التسبيح.. مفهومه، دلالاته، أهميته، الغاية منه

 

  • مفهومه

تسبيحُ الله معناه: تنـزيهُه وتقديسُه.. تنـزيهُه عما لا يليق به، تنـزيهه عن نسبة أي شيء إليه يتنافى مع عدله، وكماله المطلق -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى-، يتنافى مع حكمته، مع رحمته، مع عظمته وجلاله.

تسبيحُ الله في الصلاة هو تنزيهُه في ذاته، وتنزيهُه في أفعاله، وتنزيهُه في تشريعاته، لا يجوزُ أن ينسبَ إليه ما لا يليقُ نسبتُه إليه، لا يجوز أن ننسب إليه ما يقتضي تشبيهاً له بخلقه، ولا ما يقتضي تجسيماً، لا يجوز أن ننسب إليه في أفعاله ما يجعله ظالماً، أو يجعله يتصرف تصرفاً يخرج عن الحكمة .

 

* الغايةُ من التسبيح

أن تكونَ النظرةُ إلى الله قائمة على أساس التنزيه والتقديس.

نكرِّرُ التسبيحَ في صلاتنا، وفي كُلّ أوقاتنا ليترسخ معناه، فتكون نظرتنا إلى الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- نظرة تقوم على أساس تنـزيهه، وتقديسه -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى-.

 

* دلالاتُ التسبيح

جهلُ الانسان وقصورُ إدراكه فيما يتعلق بوجه الحكمة في مخلوقات الله وتشريعاته.

ما أكثر ما نجهل من الأشياء في مخلوقات الله، وفي تشريعات الله، ما أكثر ما نجهل وجه الحكمة فيها، أو إدراك الغاية منها، ولكننا نقطع بأن الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- ما دام وقد ثبت أن هذا فعله فهو الحكيم الذي لا يفعل إلا ما فيه حكمة، ونقطع فيما ثبت لنا من تشريعه وهدايته، مما لا ندرك وجه الحكمة فيه: أن الله لا يشرِّع إلا تشريعاً فيه حكمة، فليس هناك عبث في أفعاله، ليس هناك تلاعب في أفعاله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى-، هو الحكيم.

 

* أهميّة التسبيح

– واجبٌ كبيرٌ على الإنسان فيما يتعلق بتنزيه الله قضية هامة أن يكون عملك بالشكل الذي يكون دائماً تجعل تنزيه الله مقياساً؛ لأنها هي الغاية الكبرى هو تنزيه الله، وتقديسه، والشهادة على كماله.

– إذا ما كنا نستشعر دائماً تنـزيهَ الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- في ذاته وفي أفعاله، وفي تشريعاته، فستكون هذه القاعدة هي التي تحافظ على سلامة إيْمَـاننا بالله، وحُسن ظننا به، واستمرار إيْمَـاننا بنزاهته، وقدسيته -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى-.

– يجب أن نعملَ على أن نحافظ على نزاهة الله، وجلاله، وقدسيته عند عباده، في الوقت الذي ما يقدم الآخرون ما هناك من مظاهر سيئة، يحسبونها على الدين، فيقدموا الدين مضروباً عند الناس! ليظهر ولو لم ينجح الناس إلا في هذه لكانت جهاداً من أكبر الجهاد، في هذه النقطة لوحدها.

– تحتاج إلى تنـزيه الله في كُلّ شيء، وأنت طالبُ علم، وأنت تاجر، وأنت فلاح، وأنت عالم، وأنت فقير، أو أنت غني، وأنت مجاهد، أو أنت قاعد، وأنت صحيح، أو أنت مريض تحتاج إلى هذه القاعدة، أن تنطلق منها، وهي التي ستحركك، وتوجهك إلى الصواب، فتعرف ما هو الموقف الصحيح الذي يجب أن تقفه في كُلّ الأحوال، وفي كُلّ الظروف.

– الله يعلم أن كثيراً من عباده سينسبون إليه ما لا يليق به فأوضح لنا نحنُ خطورة المسألة على أنفسنا في نظرتنا إلى الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى-، خطورة المسألة على أنفسنا فيما يتعلق بواقع الحياة، فأبان لنا في القُـرْآن الكريم الآياتُ التي تدل على ماذا؟ على أن قضية تنـزيهه قضية مهمة استنفر لها كُلّ مخلوقاته.

 

* يجب أن يكون مسيطراً على مشاعر الإنسان

فيما يتعلق بالتسبيح، هو الشيء الذي يجب أن يسيطر أثره على مشاعرك، فلا تتأثر بأية ضجة أخرى مهما كثرت هذه القضية هامة في كُلّ الحالات وقضية واقعية ويجب علينا أن نسبح الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- في كُلّ أحوالنا، في كُلّ الأحوال التي تمر بنا نحن.

فالإنسان إذا لم يكن يعي ما يقول، ويعي ما يقرأ، ويعي ما يشاهد، تكون الأشياء كلها تمر على سمعه وبصره، وتنطلق من لسانه، وتمر مرور الكرام، لا تترك أي أثر، حاول أن ترسخ في نفسك دائماً التنـزيه لله، وإذا لمست بأنك لا تزال في وضعية قد تتعرض فيها لارتياب فاعلم بأنك لا تزال مهيئاً لنفسك أن تكون ضحية للضلال في أي وقت.

 

* للتسبيح أهميّة بالغة مرتبطة بكل القضايا في كُلّ الميادين

إذا تأمل الإنسان كم سيجد لتنـزيه الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- من أهميّة بالغة مرتبطة بكل القضايا، في كُلّ الميادين، في مواجهة المفسدين، في مواجهة المضلين، في مواجهة أعداء الله، حتى في المواجهة الكلامية في حالات النقاش.. وأنت تنطلق من قواعد ثابتة، مهما نمق الطرف الآخر كلامه أمامك، وزين شبهته لديك، لن تضطرب أبداً؛ لأنك سترى أن كُلّ هذا الكلام المنمق الذي جاء من جانبه، مبني على أساس فاسد، المسألة من أساسها غير صحيحة.

 

* آثار عدم التنزيه لله

– إساءة الظن في الله.

– تحميل الله المسؤولية.

أنت إذا لم تلتزم فقد يحصل عليك مصيبة ثم تحمل الله المسؤولية، ثم تسيء ظنك بالله، وتكون أنت في الواقع الذي جنيت على نفسك من البداية.

 

  • الضعف عند الشدائد

إذا كان الإنسان ضعيفَ الإيْمَـان، ضعيف الثقة بالله، ضعيف في إدراكه لتنـزيه الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- قد يهتز عند الشدائد.

 

  • إلحاق النقص بالله

إذا الإنسانُ مؤمنٌ بقضية هي بالشكل الذي يمسُّ بكمال الله، تؤدي إلى إلحاق نقص بجلال الله، وحكمته، وقدسيته، معنى هذا أنك ارتكبت جريمة كبيرة.

 

* حالات ينبغي اعتماد التسبيح فيها كقاعدة ثابتة:

– حالة مواجهة المفسدين والمضلين والصراع معهم.

– حالة المواجهة الكلامية والنقاش مع مضلين.

– في حالات الشدائد والمصائب.

عندما يدخل الناس في أعمال، ونكون قد قرأنا قول الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} (الحج: من الآية 40) فيمر الناس بشدائد إذا لم تكن أنت قد رسخت في قلبك عظمة الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى-، وتنـزيه الله أنه لا يمكن أن يخلف وعده فابحث عن الخلل من جانبك.

 

* صور التسبيح غير الواعي:

– هناك عقائدُ كثيرة منتشرة عند أغلب المسلمين تتنافى منافاةً صريحةً مع جَلال الله، وقدسيته، وحكمته، وعظمته! فأولئك يسبحون الله بأفواههم، ويرون كم عرض القُـرْآن الكريم من آيات تؤكد أهميّة التسبيح، ولكنهم قد انعقدت قلوبهم على عقائد معينة استوحوها من أحاديث، فلم يعودوا إلى القُـرْآن بالشكل المطلوب، ومن عاد إلى كتاب الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- فلن تفسد عقيدته ولن يضل..

ذلك الذي يقول: سبحان ربي العظيم، وهو ينطوي على عقائد باطلة تتنافى مع تنزيه الله، إنه كاذب، وإنه في نفس الوقت يشهد على نفسه بالباطل، يشهد على نفسه بأن هذه العقيدة، كُلّ من يفهم لا يجوز له أن ينسبها إلى الله.

أنت عندما تقولُ بأنك توحِّد الله فأنت لا تشبهُه، لكنك تعتقد في تشريعاته ما لا يجوز نسبته إليه، فإن المسألة واحدة كما لو شبّهته؛ لأن المشكلة هي فقط مشكلة أنك ستضيف نقصاً إلى الله، تقدم الله ناقصاً وهو -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَـى- ذو الجلال، وهو الكامل الكمال المطلق.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com