الصمود اليمني والتخبط الأمريكي
عبود شريان أبو لحوم
نحن في أنصار الله نؤمن يقيناً أن أمريكا هي العدو الأول وتشبعنا بهذا منذ الوهلة الأولى مع القائد والشهيد حسين بدر الدين الحوثي، بل إن منطلقات عملنا النضالي والتوعوي والثقافي والسياسي تعتمد على استراتيجية واضحة أن أمريكا هي مصدر القلق والخطر الوجودي على فكرنا وديننا وعروبتنا وقيمنا ومصالحنا واستقلال بلدنا. وهذا بين وبارز في ملازم الشهيد القائد وخطابات السيد القائد عبدالملك الحوثي حفظه الله وكل فرد في أنصار الله يعلم ذلك وينطلق في جهاده المتعدد لمنع الهيمنة الأمريكية ومقاومة الاستكبار والاستعمار العالمي، ونعرف يقينا أن الآخرين (السعوديّة والإمارات وغيرهما) ليسوا سوى أدوات ينفّـذون مشروع أمريكا والصهيونية.
لست هنا في حاجة كي أثبت أَوْ افضح كذب المرتزِقة وإعْـلَامهم الذين استماتوا في تكذيب حقيقة حرب أمريكا علينا وإيغالهم في خلق اليافطات المهترئة والساقطة عن أسباب الحرب على اليمن تارة بعودة الشرعية وحيناً آخر بالدفاع عن المقدسات وتارة بأمن المملكة وأخيراً بمواجهة إيران، فأمد الحرب وعظمة الصمود جعلتهم يكذبون بعضهم ويفضحون بعضهم البعض.
لكن ما يهمنا في هذا السياق هو محاولة استقراء دوافع أمريكا للخروج بإعلان تواجدهم في حدود المملكة دون سابق إشعار، خَاصَّـة مع حرص الدبلوماسية الأمريكية طيلة ثلاث سنوات على نفي أي تواجد عسكري لها في اليمن سوى تصريحات متواترة أنهم فقط يقدمون الدعم المعلوماتي واللوجستي للتحالف، لكن اليوم وبهذا الإيضاح الأمريكي عن تواجد جنوده في حدود المملكة مع اليمن يؤكّـد ما قاله السيد القائد مراراً ومنذ اليوم الأول للعدوان وكذلك قول الرئيس الشهيد بأن الحرب أمريكية وكونية حيث كان قد سبقهم البريطانيون في التواجد على الأرض.
هذا الإيضاح والإعلان يثير التساؤل عن دوافع التصريح الأمريكي وتمحيص الغايات الكامنة وراء هكذا تصريح وإعلان لا سيما وأمريكا تعتمد استخدام الوكلاء في تنفيذ استراتيجياتها؟.
بقراءة عميقة لفلسفة الإدَارَة الأمريكية الحالية وكذلك استراتيجيات أمريكا نحو الشرق الأوسط، وخَاصَّـة محور المقاومة -تلك الاستراتيجية – ترنو أمريكا منها إلى تمكين إسرائيل من الهيمنة وحلب دول الخليج وخلق كُـلّ المتناقضات الاثنية والعرقية والمذهبية والمصلحية… إلخ.
يمكن أن نفسر دوافع أمريكا للإفصاح عن مشاركتها في الحرب على اليمن بالنقاط التالية:
– بيان أن أمريكا تواجه المد والخطر الإيراني المزعوم في اليمن، وذلك يتبين من منطوق تصريح البنتاغون أن المهمة للجنود تتركز في رصد وتتبع مصادر إطلاق الصواريخ البالستية وتدمير مخازنها، وكانت أمريكا قد صرحت مراراً عن الدعم الإيراني الصاروخي، وبذلك تحاول الإدَارَة الأمريكية أن تقنع شعبها أن معاقبة إيران ووقف برنامجها الصاروخي مهم لضمان المصالح الأمريكية وأمن الحلفاء.
– صنع حدث يكون أحد المبررات لقرار ترامب المتوقع للانسحاب من الاتّفاق النووي مع إيران، ولن تكتفي أمريكا بذلك فقط، بل قد تصنع أحداثاً قبيل الإعلان ليكون القرار واجباً وليس فقط محط نقاش وقياس، “ولأمريكا باع طويل في صناعة الأحداث المفبركة والذرائع، وليس ببعيد ما روّجته أمريكا والغرب أن الأسد قد يستخدم الكيماوي على الغوطة قبل الحادثة بأسبوع ثم تعلن الحدث ومن ثم الضربة على سوريا. ولا يفوتنا التذكير بكذبة أسلحة التدمير الشامل العراقية.
– مرجح وبقُـوَّة أن هذا الإعلان هو إشارة أَكْثَـر صراحةً للسعوديّة لتكثّف العدوان، بل الأرجح أن الغايات تهيئة للتواجد الأمريكي الأوسع في أَكْثَـر من مكان في اليمن وليس الحدود فقط، ولنا هنا أن نستحضر تصريح السيد حسن نصرالله الذي قال: إن المعركة قادمة مع الأصلاء لا الوكلاء، وستكون الجزر اليمنية أول الأماكن ثم جبهة الساحل والحدود، وما مسرحية الإنزال الإماراتي، للأسلحة في سقطرى إلا تدشين لتواجد الأصيل بدلاً عن الوكيل، وليس الأمر كما يصورونه أنه صراع بين المرتزِقة والعملاء بن دغر والإمارات.
– رسالة واضحة وجلية أن لا سلامَ في المنطقة واليمن خَاصَّـةً، وأن مشروعَ قتل وإبادة اليمنيين وعلى نار هادئة أمر محسوم لا سيما وأن الوكلاء هزمتهم إرَادَة وصمود هذا الشعب والثقافة القُـرْآنية وتوفيق الله لعباده، وتأكيد أمريكي أن الحرب حربها.
– تأكيد وتصديق لقول ترامب إن بعضَ الحكومات لا يمكن أن تستمرَّ أسبوعاً دون حماية أمريكا، وهذا التصريح عن التواجد العسكري هو نتاجُ إصرار بن سلمان خلال زيارته الأخيرة وطلبه إعلان أمريكا مشاركتها في الحرب على اليمن؛ ليؤكّـد بن سلمان ما يدعيه عن محاربة إيران في اليمن والدعم الإيراني الصاروخي للحوثيين، وهذا يوكده منطوق تصريح وزارة الدفاع الأمريكية، وثمن هذا التصريح مليارات الدولارات، كما أن هذا التصريح محاولة لتخفيف مسؤولية السعوديّة عن الجرائم من جانب وتغطية فشلها وعجزها من جانب آخر.
– يأتي التصريح مع احتدام الصراع بين محور المقاومة وبيادق أمريكا ومعهم إسرائيل، مما يشير إلى أن اليمن كانت وما زالت موطناً لمساومة السعوديّة وابتزازها، وإشارة أن أي صوتٍ مناهض لأمريكا أَوْ إسرائيل مصيرُه التدمير، وهذه الارهاصات وتضخيمُ خطر إيران هي بهاراتُ طبخة صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية وتزعم إسرائيل للشرق الأوسط.
وبالرغم من السياقات المبينة لدوافع أمريكا يكشفُ التصريح عظمة الصمود اليمني بل يجعلنا أَكْثَـر شكراً وتعظيماً لله ونصره وتوفيقه، حيث أن صواريخَنا تصلُ إلى العُمق السعوديّ وباعتراف العدوان رغم التواجد التقني والحربي الأمريكي على الحدود، وهذا بفضل الله يزيدنا إيْمَـاناً بحنكة السيد القائد حين قال إن صواريخنا ستصلُ إلى أي مكان دون اعتراض.
وبنفسِ الوقتِ هي رسالةٌ إلى كُـلّ الجنود المخلصين أن كيدَ أمريكا وهيمنتها تتحطم أمام إيْمَـانكم وجلَدِكم وما تصنعه أيديكم، ومصداق لقول الله (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ).
ويقودُنا السياقُ للقول إن القائدَ والمشروع القُـرْآني والتربية الصادقة قد تجلت فيها ملامح النصر، وما هذا الاجماع من الكفر على حربنا إلا؛ لأنَّهم كانوا وما زالوا يؤمنون أن المسيرة القُـرْآنية هي العائق الوحيد أمام استكمال المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة، وهنا يتجلى لنا استماتة أمريكا عبر عملائها في وأد المسيرة في مهدها بقتلهم السيد القائد المُؤَسّس، لكن الله قوّض أحلامهم، فنهضت المسيرة بحكمة السيد القائد عبدالملك وأتباعه المخلصين فأضحت بفضل من الله أَكْثَـرَ قُـوَّة وصلابة واتباعاً، وتناطح المشروع الصهيوني الأمريكي بمقاومة ليس لها نظيرٌ في التأريخ على الإطلاق.
ولا مناص من القول: إننا وبحمدٍ من الله ندرك خططَ العدو وأجندته، وسنعد العُدَّة لمواجهتها، ولا خوفَ علينا طالما نحن بالله وبعروته معتصمون.
وندعو جميعَ الذي يتخطفهم الشيطانُ إلى قراءة ملازم السيد الشهيد وخطابات ومحاضرات السيد القائد عندئذ سيدركون قُـوَّةَ الحق والحكمة الربانية وسيستنبطون أننا نسير بهدي من الله وبقيادةٍ ارتبطت بالله ورسوله، فألهمها اللهُ التوفيقَ والتأييدَ وثبّت المجاهدين على الحق والصبر والعزم، فسطّروا آيات الله.
وللمرتزِقة اليومَ نقول: كشف سيدكم أمريكا كذبَكم ودجلَكم وبيّن رخصكم وهوانكم، وما كيدكم إلا إلى زوال، وأما نحن فإن انتصرنا فبتوفيق من الله وإن استشهدنا فحسبنا أنّا اطعنا أمرَ الله وسِرنا على هديه ولم نتخذِ اليهود والنصارى أولياءً من دون الله.