مخاطرة سعودية لإفشال اتفاق الحديدة بتطمينات أممية مدفوعة الأجر
المسيرة | ضرار الطيب
تشهدُ محافظةُ الحديدة منذ أيام تصعيداً عسكرياً منظّماً ومتزايداً لقوى العدوان، يتجه بوضوح نحو تفجير الوضع والانقلاب على اتّفاق السويد، وسط صمت من قبل الأمم المتحدة التي وصل تواطؤها مع دول العدوان في هذا المسار إلى حَــدّ تجاهل قصف مقرِّها الخاص في المحافظة مطلع الأسبوع.. تجاهُلٌ يعطي الرياض ومرتزقتها ضوءاً أخضرَ للتمادي في ارتكاب الخروقات التي وصلت بدورها إلى حَــدِّ تنفيذ زحوفات ميدانية، في وقت تحاول حكومة المرتزقة التغطيةَ على ذلك بمراوغات جديدة قديمة حول عملية “إعادة الانتشار”، وهي مراوغاتٌ يأمل النظامُ السعودي أن تخفِّفَ من وطأة الضربات المستمرة على منشآته ومطاراته، لكنه يتجاهَلُ بحماقةٍ كُـــلَّ التحذيرات الواضحة من قبل القيادة السياسية والعسكرية للجيش واللجان، والتي تتوعّدُ بردود عسكرية غير مسبوقة في حالِ عودة التصعيد داخل الحديدة.
خروقاتُ العدوان وصلت، أمس الأول، إلى ذروة واضحة من التصعيد، عندما شن الغزاة والمرتزقة زحفاً من مسارين على منطقة الجبلية في مديرية التحيتا، وبحسب مصدر عسكري فقد رافق الزحف تمشيطٌ مكثّــفٌ بمختلف الأسلحة، إلا أن قوات الجيش واللجان الشعبيّة نجحت في إحباطِه وإفشاله.
وأكّـــد عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، أن هذا الزحفَ يؤكّـــدُ على وجودِ “نية مبيتة للانقلاب على اتّفاق السويد وإفشال فريق وقف إطلاق النار”، مضيفاً أن طرفَ العدوان يثبت من خلال أعماله العسكرية في الحديدة أنه ضد السلام.
تصريحُ الحوثي عن “نوايا العدوان” ينطبقُ بشكل واضح على الواقع الميداني، فالزحفُ جاء ضمن مسار تصاعدي “منظم” ازدادت فيه اعتداءاتُ قوى العدوان على محافظة الحديدة بشكل تدريجي وملفت منذ أيام، حيث أصيب أكثرُ من 15 مدنياً بجروح معظمهم من الأطفال والنساء جراء عمليات قصف مكثّــفة شنتها قوات الغزاة والمرتزقة على عدة أحياء سكنية في المحافظة، منذ مطلع الأسبوع الجاري.
وفيما أثيرت التساؤلاتُ حول موقف الأمم المتحدة من هذا التصعيد الإجرامي المتزايد، جاء قصفُ الغزاة والمرتزقة لمقرها الخاص في حي الربصة بمديرية الحوك، السبت، يحملُ إجابةً واضحةً تؤكّـــد التواطؤ الأممي المتعمد مع “نوايا” العدوان، إذ لم تتفوه الأممُ المتحدة بأية كلمة حول ذلك القصف الذي يعتبر اعتداءً مباشراً على الراعي الرسمي لاتّفاق الحديدة.
ووسط كُـــلِّ ذلك، ظهرت حكومةُ المرتزقة، أمس، بما أسمته “رؤيتها” لتنفيذ المرحلة الأولى من إعادة الانتشار، مردّدةً فيها نفسَ الكلام القديم حول “تسليم الموانئ لسلطة 2014″، وهو الأمر الذي تم رفضُه أصلاً خلال مشاورات السويد ولم ينص عليه الاتّفاق أبدا.
رؤيةٌ بدا بوضوح أنها آتيةٌ عبر منظار سعودي، يعتقدُ أصحابُه أن المراوغاتِ المتعلقةِ بملف السلام قد تؤدي إلى تخفيف التصعيد الاستراتيجي المتواصل الذي يستهدفُ المطارات والمنشآت السعودية، إلى جانب توفير غطاء لإعداد حملة عسكرية معادية ضد الحديدة، وكلا الأمرين يمثلان دلالةً على تخطيط بالغ الركاكة من قبل الرياض؛ لأَنَّه يتجاهل حقيقة أن أي تصعيد عسكري في الحديدة ينتظره ردٌّ “غيرُ مسبوق” من قبل الجيش واللجان.
السيدُ عَبدالملك بدر الدين الحوثي، كان قد تحدث عن ذلك بوضوح شديدٍ خلال مقابلته مع قناة المسيرة، إذ قال: إن عواقبَ التصعيد في الحديدة ستطال “أهدافاً مهمة واستراتيجية تستطيع الصواريخ أن تصلها في الرياض وما بعد الرياض، وفي أبو ظبي، ودبي”، مضيفاً أن تحالفَ الأعداء “يعرفون جيداً ماذا نعني بالأهداف الحيوية والحسّاسة والمهمة والمؤثرة”
وبالنظر إلى الجزء البسيط من هذه الأهداف، والذي عرفه النظامُ السعودي تحديداً، خلال الأَيَّام والأسابيع الماضية، فإن محاولاتِ الرياض للانقلاب على اتّفاق الحديدة تبدو كتصرفات “انتحارية”.
أما عن المرتزقة وآمالهم المنعقدة على فرض رؤيتهم المغلوطة للاتّفاق، من خلال التصعيد، فقد بات الواقع يحكم بخيبة هذا المسعى بشكل تام، وهو ما يؤكّـــده نائب وزير الخارجية بحكومة الإنقاذ، حسين العزي، الذي صرح، أمس الأول بأن “المرتزقة يتعاطون مع الاتّفاق وفق تصورات سخيفة يرفُضُها الاتّفاق”، مضيفاً أن “التهديدَ لن يمنحَهم سنتميتر واحداً خارجَ الاتّفاق، حتى لو تحوّل أتفهُ مرتزق فيهم إلى صومعة نووية”.