيين توجّهوا، أمس، إلى المسجد الأقصى المبارك، بالرغم من كثافة الحواجز التي وضعتها قوات الاحتلال، بعد دعوات نفير متعددة أطلقت، أمس الأول لأداء صلاة الجمعة في المسجد، ردا على دعوات منظمات الهيكل المزعوم.

كما توجّه الآلافُ من الفلسطينيين متقدمين بمسيرة كبرى نحو الحاجز الإسرائيلي في البيرة، وواجهتهم قواتُ الاحتلال بقنابل غازية، فيما أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني، أن 9 فلسطينيين أُصِيْبوا بالرصاص المطاطي وأَكْثَـر من 50 آخرين أُصِيْبوا بحالات اختناق، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال قرب حاجز بيت إيل ونعلين والمزرعة الغربية وقصرة بالضفة الغربية.

وخرجت تظاهرةٌ فلسطينية حاشدة أَيْضاً في منطقة عرابة بالجليل، كما خرجت تظاهرات أُخْـرَى في كُلٍّ من باب الزاوية في الخليل وعلى المدخل الجنوبي لمدينة أريحا، إضافةً إلى مسيرة كبيرة خرجت من مدينة سخنين في الجليل باتجاه مدينة عرابة، إحياءً لذكرى يوم الأرض الفلسطيني، وتأكيداً على حق العودة إلى كامل الأراضي الفلسطينية.

 

الوهابية السعودية.. مرجعية الاحتلال لـ “تحريم” المظاهرات

قبل خروج المظاهرات الفلسطينية لإحياء يوم الأرض، ظهر الناطق الرسمي باسم جيش الاحتلال الصهيوني، أفيخاي أدرعي، في مقطع فيديو على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، تحت عنوان “ماذا كان ليقول فقهاء الإسْلَام عن مسيرة الفوضى.. هذه فوضى مش عودة”.

ولجأ أدرعي في الفيديو إلى الاستشهاد بفتاوى لـ “مشايخ” تابعين للوهابية السعودية، تقضي بتحريم المظاهرات، واستخدم تلك الفتاوى في إطار التحذير من المشاركة في مسيرة العودة الكبرى، التي أطلق عليها “مسيرة الفوضى”.

وقال أدرعي في ذلك الفيديو إن: “الشيخ صالح الفوزان قال إن المظاهرات والاعتصامات ليست من عمل المسلمين ولا عرفت في التأريخ الإسْلَامي وهي من أمور الكفار لا يرضى بها الإسْلَام”.

ولم يكتفِ أدرعي بذلك، إذ أضاف قائلاً “أما الشيخ ابن عثيمين فقال إن الاعتصامات والمظاهرات شر؛ لأنها تؤدي للفوضى”. والفوزان وبن عثيمين هما من أَكْبَـر مراجع الوهابية السعودية.

كما نشر أدرعي على صفحته صورًا لكلاب قال: إن جيش الاحتلال درّبها لمواجهة المتظاهرين الفلسطينيين بقطاع غزة، في إفلاس واضح، ينُمُّ عن مدى همجية الاحتلال وكل من يطبعون معه.

ويصادف أن تصريحاتِ أدرعي تزامنت مع اعترافٍ أدلى به وليُّ العهد السعودي محمد بن سلمان لصحيفة واشنطن بوست قال فيه إن المملكة السعودية نشرت الوهّابية بطلب من حلفائها الأمريكان لمواجهة الاتّحاد السوفيتي في فترة الحرب الباردة، وهو ما يوضح تماهيَ النظام السعودي مع المشروع الأمريكي الصهيوني، فعلاوة على كون الوهابية منتجاً استخباراتياً كان له الدور الأَكْبَـر في تشويه صورة الإسْلَام، ها هي أصبحت اليوم إحدى مرجعيات الاحتلال الصهيوني لمواجهة المقاومة الفلسطينية.

وتتزامن المظاهرات الفلسطينية، مع زيارة بن سلمان إلى أميركا، ولقاءاته بشخصيات يهودية، ومنظمات وشركات مرتبطة بقيادات كان لها دورٌ في دعم الكيان الصهيوني في احتلاله لفلسطيني وارتكابه مجازرَ بحق أبناء الشعب الفلسطيني، ويأتي ذلك ضمن خطوات صريحة يتبّناها بن سلمان في إطار التطبيع مع الكيان الصهيوني ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية بدعوى الانفتاح.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com