الوهَّـابية وحش يتقنع
عساسي عبدالحميد
يظُــنُّ العديدُ أن ابن سلمان بفتحِه لدُور السينما أمامَ شباب السعوديّة والاختلاط بين الجنسين، وَسماحه للقوارير بسياقة السيارات في شوارع المملكة، وحبسه لأبناء عمومته وتصويرهم للرأي العام بالفاسدين الذين صنعوا ثرائهم الفاحش باسم آل سعود.. يظن الناس أن ابن سلمان بصنيعه هذا قد وضع المملكة على سِكّة التحديث والانفتاح على المجتمعات الإنْسَانية، بدل التقوقع في كهوف وَشعاب مكة الرهيبة.
ولعلَّ أغربَ تصريح لابن سلمان هو ذاك الذي قال فيه لجريدة واشنطن بوست: إن المملكة العربية السعوديّة كان قد أجبرها الغرب بقيادة واشنطن لتبني الوهَّـابية كوسيلة مثلى للتصَـدّي للسوفيات أيام الحرب الباردة؛ ومنع تمدد الدب الروسي الطامح للاستحمام بالمياه الدافئة.
أما اليوم فقد حان الوقت لإحداث قطيعة مع هذه الوهَّـابية الظلامية المفلسة، فلا لزوم لنا بها اليوم بعد أن صارت مفقسة للحريصين على تفجير أشلائهم بين المدنيين للظفر بالحور العين.
وفي تصريح آخر مقتطفٍ من حوار أجرته معه مجلة التايم الأمريكية، حذّر ابن سلمان الغربَ الذي كان مشايخُ مكة وإلى عهد قريب يصفونه بدار الكُفر والغرب الصليبي الكافر، من أن على العالم أن يأخذ حذره من الإسْلَاميين؛ حتى لا تتحول أوروبا مستقبلاً لإمارات إسْلَامية إخوانية، ومرتع لتفريخ الإرْهَاب..
غريبٌ أمرُ هذا الغرب الصليبي الكافر، بالأمس قام بإجبار السعوديّة على تبني الوهَّـابية لمحاربة الفكر الشيوعي الملحد، وَاليوم يجبرها على دفع الجزية وإحداث قطيعة مع ابن تيمية وابن عبدالوهَّـاب وابن باز، وَقد تكون السعوديّة مجبرة غداً على فتح شواطئ للعراة في جدة وينبع، وخمارات وصالات للقمار في مكة والمدينة للترفيه والتسلية.
والحالُ أن الوهَّـابيةَ بالنسبة للسعوديّة هي بمثابة سم زعاف بين زعانف وَأنياب ثعبان أقرع مخيف، وَتجريد أفعى الصحراء القاتلة من سمها سيمنعها من اصطياد فرائسها وَالدفاع عن بيضها بين كثبان الرمال الحارقة وَشقوق الصخر الأصم.
يستحيلُ لحاكمِ ينحدر من سُلالة الملك عبدالعزيز آل سعود أن يتخلّى عن المرجعية الوهَّـابية؛ لأنها الهواء الذي يتنفسه معظمُ الشعب السعوديّ أَوْ بالأحرى قبائل نجد وَالحجاز؛ ولهذا لا يمكن للحداثة أن تطلَّ برأسها إلّا بعد تدمير قلعة الدرعية وسقوط حكم الضباع.
حالُ ابن سلمان اليوم كحال وحش مفترس يتقنعُ بقِناع الفضيلة ليغري من يحيط به بأنه وضع حدا لوحشيته وتغوله، ولا نظن أن العالم سيصدقه.