الوعي هو اهتداء وفهم يدفعك للالتزام والعمل وفهم الأمور والقضايا وفهم ما تستلزمه مسيرتك العملية على منهج القرآن

 

المسيرة| خاص:

عظمة الله الدرس السادس سورة الحديد): نتجه نحو محاولة في أنفسنا كيف نثق بالله سبحانه وتعالى؟ كيف تعظم ثقتنا بالله؟ كيف تكون ثقتنا بالله قوية؟

ويرى السيد حسين الحوثي أن الحديث عن نعم الله سبحانه؛ كونها مظاهرَ من مظاهر حكمته، وقدرته، وعلمه، وتدبيره، ورعايته، وملكوته، وألوهيته، وربوبيته تساعدنا في معرفة الله والثقة به، كما أشار إلى شيء آخر يساعد في أن نعرف الله سبحانه وتعالى بالشكل الذي نحصل من ورائه على تعزيز لثقتنا به سبحانه وتعالى وهو: حديثه في القرآن الكريم عن ذاته سبحانه وتعالى في الثناء على ذاته، وعن ما ذكره من مخلوقاته الكثيرة؛ باعتبارها مظاهر من مظاهر ملكوته، وأنه هو من له الْمُلك، هو رب العالمين، هو من له الملك، ونفاذ الأمر في العالمين.

وأوضح السيد حسين الحوثي أن الذي نريد من خلال معرفة الله أن نفهم بشكل واسع معنى كلمة [مَلِك] والتي تعني أنه ملكنا، ترددت في القرآن الكريم كثيراً، ونحن نؤمن بها، نؤمن بأنه ملك الناس في هذه الدنيا، وأنه ملك يوم الدين، أليس كذلك؟. لكن نجهل ماذا يعني هذا، وهو الذي نريد أن نفهمه؛ لأنك قد تدخل في الواقع في اعتقادات، في رؤى، في وجهات نظر هي متنافية مع ما تؤمن به من أن الله هو ملك الناس، وأنه ملك العالمين في الدنيا والآخرة، ملك الدنيا والآخرة، فتكون في واقعك أسوأ من أولئك الذين قال الله: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}.. آيات من سورة الحديد الدرس السادس معرفة الله.

ويؤكد السيد حسين الحوثي أننا حينما نعرف – معرفة واعية – أنه سبحانه وتعالى هو ملكنا، فيجب علينا كمؤمنين أن نثق به، لأنه هو العليم بذات الصدور، هو الذي يحرك هذا العالم بكله، حركة الليل والنهار، هو يعلم كُـلّ ما يدور في هذا العالم.

ويضع السيد حسين الحوثي تساؤلاً لكل فرد منا بعد أن عرفنا أن اللهَ هو ملكنا وهو من يسير العالم فيقول: فلماذا لا تثق به.. فتتولاه؟. ثم تنطلق في توجيهاته من منطلق الثقة به؟

وإضافة إلى ذلك يقول في محاضرته بعنوان (الثقة بالله) أن من يثق بالله، من يثقون بالله، إذا ما بلغ الناس إلى درجة الوثوق القوي بالله سبحانه وتعالى فإنه من سيجعل الأشياء البسيطة ذات فاعلية، ذاتَ فاعلية كبيرة، عصى موسى كانت ترعب فرعون.

وفيما أكد أن الثقةَ بالله هي من أهمّ ما ركز عليه القرآن الكريم، أشار إلى أن فقدان الثقة بالله قد يصل بالناس إلى حالة من الكفر لا يشعرون بها، مشيراً إلى العديد الآيات الصريحة عندما يقول الله: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج: من الآَيَـة 40) {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم} (محمد: من الآَيَـة 7) {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} (التوبة:14) {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111) وكم لهذه الآيات من نظائر، موضحاً أنك عندما ترجع إلى الناس فتقول: أعداء الله يعملوا كذا، ويتحَـرّكوا كذا، ما لنا ما نعمل؟. [والله ما جهدنا، احنا مستضعفين، ما بأيدينا شيء، ويش جهدنا نسوي؟]، طيب! وتلك الوعود التي في داخل القرآن الكريم؟. تصبح النظرة كيف؟ معنى ذلك أنه في الأخير أنني أقرأ تلك الآيات، وأقرأ قوله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} وأنا في واقعي، ونحن في واقعنا جميعاً نحكم على الله بأنه [فقط أنت تستطيع أن تنصر وأنت قوي وأنت عزيز، لكن إذا كان هناك أعداء مثل قريش مثل أولئك الذين كانوا في مواجهة محمد، أما أمريكا أما إسرائيل أما أمام ما تمتلك من أسلحة هذه القوى.. والله ما جهدك] هذا واقع، أي نحن في نظرتنا إلى الله على هذا النحو!.

واعتبر السيد حسين الحوثي أن من يقول: نحن أمام أمريكا لا نستطيع أن نعمل شيئاً بعد أن قال الله له: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} بهذه العبارات {قَوِيٌّ عَزِيزٌ}. معنى هذا في الأخير أنه [والله صح أنت قوي، أنت عزيز لكن أما أمام أمريكا فلا، أنت غالب على أمرك، أنت قاهر فوق عبادك لكن أما هؤلاء فلا]، هكذا الواقع، نظرة الناس هي هكذا في الواقع، أليس هذا من الكفر الفظيع؟ كفر فضيع في داخلنا ونحن لا نشعر.

ويرى السيد حسين الحوثي أن ضعف الثقة بالله تجعلك ترى أن الله لا يستطيع أن يعمل شيئاً أمام أولئك وهم من هم؟ هم أولياء الشيطان الذي قال الله عنه: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} (النساء: من الآَيَـة 76)، مشيراً إلى أنه: كلما زاد خبثهم كلما ازدادوا فساداً، أليس يعني ذلك أنهم كلما ازدادوا ولاءً للشيطان؟ كلما ازدادوا ماذا؟ كلما ازدادوا ضعفاً؟. كلما عظمت ولايتهم للشيطان كلما ارتبطوا بضعيف مذموم مدحور طرده الله، وطبعه بهذا الطابع: مذموماً مدحوراً ضعيفاً ذليلاً {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}.

ووضع تساؤلاً قد يطرح.. فيقول لك: نحن من أولياء الله، ونحن مؤمنون. لكن لماذا؟ لماذا نراك تنظر إلى أولياء الشيطان نظرة المنبهر بهم؟ المكترث بما هم عليه؟ يراهم كباراً، يراهم سَداً أمام الله، وليس فقط أمام نفسه، أمام الله، وأنت تسمي نفسك بأنك من أبناء القرآن، وأنك من أبناء الإسلام، وأنك من أولياء الله، وأنك.. وأنك.. هذه حالة خطيرة.

وهنا يجيب السيد حسين الحوثي على كُـلّ تلك التساؤلات المطروحة في الأذهان فقال: إذا لم نتعرف على الله من خلال القرآن فإن أي وسائل أُخْــرَى للمعرفة لا تصل بنا إلى هذه الدرجة التي سيوصلنا إليها القرآن الكريم، وبالتالي يمكن أن تسبِّح وأن تصلي لله، وأنت تقول: (الله أكبر) وأنت تراه في واقعك أنه أعجز عن أن يعمل شيئاً أمام أولئك، أنه أعجز عن أن يعمل شيئاً أمام أولئك هوَ لا يستطيع أن ينصر من ينصره وإن قال إنه قوي عزيز!.

معتبراً أننا لو كنا نفهم القرآن الكريم، كُـلّ من يحمل القرآن الكريم ونعرف الله من خلاله لما وجدنا أي شيء أبداً أمامنا كبيراً – مهما بدا كبيراً -؛ لأن الله في القرآن يقول لنا بأنه هو يدبر الأمر، وهو ملك السماوات والأرض، هو الذي ترجع إليه الأمور، هو الذي يستطيع أن يهيئ، هو الذي يفتح المجالات، يهيئ الفرص، هو الذي يعمل الأشياء الكثيرة التي قد لا نفهمها إطلاقاً، في مجال الدفاع عن أوليائه حتى يستطيعوا أن يصلوا درجة معينة، أشياء كثيرة لا نستطيع أن نستوعبها. أهم شيء في الموضوع هو أن تكون ثقة الناس بالله قوية.

وأشار إلى أن: ما يدل على أن الإنسان يعيش حالة الثقة بالله سبحانه وتعالى هو أن ينطلق، هو أن يتحَـرّك حتى في الظرف الذي يرى كُـلّ ما حوله ليس في اتجاهه، يرى كُـلّ ما حوله بعيداً عنه، ويرى نفسه ضعيفاً، يرى موقفه غريباً، يرى منطقه ممقوتاً، هذه هي اللحظة التي أيضاً تدل على مدى ثقتك بالله، إذا ما انطلقت في ظروف مثل هذه، في مرحلة معينة.

وفي دروس مكارم الأخلاق يقول الشهيد أن: اليقين هو أن تكون عظيم الثقة بالله. ألسنا نؤمن – كمعلومات – أن الله على كُـلّ شيء قدير؟ وأن الله سينصر من نصره إن الله لقوي عزيز؟ ألسنا نؤمن بأن الله مع الذين آمنوا؟ وأن الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور؟ وأنه وعد المجاهدين في سبيله بأن يؤيدهم بنصره وبملائكته؟ هذه مجرد معلومات.. أليس كذلك؟.

وفي محاضرته بعنوان (مسؤولية طلاب العلوم الدينية) وصف الشهيد القائد الحالة المنتشرة في أوساطنا في افتقادنا للثقة بالله سبحانه وافتقادنا للمسؤولية التي يريد الله سبحانه منا أن نستشعرَها دائماً بأنها هي وراء حالة اللاوعي، والتي قد تصل إلى أن البعض قد يرى بأن عليه أن ينصرف عن مثل هذه الأشياء، وأن يهتم بالقراءة، القراءة يتصورها أنها هي كُـلّ شيء)، موضحاً أن معنى الوعي هو الاهتداء، هو الفهم الذي يدفعك إلى الالتزام والعمل وفهم الأمور، وفهم القضايا، وفهم ما تستلزمه مسيرتك العملية على منهج القرآن؟.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com