ماذا يعني أن تكونَ إعلامياً؟
زيد البعوة
أَنْ تكونَ إعْـلَامياً.. معناه أنك أحد الأصوات التي تخترق جدارَ الصمت ويصل صداها إلى مسامع المجتمعات على اختلاف تنوعها الموالية والمعادية.
أن تكون إعْـلَاميا معناه أنك تشارك في الحرب الإعْـلَامية القائمة اليوم في هذا العالم بالمشروع الذي تتحَـرّك من أجله سواء أكان حقاً أَوْ باطلاً.
أن تكون إعْـلَاميا معناه أنَّـك المنابر التي لها دور في نشر الأحداث التي تحصل على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، بما يخدم قضيتك ومشروعك مهما كان انتماؤك.
أن تكون إعْـلَاميا معناه أنَّـك مصدرٌ من مصادر الخبر والنشر في الساحة العالمية بشقيها الحقيقي والزيف.
أن تكون إعْـلَاميا معناه أنَّـك وسيلة من وسائل النشر والدعاية والترويج والنشر للثقافات المغلوطة والصحيحة في هذه الدنيا..
لدينا الكثيرُ من الإعْـلَاميين في مختلف المجالات الصحفية والإذاعية وفي القنوات في مختلف مجالات العمل الإعْـلَامي، إعداد وتقديم وكتابه وصحافة ونشر وترويج وإعلان وبقية مجالات الإعْـلَام ولدينا العشرات من القنوات والإذاعات والصحف والمواقع الإلكترونية والمجلات ولكننا نفتقد إلى الأسلوب الإعْـلَامي الصحيح والنشط الذي يواكب المرحلة والأحداث والمستجدات ويتعامل مع كُـلّ حدث مهما كان نوعه عسكري أَوْ سياسي أَوْ أمني أَوْ إنْسَاني أَوْ غير ذلك بشكل إيْجَـابي يؤثر على المجتمع ويكون له صدى كبير وانتشار واسع في العالم من حولنا سواء من حيث الأخبار والأحداث على المستوى المحلي أَوْ المستوى الدولي، كيف نذيع وننشر هذا الخبر أَوْ ذاك بما يخدم قضيتنا وبما يؤثّر على عدونا وليس الأسلوب الإعْـلَامي المعروف أخباراً لمجرد النشر دون ربطها بالماضي وكيف نستفيدُ منها في الحاضر..
وعندما تكون إعْـلَامي لديك قضية إيْمَـانية نابعة من ثقافة القُــرْآن فهذا يعني أنَّـك يجب أن تكون مختلفاً عن أي إعْـلَامي اخر يعمل لمصلحة جهة سياسية ويكون همه المال فقط أَوْ باحث عن الشهرة أَوْ لديه خطة تم رسمها في اروقة الاستخبارات الاجنبية بما يتوافق مع أَهْـدَاف ومشاريع دول الاستكبار عندما تكون إعْـلَامي مسلم عربي مثقف بثقافة القُــرْآن ينبغي أن يكون همك هو ابراز قضية هذه الأُمَّـة وكشف الحقائق ومواجهة الزيف والتضليل ونشر المظلومية وابراز عناصر القُـوَّة بمختلف جوانبها وأن تعملَ بمسؤولية ونشاطٍ بما يرضي اللهَ وبما يخدُمُ المستضعفين..
الإعْـلَامي يجب أن يدرُسَ طبيعة مجتمعه وثقافتهم ومستوى وعيهم وإدراكهم ومدى متابعتهم لما يحصل في الساحة ثم يتحَـرّك في برامجه وأعماله الإعْـلَامية، بما يناسب هذا المجتمع، خصوصاً ونحن نعلم أن هذا المجتمعَ العربي والإسْـلَامي بشكل عام والمجتمع اليمني في ظل العُـدْوَان بشكل خاص مستهدَفٌ إعْـلَامياً وعسكرياً وفكرياً ونفسياً ومعرَّضٌ للشائعات والإرجاف والكذب في مثل هذه الحالة ينبغي أن يتحَـرَّكَ الإعْـلَاميون في مسارين مسار هجومي ومسار دفاعي كشف حقائق وتوضيح ودحض شائعات وأكاذيب؛ ولأن قضيتنا عادلة ومحقة لدينا من الأدلة والبراهين ما يجعل العدوّ يهزم نفسياً وإعْـلَامياً..
من مهام الإعْـلَاميين خلقُ وعي وثقافة نورانية في نفوسِ الناس وفي أوساط المجتمعات، وهذا يتطلب أن يكونَ الإعْـلَاميُّ نفسُه واعياً ومثقفاً ولديه هَمٌّ وينطلق بدافع المسؤولية والحرص والاعتماد على الله وأن يكون همُّه الوحيدُ هو نصر القضية التي يتحَـرّك من أجلها، يقول الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي وهو يتحدث عن هذا الموضوع:- عندما تأتي أنت أيها المذيع وتعرض عَلينا تلك الأخبارَ، وعبر الأقمار الصناعية لنشاهدَها، فنشاهد أبناء الإسْـلَام يُقًتَّلُون ويُذبحون، نشاهد مساكنهم تهدم، هل تظن أننا سننظر إلى تلك الأحداث بروحية الصحفي الإخباري الذي يهمه فقط الخبر لمجرد الخبر. وتهمه نبرات صوته وهو يتحدث واهتزازات رأسه.. إنْ كنتَ لا تريد من نبرات صوتك أن توجد نبراتٍ من الحرية, نبرات في القلوب، في الضمائر تصرخ بوجه أولئك الذين تقدم لنا أخبارهم، إن كنت لا تريد باهتزاز رأسك أن تَهز مشاعر المسلمين هنا وهناك، إن كنت إنما تحرص على نبرات صوتك وعلى اهتزازات رأسك لتظهر كَفَنيِّ إعْـلَامي، نحن لا ننظر إلى الأحداث بروحيتك الفنية الإعْـلَامية الإخبارية، الصحفية, نحن مؤمنون ولسنا إعْـلَاميين ولا صحفيين ولا إخباريين, نحن نسمع قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} (الصف:2 – 3) نحن ننظر إلى ما تعرضه على شاشة التلفزيون بنظرتنا البدائية، نحن لا نزال عرباً لم نَتَمَدّن بعد، وببساطة تفكيرنا كعرب مسلمين لا تزال في نفوسنا بقية من إبَاءٍ، بقية من إيْمَـان، فنحن لسنا ممن ينظر إلى تلك الأحداث كنظرتك أنت..
ينبغي أن يعرفَ الإعْـلَاميُّ ما هي مهمته وماذا عليه أن يعمل وكيف يبتكر أساليبَ جديدةً مقنعةً ومؤثرةً، وليس فقط أن ينشُرَ أَكْبَـر قدر من الأخبار أَوْ ما يسمى بالسبق الصحفي، والإعْـلَامي ينشُرُ لمجرد النشر دون دراسة الأبعاد وبدون رؤية وحكمة ومسؤولية.
ابحث واتعب نفسك وعِشْ واقعَ الناس، وابحث عَمّا يحتاجون إليه وعَمّا يحبونه ويتمنون أن يروْه في وسائل إعْـلَامهم.
كن أنت همزة الوصل بين قلوب الناس وبين عقولهم، واستغل منبرك الإعْـلَامي أياً كان نوعُه، وطور قدراتك واجعل رضا الله قضيتك الأساسية والمبدئية، وسوف تحقق نجاحاً كبيراً..
إن مهمةَ الإعْـلَامي ليست بالمهمة السهلة، فهي لا تختلفُ عن مهمة الرجل الأمني والعسكري، فذاك يواجه مدفعية وصاروخا ورصاصا، وهذا يواجه فكرا وثقافاتٍ وزيفاً وكذباً وخداعاً، وكلا الميدانين مهمان، خصوصاً أننا في هذا العصر الذي أَصْبَـح فيه الإعْـلَامُ سلاحاً يستخدمُه الأعداء ضد أمتنا لا يقل خطورة عن السلاح النووي والكيميائي وغير ذلك، فمثل ما دول الاستكبار والطاغوت تصنع صواريخ عابرة للقارات وطائرات تخترق الأجواء فإن الإعْـلَامَ كذلك سلاحٌ يعبر القاراتِ ويخترق الأجواءَ، ليس هذا فحسب بل يخترق القلوب والنفوس..
أيها الإعْـلَاميون افهموا عملكم قبل أن تطلقوا على أنفسكم لقبَ إعْـلَامي أَوْ صحفي، واعملوا على تطوير قدراتكم وأساليبكم من خلال القُــرْآن وثقافة القُــرْآن ومن خلال الواقع المليء بالأحداث والمتغيرات، فمن مميزات الصراع أن يخلقَ وعياً، ويجعل الناس يطورون مهاراتِهم ويبتكرون أساليبَ قويةً تكون بحجم المرحلة وحجم القضية والمسؤولية.