سنحان قبيلتُنا
صلاح الدكّاك
الكثيرون من ضُبّاط وأفراد الحرس الجمهوري الذي واظبت ميديا المعارضة وكُتّابها وساستُها على توصيفه بـ «الحرس العائلي والامبراطوري»، التحقوا بجبهات الدفاع عن الوطن وأبلوا بلاءً منقطعَ النظير، وبرَزَ من بينهم أعلامٌ ورموزٌ ملحميون في مضامير مواجهة تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ.
المفارقة الأدهى والأمرُّ، أنَّ هذه النخب (مجازاً)، والتي ظلت تطالِبُ بخروج المعسكرات من المدن للمرابطة على حدود البلد وفي ثغوره، تكشفت مع اندلاع ثورة أيلول 2014 عن محض عسس وحرس وبوابين وحَشَم في قصور وفلل سلطة الإقطاع الساقطة، ثم عن بيادق رخيصة تهاجم حدود الجمهورية اليمنية بمعية الجيش الملكي السعوديّ ومأجوريه مع بدء العدوان الأجنبي على اليمن.
تسربل الشهيدُ البطلُ أبو حرب الملصي ورِفاقُه البواسلُ من ضباط وأفراد الحرس الجمهوري، سماءَ الوطن والتحفوا ترابَها ذائدين عن الشرف والسيادة والكرامة اليمنية من أقصى الجمهورية إلى أقصاها، في حين خلع ياسين سعيد نعمان والعتواني والسقاف والمخلافي..، ونظراؤهم من بيادق وأقنان اليسار والقوميين سرابيل الدعاوى الوطنية والأُمَـمية الرنانة، وتسربلوا «سروال المليك المؤسس» وتعمدوا بأبوال نوق «نهيان»، وانخرطوا كبهلوانات وضاربي دفوف ونافخي أبواق في ألوية جيش الفتوحات الغلمانية بقيادة علي محسن الأحمر، وطارق عفاش وأبو العباس وشلال شايع وغزوان وسرحان وحمزة المخلافي،.. وغيرهم من مطعونين ولقطاء وولدان تكايا وعجائز بلاط وصبيان «كراجات»، أوكل إليهم تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ «ألوية الفتح والتحرير» في تعز ومحافظات الجنوب ومأرب وتهامة والشريط الحدودي.
أي «نظام» كان هؤلاء يهتفون لـ«إسقاطه» إذَا كانوا ينوحون اليوم أسفاً على كُـلّ أحجار هذا النظام المتناثرة بفعل ثورة أيلول، ويرون في سقوطه تحت أقدام المسحوقين والمستضعفين سقوطاً لـ «الدولة ومؤسساتها والجمهورية وأَهْـدَافها»!
أي «حرس عائلي» كان هؤلاء يستهدفون هيكلته لبناء بديل وطني، وهم يرون اليوم في أشرف وأطهر وأخلص ضباطه وأفراده للوطن مجوساً وروافضَ و«متبردقين»، ويشيدون بأقبح وأخبث وأنتن منتسبيه وأخونهم للعِرض والوطن بوصفهم أبطال تحرير، وعلى رأسهم «غلام الكوتشينة المحروقة طارق عفاش»!
أي «حمدي» كانوا يتهمون السعوديّة باغتياله، إذَا كانوا قد تقاطروا يلعقون أحذية المليك السعوديّ عن بكرة أبيهم؟!
إنَّ «قبيلة سنحان» التي عاشت مذمومةً في خِطاب الحداثة الدَّعية واليسار الوهابي تروي اليوم حياضَ الشرف الرفيع بسبعة أبحر من الدماء الطاهرة الزكية، وتقدم أعظم الهامات على مذبح الدفاع عن الوطن، بينما يعقر أحزاب الحداثة شعب أطفال ونساء وعمال ومدنيين تزلفاً لشهوة «شيوخ النفط» وعاهرات «البيت الأبيض وبركنغهام والشانزليزيه»، ويوسدون فقيرات تهامة وعدن والجنوب على فراش تحالف احتلال شذاذ الآفاق!
ما أبهظَ الضريبة التي قدمها ويقدمها شعبنا في سبيل استعادة ذاته الحقيقية الأصيلة قبل أرضه السليبة وهُويته القيمية الخالصة قبل ثرواته المنهوبة، وما أهونها ـ مع فداحتها ـ نظيرَ هذا التعافي والنهوض المقتدر من عثرة وعماء عقود الغيبوبة وعبادة أوثان الوهم والظنون الحسنة.