مدير مصلحة الهجرة والجوازات اللواء عبدالكريم المروني في حوار خاص مع صحيفة المسيرة:
حكومة المرتزقة تبيع الجوازات بمائة ألف وتمنحه لأجانب بعشرة آلاف دولار
ليس بغريبٍ على دول العدوان وأدواتها في الداخل جرائمُها المتنوعةُ والمتسلسلة بحق المواطن اليمني ومؤسّساته الخدمية، وكما مارست قوى العدوان انتهاكاتِها المباشرةَ بحق الإنسان قتلًا وتجويعًا وتشريدًا، فإنَّها لا تزالُ تمارسُ ذلك مع سبق الإصرار والترصد من خلال التضييق على حياة المواطن باستهداف كُـــلّ ما يمُتُّ لحياته بصلة.
استهدافُ مصلحة الجوازات بالقصف المباشر، وما لحقه من قرارات تعسفية تقضي بتعطيل الجوازات الصادرة من العاصمة صنعاء، وَالعراقيل التي وضعتها حكومة المرتزِقة أمام المواطنين في هذا الجانب، بالإضافة إلى التجاوزات المشبوهة، والفساد المتنوع داخل فروع مصلحة الجوازات في المناطق المحتلّة، كُـــلّ ذلك يحيل إلى إرادة واضحة وغير شرعية للمساس والعبث بالهُوِيَّة اليمنية والاستمرار في حصار الإنسان اليمني وزيادة معاناته وإيصاله إلى حافة اليأس ورميه في بئر الشعور باللا انتماء واللاوطنية.
مصلحةُ الجوازات في العاصمة صنعاء رغم الاستهدافات المتكرّرة -المباشرة وغير المباشرة- لا زالت تعمل بتفانٍ في خدمة المواطنين بأقل تكلفة وبأعلى جهد ممكن.
وفي الحوار التالي الذي أجرته صحيفة المسيرة مع مدير مصلحة الهجرة والجوازات اللواء عبدالكريم المروني إضاءةٌ على وضع قطاع الجوازات في اليمن خلال امتداد فترة العدوان، كما يتضمّنُ معلوماتٍ موثوقةً بالإحصائيات الدقيقة حول استهداف مصلحة الجوازات وبالطرق المختلفة:
حاوره: فاروق علي
– أولاً.. منذُ بداية العدوان وحتى الآن استُهدفت المصلحة بشكل مباشر وغير مباشر، ما هي الإحصائياتُ عن خسائر الاستهداف المباشر للمصلحة على امتداد فترة العدوان؟
بسم الله الرحمن الرحيم.. تعرضت المصلحةُ للقصف في شهر سبتمبر من العام 2016م، حيث ألحقت غاراتُ طيران العدوان أضرارًا بالغةً في البنية التحتية للمصلحة، حيث أَدَّى الاستهدافُ المباشِرُ بالقصف إلى تدمير مبنى المصلحة والإدارات العامة للجوازات ووثائق السفر والأرشيف وإدارة الإصدار الخارجي وإتلاف كافة الأجهزة والمعدات بشكل كامل، كذلك تدمير مكتب إدارة الإيرادات والنفقات وإتلاف وثائقها بالإدارة العامة للشئون المالية.
– ما بين الاستهداف المباشر وغير المباشر لمصلحة الجوازات، كانت هناك أهدافٌ أراد العدو الوصولَ لها.. متى؟ وكيف سعى لذلك من خلال أعماله العدائية تجاه هذه المصلحة؟
المصلحةُ استمرت في أداء عملها بشكل طبيعي رغم استمرار العدوان على بلدنا في الشهر الثالث من عام 2015م، العدوانُ حاول تعطيلَ عمل المصلحة باستقطاب بعض الخونة من أبناء هذه المؤسّسة في إدارات وأقسام مهمة لتعطيل النظام، ولكن ظل هناك من الشرفاء من أبناء المصلحة الذين عملوا دون كلل أَو ملل في الحفاظ على سير عمل المصلحة.
وعندما فشلوا في تنفيذ مؤامراتهم وَتعطيل عمل المصلحة في تقديم خدماتها دون استثناء، قام العدوان باستهداف المصلحة بعدة ضربات جوية ألحقت بالمصلحة ضرراً بالغاً وكبيراً في الشهر التاسع من نفس العام، ما أخرجها عن العمل، وكان الاستهداف في مناطقَ هامةٍ وحساسةٍ، ولكن بعون الله وتوفيقه وبتضافر وجهود المخلصين من أبناء هذه المؤسّسة الأمنية الخدمية، استطاعت العودةَ من جديد لتقديم خدماتها للمواطنين وخلال أسبوع واحد من زمن الاستهداف.
– هناك بُعدٌ أمني لاستهداف المصلحة، ما العلاقة بين استهداف قطاع الجوازات ودعم الإرهابيين وانعكاس ذلك على الأمن؟
هناك علاقةٌ وثيقةٌ، حيث تعمَّدت دولُ العدوان تعطيلَ الجوازات الصادرة من صنعاء، وعملت على تسهيل منح جوازات لغير اليمنيين خاصة ما يسمى القاعدة وَداعش وأخواتها، حيث أظهرت بعضُ الوثائق تورُّطَ سلطات الاحتلال والخونة والمرتزِقة في منح جوازات لشخصيات غير يمنية ومشبوهة، ومنهم الإرهابي (بيتر شريف) الذي كانت له صلة بمنفذي (صحيفة شاري ابيدوا الفرنسية).
وهناك معلومات تفيد بمنح جوازات لعدد من الكويتيين من فئة (البدون)، كما أن لدينا بطائقَ وجوازاتٍ تم إصدارها من الفروع والمراكز التي تخضعُ لسيطرة دول العدوان والمرتزِقة لأشخاص غير يمنيين، ما يسبب اختراقاً أمنياً ويُفقِدُ الجواز المصداقية.
وبحسب المعلومات فإنَّ حكومة المرتزِقة تقومُ ببيع الجنسية ومنح جوازات عن بُعد؛ وذلك مقابل مبالغَ ماليةٍ كبيرة، للأسف يعود ذلك بمخاطرَ أمنيةٍ كبيرة على المستوى المحلي والدولي.
– تحدَّثْ عن طرق استخراج الجواز بشكل غير قانوني في المناطق المحتلّة.. كيف تتم عملية استخراج الجوازات في المناطق الخاضعة للاحتلال؟
يتم استخراجُ الجوازات في المناطق المحتلّة بطرق غير قانونية، حيث يتم إرسال صور الشخص عن طريق الواتس أب، ولا يتم أخذُ البصمة السباعية للمستفيد، مما يعد مخالفة قانونية بقواعد القانون الدولي الخاصة بمنظمة الإيكاو للطيران المدني، وتعتبر سابقةً خطيرة من نوعها في استخراج الجوازات ووثائق السفر في العالم.
بالإضافة إلى أن هناك فساداً مستشرياً داخل منظومة الجوازات في المناطق المحتلّة، حيث يتم بيعُ الجوازات بمبالغَ مالية كبيرة غير مستحقة، يتم تقاسُمُها بين فاسدين ومرتزِقة، لا يهتمون لحال المواطن ولا لأمن وطنهم.
– برأيكم سيادة اللواء.. لماذا تتهاون سلطة الاحتلال والمرتزِقة بعملية استخراج الجوازات؟
إنهم يتعاملون وكأن الأمرَ لا يعنيهم؛ بقصد إلحاق الضرر بوطننا، وبدافع الكسب المادي، وبالتالي تصبح الوثيقة اليمنية في متناول الجميع من يمنيين وغير يمنيين، فتصبح الوثيقة والهُوِيَّة اليمنية مجرد أوراق لا أهميّة، لها وهذا ما يهدف إليه العدوان بشكل أساسي.
– مرتزِقةُ العدوان أصدروا قراراً بمنع التعامل مع الجوازات الصادرة من صنعاء.. ما حقيقة هذه المعلومات التي تقول بأن الجوازات الصادرة من صنعاء غير مقبولة؟
ليس صحيحاً أن الجوازات التي تصدر من صنعاء وفروعها غير مقبولة، وإنما دولُ العدوان والخونة والمرتزِقة هم من يسرِّبون مثل هذه الشائعات؛ بقصد زيادة معاناة المواطنين والابتزاز المادي في النقاط الأمنية والمنافذ، وكثيرٌ ممن عادوا إلى وطنهم تعرضوا لمثل هذه الإجراءات، كمحاولة من العدوان للتأثير على أداء المصلحة في تقديم خدماتها.
– ما الهدفُ من نشر هذه الشائعات؟ وأين تكمُنُ خطورتها؟
الهدفُ ومكمَنُ الخطورة يتمثّلُ في تعطيل عمل المصلحة في العاصمة صنعاء وفروعها، وزيادة معاناة المواطنين، وأيضًا حرمان الدولة من رفد الخزينة العامة مادياً وتضييق الحصار.
– من هي الدول التي فعلاً لا تقبل التعامل مع الجوازات الصادرة من صنعاء؟
جميعُ دول العالم تقبل وتتعامل مع الجوازات الصادرة من العاصمة صنعاء وفروعها التي تشرِفُ عليها المصلحة، وإنما هناك بعضُ دول العدوان وبالأخص السعودية والإمارات التي تعمل على عرقلة المواطنين في المنافذ عن طريق عملائها؛ بقصد الابتزاز المادي والحاق المعاناة نفسياً بالمواطن اليمني.
– هناك فسادٌ كبيرٌ في عملية استخراج الجوازات في مناطق الاحتلال.. كم الفارقُ في سعر رسوم استخراج الجواز في صنعاء عن المحافظات المحتلّة؟
يتم استخراجُ الجواز في صنعاء والفروع والمراكز التابعة للمصلحة بالسعر المحدد والرسمي (7710) ريالات وَخلال ساعة.
بينما تبلُغُ كُلفةُ استخراج الجواز في المناطق الخاضعة للاحتلال مائة ألف ريال فأكثرَ، وبات اليوم يباعُ بأكثرَ من 300 مائة ألف ريال، إضافةً إلى المدة الطويلة التي ينتظر فيها المواطنون للحصول على الجواز، مما يزيد من معاناتهم.
أضف لذلك بسبب عشوائية منح الجوازات، تفيد المعلومات بأن دفاترَ الجوازات لدى فروع المصلحة في المناطق المحتلّة قد نفدت وقد طبعت حكومة الفارّ هادي مجموعةً كبيرةً من الجوازات، لكنها لم تكن بالشكل المطلوب، ويقعُ المواطنُ الآن تحت رحمة حكومة لا تبالي بحاجات الناس الضرورية للانتقال والسفر منذ ستة أشهر.. استهتار كبير لكن ما الذي يمكن أن تتوقعَ من حكومة قبلت بالعدوان، هذه الممارسات متوقعة من مجموعة عملاء في فنادق دول العدوان.
– ماذا عن التبعات الإنسانية لمثل هذه الإجراءات التي تمنع الجوازات الصادرة من صنعاء؟
هناك معاناةٌ شديدةٌ جراء هذه الإجراءات التعسفية الظالمة، حيث أن هناك حالاتٍ مرضيةً طارئة لا تتحمل التأخير، وقد تسبب هذا الإجراء وهذا الحصار والتعسف في وفاة الكثير من الحالات المرضية؛ بسبب هذه الإجراءات إللا إنسانية التي لم يشهد لها العالم مثيلاً، سواء في الطرقات عند انتقالهم إلى المحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال ليتمكّنوا من السفر خارج البلاد أَو من الذين يصعب انتقالهم من محافظة إلى أخرى؛ لأَنَّ وضعهم الصحي سيء ويحتجون أثناء السفر إلى رعاية صحية كبيرة وكلنا تابعنا الأرقام التي أصدرتها وزارة الصحة أضافة إلى المنظمات الحقوقية، حيث كان الإجماع بأن عدد الضحايا غير المباشرين للعدوان سيما نتيجة عدم تمكّنهم من السفر كان كَبيراً ومهولاً أكثر بكثير من عدد ضحايا الاستهداف المباشر.
– ما مدى مخالفة هذا الإجراء للقوانين الدولية والتشريعات المحلية؟
يعتبر من أهمّ الجرائم التي يحرِّمُها القانون الدولي لأي بلد، أن يُمنعَ الشخصُ من السفر، بل إن ذلك يتنافى مع الإنسانية والتشريعات السماوية ويحرمها القانون المحلي في كُـــلّ بلدان العالم.
– إلى جانب الفساد الموجود في عملية استخراج الجوازات هناك معلومات تتحدث عن بيع الجوازات لجنسيات أجنبية.. ما حقيقةُ التجارة بالجواز اليمني وبكم يباع لغير اليمنيين؟
هناك مافيا وعصاباتٌ تقومُ ببيع الهُوِيَّة اليمنية لأشخاص غير يمنيين ينتمون للقاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، وقد تم ضبطُ حالات كثيرة وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة حول هذا الموضوع، ومن خلالها اتضح أن مَن قاموا ببيع الجوازات استلموا مبالغَ تصل إلى (عشرة آلاف دولار) من الفروع والمراكز القابعة تحت سيطرة الاحتلال.
كما أن هناك سماسرةً في السفارات اليمنية يقومون ببيع الجنسية لأشخاص من فئة البدون وجنسيات أخرى، واستخدام الجواز اليمني كوسيلة لطلب اللجوء في دول أوربية وهذا بحد ذاته كارثة واختراق أمني.
– بما أن لعملية إصدار الجواز تأثيراتٍ إنسانيةً وكل هذا الفساد واستغلال حاجات الناس.. هل أُدرجت قضيةُ الجوازات من قبل الطرف الوطني ضمن الملفات في جولات المفاوضات؛ سعياً منكم للحد من معاناة الناس؟
نعم، نحن بدورنا قمنا بالرفع إلى القيادة السياسية وأوضحنا ما يعانيه المواطن من إجراءات تعسفية وبالأخص المرضى الذين هم بحاجة ماسة للسفر.
– ماذا عن الإنجازات التي تحقّقت خلال فترة العدوان وكم عدد الجوازات التي أصدرت في صنعاء؟
كما أشرنا سابقاً أن المصلحة تعرضت للقصف، ما سبّب دمارًا كبيرًا أَدَّى إلى توقفها تمامًا، إلا أنه بحمد الله وعونه وبتعاون وتكاتف أبناء هذه المؤسّسة استطعنا أن نتجاوز هذه المرحلة، وإعادة تقديم خدماتها خلال أسبوع للمواطنين كما هي للعرب والأجانب.
وهذا بحد ذاته إنجازٌ كبيرٌ في مواجهة دول الاستكبار.
كُلُّ ذلك مع رفد خزينة الدولة لعام 2018م بمبلغ (732.990.023) ريالاً، كما عملنا على الربط الشبكي بين الجوازات والأحوال المدنية ونحن بصدد تطوير منظومة الشؤون العربية والأجنبية آلياً وربطها بالإدارات الأخرى والأجهزة الأمنية ذات الصلة بعمل المصلحة.
لقد بلغ عددُ الإقامات وتأشيرات الدخول والخروج والعودة ووثائق السفر المؤقتة التي تمنح لغير اليمنيين الذين ليس لديهم وثائق، ومن تم ترحيلهم وكذلك اللاجئين والمهاجرين غير اليمنيين ممن تم تسجيلهم أَو ترحيلهم بالتنسيق مع منظمة اللاجئين والهجرة الدولية (11361) منذ العام 2016 وحتى العام الجاري.
هذا وتم ترميم بعض أجزاء من المصلحة بحسب الإمكانيات، وأُقيمت دورات ثقافية وقتالية لعدد من أفراد المصلحة، كذلك فإنَّ المصلحة تشارك في جبهات القتال بـــ 23 فرداً.
– ما هي أبرز التحديات التي تواجهونها في مصلحة الهجرة والجوازات؟
هو ذلك الحصارُ المطبِق على بلدنا والمصلحة جزءٌ تعرض لهذا الحصار، فإغلاق المنافذ جميعها وفكُّ الارتباط بمراكز إصدار الجوازات بالداخل والخارج سبّب إشكاليةً كبيرةً في تقديم الخدمة للمواطنين على مستوى الداخل والخارج ونقصاً في الموارد المالية والأجهزة والمعدات التي تحتاجها المصلحة لتسيير الأعمال، ولكن رغم هذه المعاناة نحن بحمدِ الله في هذه المؤسّسة الأمنية الخدمية استطعنا أن نتجاوزَ ونتغلَّبَ على كثير من الصعاب بعد العون الإلهي ودعم القيادة بوزارة الداخلية والقيادة السياسية، وكما أبطالنا كذلك في جبهات العز والكرامة ثابتون وصامدون نحن كذلك.
– كيف تنظُرُ القيادة السياسية لمشاكل المصلحة؟ وما هي التوصيات التي تتلقونها من قبلهم؟
القيادةُ السياسية تنظُرُ باهتمام بالغ لهذه المؤسّسة الأمنية الخدمية؛ كونها مسألةً سياديةً، وخدماتُها تعني المواطن وبالذات المرضى الذين بحاجة إلى ذلك، ونأملُ من القيادة السياسية الاهتمام بشكل أكثر بهذا الجانب.
أما عن التوجيهات فهي الثبات والصبر والإصرار على الارتقاء في العمل وبذل المزيد من التسهيل وتقديم الخدمات للمواطن لرفع جزء من المعاناة.