ما الذي أرادهُ الشَّهيدُ المؤسّس؟
هنادي محمَّد
- لم يبنِ الشَّهيدُ القائدُ السَّيد حُسين بدر الدِّين الحوثي “رضوان الله عليه” مشروعَه الإيْمَانيّ الجهاديّ العَمليّ المتمثّل بـ (المسيرة القُرآنية المُباركة) في ليلةٍ وضُحاها بحيث كان وليد يومهِ ولحظته..!
ولم يؤطّرهُ بحدودٍ معيّنة..!
بل انطلق بهِ بعدَ تأمُّلٍ للواقع ومراقبة لما تعيشهُ الأمَّةُ من ضياعٍ وتيهٍ وضلال، وبعد النَّظر لواقع العدو بعينِ القُرآن ومعرفة ما يُخطط لهُ للنيل من المسلمين في حربهِ للإسلام، وبعد النَّظر لسياسة الأنظمة الحاكمة وكيفيّة زجِّها لشعوبها فيما هي في غنىً عنه، مُظهرةً التَّسليمَ المُطلقَ لقِوى الشَّر على حسابِ عزة وكرامة واستقلال وثروات ومقدرات الأمَّة، وبعد التَّشخيص للمُسببات التي انتجت كُل هذا تبيّن أنَّها : ’’الثَّقافاتُ المَغلوطة والعقائد الباطلة وانعدام المعرفة بالله وتشوّه النَّظرة إلى الدين حينما قُدِّمَ ناقصاً وقصور الوعي بمضامين المنهج الإلهي كدستور حياة…“.
حينها.. عَمِلَ الشَّهيدُ القائدُ جِاهِداً على تصحيح الواقع بدءاً من إعادتهِ لصياغة النُّفوس واحيائها وإيقاظِ مشاعرها التي أماتها الانفصالُ عن الله والإعراض عن توجيهاته ؛ وذلك عن طريق تقديمهِ لمحاضراتٍ مُتفرِّقة سُمّيت بـ ”دروس من هدي القرآنِ الكريم“، داعياً فيها الأُمَّةَ إلى ضرورة العودة الجادة والصَّادقة إلى كتابِ الله وخلع رداء التَّديُّن الشَّكلي الذي ضرب النُّفوس وضرب جوهر الدّين المحمَّديِّ الأصيل وجعل المسلمين لُقمةً سائغة وسهلة الهضم من قِبَلِ أعدائِهم، مُرشِداً إلى الحلولِ والمُعالجاتِ والَّتي في مُقدِّمتها مُناهضة مشاريع قِوى الاستكبار العالميّ بخطوةٍ عمليةٍ موجعةٍ وقاصمة تمثَّلت بـ ”مُقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية“، واتخاذ موقف صارخ ومُعلن مما يعْملونهُ من استحلالٍ للمقدَّسات وسفكٍ للدماءِ وتدمير للأرض، موقف يُعبر عن هوّية الأمّة والذي تمثَّلَ بِهُتاف وشِعار البراءة من هؤلاء الأعداء والذي اقتصر على خمس عبارات هي : ”اللهُ أكبر ـ الموت لأمريكا ـ الموت لإسرائيل ـ اللعنةُ على اليهود ـ النَّصرُ للإسلام“.
لم ينطلق السَّيدُ حُسين مُحارباً ولا مُقاتلاً ولا مُخرِّباً، إنَّما انطلقَ مُرشِداً وموعِّظاً وداعياً لله ولكتابه ؛ ونظراً لِعِظمِ الفكر القرآني الذي تمتَّع به وحمله وما أحدثهُ من صلاحٍ اكسب النَّاس وعياً عالياً وأعادهم إلى فطرتهم وانتمائهم وقيمهم ومبادئهم كمسلمين فبدأ التَّغيير في الواقع يُلحظ.. أبى الشَّيطان الأكبرُ “أمريكا” وربيبتها “إسرائيل” إلّا أن يخمدوا روح الإيْمَان الذي تجدد، ويطفؤوا نور البصيرة التي نفذت وانبثقت، ويُغلِقوا الأفواه الَّتي تحدَّثت بما يَكرهون ؛ فَضربت بِعصاها الغليظة النِّظام الحاكم ـ آنذاك ـ فانصاعَ تنفيذاً لتلك الرَّغبة الجُهنَّمية وشنَّ حربهِ الظَّالمة اللا إنسانية واللا مشروعة والتي امتدت واستمرت لسِتِّ حروب قطَّعت الأجساد إلى أشلاء، وحوَّلت المنازل إلى فُتات، وشوَّهت كلَّ جميلٍ في تلك الأرض الشَّامخة ؛ لكن الحق الذي تحرَّكَ به الشَّهيد القائد، الحق بقوّته وجاذبيته وكماله وبمنطقهِ الصَّائب ورؤيتهِ النَّافذة ؛ تمكَّن من كسر جبروت وطغيان تلك العصا الغليظة فتحولت إلى هشَّةٍ تذروها الرِّياح..!
ولأنَّ الحقَّ قُرِنَ بالله وبتأييدهِ ومعيَّتهِ ونصرهْ استطاع أن يَثْبُت رغم كُلّ الجِراح والتَّضحيات التي في مقدمتها دمُ فدائي الحق ”السَّيد حسين رضوان الله عليه“، وبفضل ذلك الدم وكل الدماء الزَّكية الطَّاهرة التي ناصرته عمَّ نور الله في أرضه رغم كره الكافرين وحروبهم.
صَمَدَ هذا المشروع، بدءً من الحروب الست، وصولاً إلى العام الرَّابع من العدوان السعوصهيوأمريكي، وهنا نجد حلقة الوصلِ بينهما والسَّرَّ المستودعَ لقوّةِ الثَّبات وعظمة الموقف وجسيم التَّضحيات وجزيل العطاء، ألا وهو تشرُّب الشَّعب من ذلك الفكر وتلك الثَّقافة التي واجه صاحبها ترسانة الكفر ليوصلها إلينا ولم تمنعه لا صواريخ ولا طائرات ولا تهديد ووعيد من أن ينشر هدى الله، فبنى بها أمةٌ وشعبٌ يعشق الشَّهادة في سبيل الله ويأبى إلّا أن يعيش بكرامة ومستعدٌ لأن يصمد حتى يوم القيامة..
فَسلامُ الله ورحمتُه ورضوانُه عليك سيدي يا حُسينَ العَصر..
وإنَّا على العهد والوعد ماضون ولو حاربنا العالم بأسره لن نهون..
والعاقبـةُ للمتقيـن.