الخطوة الثانية.. لمواجهة الحرب الإعلامية والنفسية على شعبنا اليمني .. بقلم/ منصور البكالي
أشرنا في مقالنا الأول إلى الخطوة الأولى في مواجهة.. ما سُمِّيَ (برياح السلام الناعمة)، منطلقين من تقييم الأداء الإعلامي، وبناء خطط وبرامج مستقبلية للنهوض بمستواه.
واليوم سنتناولُ بعضاً من المعطيات الضرورية لترشيد وتوجيه الخطاب الإعلامي، والسياسي، من منطلق تحليل المضمون، لأهدافه، وتبعات وآثار سياسة ردود الأفعال، قبل معرفة دوافع وأهداف الفاعل المتحكم بإدارة ملفات الصراع والحرب في عالمنا العربي والإسلامي بشكل عام، وعلى الساحة اليمنية بشكلٍ خاص.
فمن يحلل مضمون الخطاب الاعلامي والسياسي في المنطقة عموماً سيجدُ الكثيرَ من المعطيات التي مهّدت لمُخَطّطات ومؤامرات قوى الاستكبار العالمي الطريق وسهولة التنفيذ.
ومن هذه المعطيات خطاباتُ الشحن الحزبي والمذهبي والطائفي والمناطقي، إضافةً إلى الكثير من المفردات اللغوية ذات الدلالات التقسيمية والتشطيرية والمُنَمِّية للكراهية والحِقد والريبة والتخوين بين أبناء الأمة الواحدة والدين الواحد، والوطن الواحد.
وهذه المعطياتُ تنطلق إثر الخطابات الإعلامية والسياسية، في سياق ردود فعل مثيرة للمشاعر الإنسانية، والوجدان النفسي بأسلوب عاطفي، مثل ردود الأفعال جراء أحداث مؤامرة 2001م في نيويورك، التي اتُّخذتها أمريكا ذريعةً لاحتلال أفغانستان والعراق لما يسمى محاربة الإرهاب، ونجحت في إبرام صفقات التعاون في محاربة الإرهاب لتحل لنفسها احتلال شعوبنا، ونهب ثرواتنا، ومصادرة القرارات السيادية لأوطاننا، أَوْ ردود الفعل الاعلامي إزاء أية عملية إرهابية، نفذتها المخابرات الامريكية هنا أَوْ هناك.
فردود الأفعال العاطفية في الخطاب الاعلامي والسياسي، تجاه الكثير من القضايا الإنسانية في عالم اليوم تحتاج إلى عملية بحث معمّقةٍ عن الفاعل الحقيقي، وأهدافه من وراء فعله.
ومن هذا المنطلق يمكننا الإشارة إلى مراجعة قواميس الألفاظ والعبارات المستخدمة في الخطابات التعبيرية عن جرائم العدوان على شعبنا اليمني، ولُغة الخطاب الموجّهة من قبل مختلف القوى والجماعات السياسية، نحو الداخل، اتجاه بعضها البعض، ومدى أثر ذلك الخطاب، وتلك العبارات والجُمَل في الوعي المجتمعي، المتحكم بعلاقات أبناء شعبنا اليمني سلباً أَوْ إيجاباً، بالإضافة إلى العبارات والجمل في الخطابات الموجهة نحو الخارج.
والعمل على تعديلها لما يعيد للوعي الشعبي بعض الأولويات الوطنية، كوحدة القضية والمصير، والحفاظ على الوحدة الوطنية ومصالحها، المتمثلة في الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي، والوحدة الجغرافية والسياسية والدينية، مع السعي الدؤوب لإحداث التقارب في وجهات النظر المختلفة حول العديد من القضايا الوطنية، وأولها أهمية الشعور بالمسئولية لمواجهة العدوان والحصار، وتوحيد الصفوف لخوض معركة التحرير وطرد الغزاة، واستعادة القرار السياسي من يد قوى العدوان والاحتلال.
ولن يكون لنا ذلك ما لم نعُدْ إلى استخدامِ الخطاب العقلاني المنطلق من كشف أسباب الأحداث ومسببيها الحقيقيين، وترك الخطاب الإعلامي العاطفي المتطرف، بعد مجزرة هنا أَوْ هناك ارتكبتها قوى الاحتلال بحق شعبنا اليمني، ليحاول اقتيادنا وجرَّنا خلفه نحو المزيد من التحريض والتخوين الداخلي، والانجرار في سيول من الشتائم والسباب المؤدية إلى الانحراف عن العدو الحقيقي، فنستمر في زجر بعضنا بعض، وتنمية مشاعر الحقد والكراهية، بين المواطنين على أسس حزبية، ومذهبية… إلخ.
فقطع الطريق أمام الحرب النفسية والإعلامية وأثرها على شعبنا اليمني الصامد، تتطلب عمليات حذف واستبدالِ لبعض الألفاظ والكلمات والعبارات في خطابتنا الإعلامية والسياسية، مع أتباعنا وخصومنا المغرر بهم من قبل قوى الاحتلال.
من خلال رسم سياسات بناءة ودقيقة وواضحة، نحاول من خلالها، إفشال مُخَطّطات قوى العدوان الإعلامية والنفسية والدعائية، والتعاون مع الأجهزة الأمنية في ضبط ومحاسبة، الناشرين للدعاية، والشائعات المغرضة بحق هذا الوطن، وأمنه واستقراره، ووحدته وسيادته الوطنية، وكرامة شعبه وحريته واستقلاله، وحفظ ثرواته، بين أوساط المواطنين؛ لتنمية الخلاف وزيادة الصراعات الداخلية.
وتسخير كُلّ تلك الجهود لخلق وعي مجتمعي عقلاني مدرك لأطماع الغزاة في شعوبنا وثرواتنا، والتي كشفها الله لنا في كتابه الكريم، وحذّر منها الشهيد القائد/ حسين بدرالدين الحوثي في دروسه ومحاضراته، وقالها للعلن سيد البيت الأبيض ترامب أمام الرأي العام العالمي، مبيناً حقيقةَ المؤامرات والمُخَطّطات من حربهم وعدوانهم على شعبنا اليمني، ومطالبته لسلمان بتحويل تريليونات مقابل الحماية، وهذا هو مصير منطقتنا، ما لم نراجع ونحلل مضمون خطابنا الإعلامي قبل فوات الأوان، وقبل ضعفنا جميعاً وعجزنا عن العودة إلى القواسم المشتركة، وأحيى قيم ومبادئ التكافل والتراحم والعفو والصفح.
لنخرج من هذه الحرب (أكثر قوة وأشد عوداً)، فننتصر لحكمتنا وايمننا، وعروبتنا، وهويتنا الوطنية، ولأمتنا الإسلامية وقضاياها العادلة.