جريمة لا تُغتفر يعجز اللسانُ عن وصفها
المسيرة : استطلاع
العالَــمُ شاهَدَ الصورَ التي أظهرت الدمارَ الكبيرَ الذي لحق بالمنازل والعمارات والمحلات التجارية وسيارات المواطنين جراء الغارات العدوانية التي استهدفت حيَّ التحرير، لكن جانباً آخرَ من الجريمة لم يحظَ بالاهتمام اللازم، وهو أن الغارات استهدفت منطقةً تتوسط ثلاث مدارس حكومية ومدرسة خَاصَّـة أثناء أداء التلاميذ والطلاب للامتحانات، الأمر الذي خلّف حالةً من الرعب والهلع، خصوصاً في صفوف الأطفال منهم وكذا سقوط ضحايا منهم.
وفي هذا السياق قالت الأستاذة سلوى العولي -مديرة مدرسة أروى للبنات بمديرية التحرير- في تصريح لصحيفة “المسيرة” بأن الغارة كانت عنيفة جداً وجاءت في وقت انتشار طلاب وطالبات المدارس بشكل كبير في الشوارع عقب انتهائهم من تأدية الامتحانات، لافتة إلى أن بواباتِ مدرسة أروى للبنات كانت قد فتحت أبوابَها لمغادرة طالبات المرحلة الأساسية والثانوية قبل حدوث الضربة الأولى بعشر دقائق، وكانَ أغلب الطالبات في طريقهن للعودة إلى منازلهن بعد الامتحانات، فيما كان هناك القليلُ منهن لازلن داخل قاعات الامتحانات يضعن اللمسات الأخيرة على ورقة الإجابة، ما سبَّبَ حالةً من الهلع والرعب لديهن جراء تطاير الشظايا والغبار بكثافة إلى داخل المدرسة وسبّبت أضراراً مادية.
وكشفت مديرة مدرسة أروى للبنات عن نجاة إحدى طالبات المدرسة بالصف الخامس الأساسي وتدعى تسنيم العريقي من الموت المحقّـق بعد أن غادرت المدرسة صوب منزلها الواقع خلف مكتب رئاسة الجمهورية، وعندما وصلت إلى جوار السور فوجئت بالغارة الأولى قريباً منها لتجدَ نفسَها مدفونةً بالغبار وسط الطريق الرئيسي وقد تم إسعافها بعد ذلك من قبل المواطنين إلى مستشفى الثورة في حالة صحية حرجة، ما سبّب لها انقطاعَ التنفس؛ ما اضطر الأطباء إلى عمل ثقب من الصدر وإجراء قسطرة لها من أجل التنفس الاصطناعي.
وأشارت الأستاذة سلوى العلوي، إلى أن الطالبة تسنيم العريقي كانت تعيش فرحه كبيرة قبيل مغادرتها المدرسة؛ كونها أكملت أمس آخر مادة في الامتحانات ولكن فرحتها لم تكتمل؛ بسبب جريمة العدوان التي استهدف فرحتها كما استهدف أرواح العشرات بالقرب منها، متمنية أن لا يكون هناك تبعات نفسية سيئة على الطالبات اللاتي لا زال لديهن امتحان اليوم الثلاثاء من المراحل الأساسية والثانوية، لافتةً إلى أن ما حدث جريمةٌ لا تُغتفر يعجُزُ اللسانُ عن وصفها.
الخسائرُ والأضرارُ الكبيرة تكشِفُ حجمَ الصاروخ أَوْ القنبلة المستخدَمة
إلى ذلك، قال الدكتور علي يحيى شرف الدين –مدير ثانوية جمال عبدالناصر للمتفوقين-، في حديث لصحيفة المسيرة: إن طلابَ المدرسة والكادر التدريسي فوجئوا عند تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح أمس الاثنين وأثناء ما كانوا يؤدون عملية الامتحانات النهائية داخل القاعات بالغارة الأولى التي وصلت شظاياها إلى داخل المدرسة بشكل مهولٍ وأحجام كبيرة تُسبِّبُ الموت وأدَّت إلى تدمير زجاجات النوافذ بالمدرسة، الأمر الذي سبب حالة من الهلع والخوف والذعر في صفوف الطلاب، ما أدّى إلى تدافعهم بقوة داخل الساحة وعلى السلالم.
وأوضَـحَ الدكتورُ شرف الدين في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة”، بأن الشظايا المتطايرة أصابت أحدَ طلاب المدرسة ويُدعَى شهاب مهدي المقرمي – من الصف الثاني الثانوي، حيث وقعت على رأسه، ما سبب له نزيفاً حادثاً أسعف على إثره إلى المستشفى الجمهوري لإعطائه قِرَب دم قبل أن يتم نقلُه إلى المستشفى الأوروبي؛ بسبب ازدحامِ الحالات المصابة داخل المستشفى الجمهوري جرّاء جريمة العدوان بحق المدنيين في منطقة التحرير أمس.
وكشف مديرُ ثانوية عبدالناصر للمتفوقين عن استشهاد أحد الطلاب في الأحياء القريبة من مكتب الرئاسة لم يتضح للآن إلى أية مدرسة ينتمي، بالإضَافَة إلى العشرات من الشهداء والجرحى المدنيين، موضحاً بأن الضربة كانت كبيرة جداً وسببت أضراراً جسيمة، ما يؤكّـد حجم الصاروخ أَوْ القنبلة الكبير التي استخدمها العدوان في جريمته تلك بحق منطقة مكتظة بالسكان والدَّوائر الحكومية والمدارس، وبالتالي فإن التحرير هي قلب العاصمة صنعاء ومن الطبيعي تواجد المواطنين فيها بكثرة في ذلك الوقت.
وقال الدكتور شرف الدين: إنَّ العدوّ السعودي مجرمٌ بكل ما تعنيه الكلمة فهو لا يراعى إلاًّ ولا ذمّةً، ولا يحترم النفس البشرية ولا المواثيق الدولية والإنْسَـانية ولا يعرف أخلاقيات الحرب والسلم، محملاً دول تحالف العدوان والأمم المتحدة والدول المتواطئة مع هذا العدوان مسئوليةَ ما يحدثُ في اليمن من حرب إبادة استهدف البشر والحجر والشجر، مبيناً أن كل تلك الجرائم لن تمرَّ دون عقاب ومحاسبة ولن تسقطَ بالتقادم.
استهدافُ المدنيين الأبرياء دليلٌ على هزيمة العدوّ في ميدان المعركة
بدوره، أوضح الأستاذ عبدالله علي الوهبي -مدير مدرسة سيف بن ذي يزن بمديرية التحرير أمانة العاصمة-، أن جريمةَ استهداف منطقة التحرير، أمس الاثنين، كانت مروّعةً وليس لها مثيلٌ على الإطلاق، مندِّداً باستهداف العدوان لحي سكني مكتظ بالمواطنين الآمنين وليست منطقة عسكرية.
وقال الأستاذ الوهبي في تصريح خاص لصحيفة “المسيرة” بأن الغارة الأولى جاءت في وقتِ انتهاء طلاب المرحلة الأساسية من أداء امتحانات الفترة الأولى وبدء امتحانات المرحلة الثانوية في الفترة الثانية، والتي كان قد تم توزيع ورق الأسئلة داخل القاعات ليتفاجأ الجميعُ بضربة قوية مرعبة عند حوالي الساعة العاشرة والنصف، ما أدّى إلى تطاير الشظايا والحجارة بأحجام كبيرة، بالإضافة إلى الدخان الكثيف إلى داخل المدرسة، ما سبب حالة من الذعر والخوف لدى الطلاب.
وأشار مدير مدرسة سيف بن ذي يزن القريبةِ من مكتب رئاسة الجمهورية المستهدَف بغارات العدوان، إلى أن خوفَه من تعرُّض الطلبة للأذى جعله يقومُ بإنزالهم جميعاً إلى الدور الأول حفاظاً على صحتهم بعد أن تحولت المدرسة إلى مدخنةٍ ووجود شبه اختناقات في صفوف الطلاب وتحسُّـباً لاستهداف مباشر قد تتعرَّضُ له المدرسة من قبل العدوان السعودي الذي لم يعد يفرّق بين سوقٍ ومدرسةٍ وحفل زفاف وأماكن العزاء، وصار الجميعُ من أبناء اليمن هدفاً مباشراً لطيرانه.
وأَكّـدَ الأستاذُ الوهبي أنه قام بإلغاء الامتحانات أمس، وتمكّـن من إخراج الطلبة بعد أن هدأت الأمورُ وقبل حدوث الضربة الثانية بدقائقَ، مبيناً عدم وجود أضرار بشرية بين الطلاب والمعلمين، ولكن المدرسة تعرضت لأضرار مادية بالغة، لافتاً إلى أن إقدام العدوان على استهداف المدنيين الأبرياء ليس إلا دليلٌ عَلى هزيمتهم في ميدان المعركة، الأمر الذي يؤكّـد أن النصرَ قادمٌ وحتميٌّ للشعب اليمني مهما تمادى العدوّ في إجرامِه وغطرسته.
الجريمةُ جاءت متزامنةً مع امتحانات الطلاب والطالبات في المدارس
وإزاءَ الجريمة الإنْسَـانية التي استهدفت المواطنين في حي التحرير صباح أمس والتي لم يسلَمْ منها حتى الطلاب والطالبات في مدارسهم، قال الأستاذ محمد الحماطي -مدير مدرسة الوحدة للبنين بمنطقة التحرير التعليمية-: إنه ليس غريباً على العدوان قصفُ المدنيين والأماكن الآهلة بالسكان وإرعابُ النساء والأطفال.
وعبّر الأستاذُ الحماطي عن إدانته لهذه الجريمة التي جاءت متزامنةً مع امتحانات طلابنا في المدارس وسبّبت حالة من الهلع والخوف في وسط الطلاب والمجتمع، موضحاً بأن ارتكابَ العدوان السعودي لهذه الجرائم يعتبر مخالفة صارخة لكل الأعراف والقوانين الدولية والإنْسَـانية.