الاقتصاد السعوديّ يتلقى الضربات اليمنية: لبن أمريكا المسكوب!
ضرار الطيب
يتزايَدُ مؤخراً عددُ الأَهْـدَاف الاقتصادية السعوديّة التي تضربُها البالستيات اليمنية، وهذا يعطي بُعداً جديداً ومهماً للعمليات الصاروخية العابرة للحدود، فبالرغم من أن وصول الصواريخ إلى عُمق المملكة يعتبرُ بحد ذاته ردعاً قوياً، إلا أن استهداف الاقتصاد السعوديّ يوجه ذلك الردع بشكل مباشر إلى العمود الفقري لنظام المملكة برمته، انطلاقاً من حقيقة أن السعوديّة، ليست في النهاية دولة قوية وإنما طفرة ثروات، منجم، أَوْ كما يروق لترامب أن يسميها: بقرة حلوب.
تستطيعُ السعوديّةُ أن تشتري المزيد من جيوش العالم ومرتزِقته وأسلحته، وإنْ كان هذا لا يفيدُها إلا في إطالة أمد الحرب الاستنزافية التي تواجهها، وليس في تحقيق النصر، لكن ليس من السهل عليها الآن تعويض اقتصادها، في ظل إدَارَة المدلل “بن سلمان” الذي يحمل هو بنفسه معولا كبيرا لهدم ذلك الاقتصاد.. كما أن العالم لن يمنح السعوديّة اقتصادا بديلا، مثلما يمنحها مرتزِقة يقاتلون بالنيابة عن جيشها.
بالتالي فإن توجيهَ النيران على اقتصاد السعوديّة- وإنْ بدأ بشكل محدود- يعادلُ الهزائمَ العسكرية التي تتكبدها في الميدان، وعندما يتوازى ضرب اقتصاد المملكة مع ضرب جيوشها في الجبهات، تصبح فرصة هذه المعادلة أَكْبَـر في تحقيق نتيجة حاسمة.
ومن هنا يمكن أن نرى بوضوح سبب مسارعة واشنطن لإعلان مشاركتها الفعلية في الدفاع عن السعوديّة، فضرع “البقرة الحلوب” لم يعد بالإمْـكَان حمايته خلف الاسوار العسكرية الهشة التي تسعى الرياض إلى تكثيفها بالجيوش المستوردة وفتح جبهات اضافية، وهذا الأمر يجر أمريكا من ربطة عنقها الأنيقة ويجبرها على الظهور في ميدان المواجهة بشكل اوضح، والقاء التهديدات بصوت اعلى؛ لأنَّ هذا اللبن الذي ينسكب، كان من نصيبها هي، وليس السعوديّة، فالبقرة لا تشرب حليبها عادة.
يمكننا أَيْـضاً أن نرى في ضوء ذلك، سبب التصعيد العسكري الذي تشهده جبهات القتال مؤخراً، في الساحل الغربي، وعلى الحدود، وقد أوضحت أمريكا أخيراً أن قُـوَّاتها تشاركُ ميدانياً في “حماية الحدود السعوديّة”، كما أنه من المعروف منذ البداية بأن أيَّ تحَـرّك للعدوان في الساحل يديره الأمريكان بصورة مباشرة وباهتمامٍ استثنائي.. ما يعني أن التصعيدَ الذي نتحدث عنه هو جزء من استماتة واشنطن في حماية ثروتها السهلة التي أَصْبَـحت أَكْثَـرَ عُرضةً للخطر في السعوديّة.
ولعلَّ عمليةَ اغتيال الرئيس الشهيد الصماد، جزءا من معطيات هذه الاستماتة الأمريكية الجديدة، خُصُـوْصاً وأن الاغتيال جاء متزامناً مع العمليات الصاروخية اليومية التي دشنها الصماد نفسه، والتي لوحظ فيها تكرار اسم “ارامكو” وَجملة “أَهْـدَاف اقتصادية أُخْـرَى”.. يمكن اخذ هذا بعين الاعتبار أَيْـضاً، بالرغم من أن شهية أمريكا لتصفية القيادات الوطنية، مفتوحة منذ البداية.
ترامب طبعاً لا يفكر في أن يحميَ السعوديّة كاستثمار دائم؛ ربما لأن جشعَه يفوق قدرته على الإدَارَة؛ وربما لأنه ببساطة يدرك أن السعوديّة ستجفُّ على يده أَوْ على يد غيره؛ ولذلك يبادر فقط إلى شرب أَكْبَـر قدر من الحليب، قبل أن ينسكب المزيد منه.
وعلى أية حال، يعرفُ الجميعُ أن الضربةَ التي ستقضي على السعوديّة تماماً، هي انهيار الثروة، ومع زيادة شره ترامب، واستمرار الضربات اليمنية على الاقتصاد السعوديّ، والتي من المرجح أن يتوسع مداها، وكذلك مع استمرار الهزائم الميدانية التي تتلقاها جيوش المملكة ومرتزِقتها في الجبهات.. يمكنُ القولُ إن الدجالَ السعوديَّ الأسطوري الذي يحول الجبال ذهباً، صار من الممكن جداً، وَالمتوقع، أن يصبح شحاذاً.. وينتهي أمره.