بيان جديد لمجلس الأمن يُسقط تفسيرات العدوان ومرتزقته لاتّفاق الحديدة
المسيرة | ضرار الطيب
مرةً أُخْــرَى تصطدِمُ حكومةُ المرتزِقة بمجلس الأمن الدولي، حيث أصدر الأخيرُ بياناً جديداً، مساء أمس الأول، واصل فيه تقويضَ أكذوبة “الشرعية” التي تتمترس وراءها دولُ العدوان وسلطات الفارّ هادي، كما واصل الاعترافُ بالواقع الميداني في الحديدة، وبالسلطات المحلية التابعة للمجلس السياسيّ الأعلى، إلى جانب التأكيد على صعود اتّفاق السويد والقرارين الدوليين التابعين له، كمرجعيات حَـلّ أكثر أولويّة من القرار 2216 الذي تحاول قوى العدوان ومرتزِقتها التمسكَ به لفرض تفسيراتهم الخاطئة للاتّفاق.
البيانُ أكّــد على ضرورة التزام الطرفين بـ “عدم التأخير” في تنفيذ “خطة إعادة الانتشار المتبادل” للقُــوَّات العسكريّة في الحديدة، على ضوء اتّفاق السويد، وهي النقطة التي شكلت محور استهداف قوى العدوان والمرتزِقة للاتّفاق طوال الفترة الماضية، إذ حاول المرتزِقة فرض تفسير خاطئ لمسألة إعادة الانتشار، وادعوا أنها تعني “تسليم” الحديدة إلى سلطاتهم بشكل كامل بحجة أنهم “سلطة شرعية”، وبناء على ذلك لجأوا إلى عرقلة خطوات تنفيذ الاتّفاق الذي كان واضحاً في نصه ومضمونه بالاعتراف بالسلطات المحلية التابعة للمجلس السياسيّ الأعلى.
وبالرغم من أن البيان أكّــد على “إعادة انتشار الطرفين” إلا أن حكومةَ المرتزِقة واصلت تجاهل الخطاب الدولي، ولجأت مجدّداً إلى نفس الأسلوب الملتوي في التفسير، إذ قال وزير خارجيتها المرتزِق خالد اليماني، في تصريح جديد، إن “على الأمم المتحدة إخراج المليشيات الانقلابية الحوثية وإعادة الحديدة لسلطات الشرعية”.
محاولةٌ واضحةٌ للتهرب مما أكّــد عليه البيان، عن طريق تكريس ثنائية “الشرعية- الانقلاب” التي تجاوزها اتّفاق السويد بشكل واضح، وتجاوزها القراران الدوليان 2451، و2452، ثم تجاوزها البيان الأخير أَيْضاً، إذ نص على أن “تضمن الأطرافُ سلامةَ البعثة الأممية في المناطق التي تسيطر عليها وخَاصَّـةً في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى” وهو خطاب واضح يعترف بسلطة المجلس السياسيّ الأعلى في تلك الموانئ وفي مختلف المناطق التي تقع تحت سيطرته، وهو ما يكشف أن تصريحات المرتزِق “اليماني” تدور في فلك آخر غير فلك الاتّفاق وقرارات مجلس الأمن.
ولهذا، فإن تصريحَ “اليماني” لا يكشفُ عن “سوء فهم” حكومة المرتزِقة للاتّفاق، بل عن رفضها بوضوح للاتّفاق بصيغته التي وقّعت عليها والتي يتعامل معها المجتمع الدولي، ومحاولتها فرضَ اتّفاق مختلفٍ تماماً، وهو ما يؤكّــدُ أنها تعرقلُ العملية بشكل متعمد.
ولم يتضمن بيان مجلس الأمن أي ذكر واضح للقرار 2216ـ الذي يحاول المرتزِقة استحضاره دائما لتعزيز تفسيرهم اللاواقعي للاتّفاق ـ إلا عن طريق الإشارة وفي سياق الحديث عن “الحل السياسيّ”، فقط حيث شدّد البيان على “الحاجة لإحراز تقدم للتوصل إلى اتّفاق سياسيّ شامل للصراع، وفق ما دعت إليه قرارات وبيانات مجلس الأمن الدولي ومبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني”، وهو ما يعني أن اتّفاق السويد والقرارين التابعين له، هي المرجعيات الوحيدة فيما يخص الحديدة، والتي على ضوئها سيكون الدخول إلى الحل السياسيّ ومناقشة شكل السلطة المستقبلية و”شرعيتها”، وبالتالي فلا ترابط بين قرار 2216 واتّفاق الحديدة بأي شكل من الأشكال.
وإلى جانب نسف تفسيرات دول العدوان ومرتزِقتها لاتّفاق السويد، تضمن بيان مجلس الأمن أَيْضاً إشارات تفضح محاولاتهم لعرقلة الاتّفاق عسكريًّا، إذ شدّد البيانُ على “أن الأعمال العدائية والتصعيد العسكريّ” تشكّل خطراً على الاتّفاق، وهو ما يمكن إسقاطُه بوضوح على تصرفات قوى العدوان في الحديدة، وبالذات الإمارات التي وصلت إلى ذروة استهدافها للاتّفاق قبل أيّام عندما شنت 15 غارة على الحديدة، واعترفت بها، والمتابع للبيانات الأممية والدولية يستطيع أن يدركَ بوضوح أنه إذَا لم تكن دولُ العدوان هي المقصودة بهذه الفقرة من البيان، لما تردّد مجلس الأمن عن تسمية “الحوثيين”.
على الجانب الآخر، تضمّن بيانُ مجلس الأمن ما يشيرُ إلى ضغوط بريطانية لمحاولة فرض رؤىً مسبقةٍ على “الحل السياسيّ”، إذ ذكر البيان أن أعضاء المجلس “يطلبون من المبعوث الخاص اطلاعهم على التطورات، إذ قد ينظرون في اتّخاذ تدابير إضافية وفق الضرورة لدعم التسوية السياسيّة”، وأضاف أن الأعضاء “أكّــدوا نيتَهم بشأن النظر في اتّخاذ مزيد من الإجراءات وفق الضرورة لدعم تطبيق القرارات ذات الصلة”. تلميحاتٌ واضحةٌ إلى رغبة بريطانيا ـ التي قدمت مشروع قراري مجلس الأمن الأخيرين بشأن اليمن ـ في التحكم بالحل السياسيّ، وهو ما يبدو أنه أحدُ أهداف نشاطاتها الأخيرة في المجلس.