اجتماعُ سيئون.. سقوطُ عضوية أعضاء مجلس النواب الخونة (الحلقة الثانية)
عبدالوهاب الوشلي
نستكملُ ما أوضحنا في الحلقة الأولى حول سقوط عضوية أعضاء مجلس النواب الخَوَنة الذين حضروا اجتماعَ سيئون بتخطيط وتنسيق وحماية من دول العدوان، حيث وصلنا إلى حالتين مختلفتين تتعلقان بفقدان العضو لأحد شروط العضوية النيابية نبينهما فيما يلي:
أ) فقدان أحد شروط العضوية ابتداءً (الطعن في صحة العضوية)
إن فقدانَ المرشح لعضوية مجلس النواب لأحد الشروط المنصوص عليها في الدستور في المادة (64) الفقرة (2) ابتداءً، يترتب عليه دستورياً تخلُّفُ شرطٍ أساسي لاكتساب صفة المرشح كقيد لازمٍ لممارسة الشخص حقه السياسي المتمثل في الترشُح للعضوية النيابية.
وإذا ما تعذر اكتشاف فقدان أحد الشروط اللازمة للمرشح لعضوية مجلس النواب، لسببٍ أو لآخر أثناءَ مرحلة فحص طلبات الترشُح بحيث تمكن المرشح من خوض العملية الانتخابية حتى مرحلة إعلان نتائج الانتخاب واكتساب العضوية، ثم تبين بعدها فقدان العضو أساساً لأحد شروط العضوية، ففي هذه الحالة يثبت لكل ناخب حق تقديم طعن إلى مجلس النواب يبين فيه الأسباب القانونية لعدم صحة نيابة المطعون في صحة عضويته، وفقاً لما تحدّده اللائحة الداخلية لمجلس النواب في إطار أحكام العضوية بنص المواد من (188) إلى (192) التي تنظم الاختصاص الدستوري للمجلس فيما يتعلق بالفصل في صحة العضوية المنصوص عليه بنص المادة (68) من الدستور.
ويتعين التحقيق وإبْدَاء الرأي في الطعن وجوباً من قبل المحكمة العليا قبل الفصل فيه بقرار من قبل مجلس النواب بعد التأكّــد من مدى صحة اكتساب عضو مجلس النواب للعضوية النيابية من عدمها ابتداءً، بحيث يقتصر اختصاص الفصل في صحة العضوية على النظر في طلب الترشُح ومدى تحقّق الشروط اللازمة مروراً بصحة العملية الانتخابية ونتائج الانتخاب وما يتصل بهذا الشأن من أمور، وذلك عملاً بمقتضى نص وَروح المادة (68) من الدستور، وكذا الماديتين (115) وَ(116) من قانون الانتخابات العامة والاستفتاء لسنة 2001م.
وَبينما يختصُّ مجلسُ النواب في الفصل في صحة عضوية أعضاء المجلس بعد إحالة الطعن المقدم من الناخب أو المرشح الذي لا يخضع في تقديمه لمجلس النواب لميعادٍ محدّد إلى المحكمة العليا للتحقيق وإبْدَاء الرأي خلال خمسة عشر يوماً من تسليم الطعن لمجلس النواب على النحو المبين في المادة (68) من الدستور وَالمواد من (188) إلى (192) من لائحة مجلس النواب، تختص المحكمة العليا دون غيرها بالفصل في الطعون المقدمة من كُلّ ذي مصلحة على نتائج عملية الاقتراع والفرز طبقاَ للضوابط والشروط وميعاد الطعن المحدّدة، على النحو المنصوص عليه في إطار المواد من (111) إلى (114) من قانون الانتخابات العامة والاستفتاء لسنة 2001م.
ب) فقدان أحد شروط العضوية لسببٍ طارئ بعد تحقُّق صحة اكتساب العضوية النيابية ابتداءً (إسقاط العضوية)
أما إنْ صحت عضويةُ عضو مجلس النواب اكتساباً ولم تبطُلْ ابتداءً ثم تحقَّقَ سببٌ طارئ من شأنه فقدان العضو لأحد شروط العضوية المنصوص عليه في المادة (64) الفقرة (2) من الدستور بعد أن صحت عضويته، حينئذ نكون أمام حالة مختلفة عن الحالة السابقة، تتصل بسقوط العضوية استمراراً، وليس الفصل في صحة العضوية اكتساباً والحكم ببطلانها من عدمه.
وقد نص الدستور على مسألة إسقاط العضوية في المادة (84) على نحوٍ مستقل تماماً عن تنظيم الدستور لمسألة الفصل في صحة العضوية التي نص عليها الدستور في المادة (68).
وبينما أسند الدستور اختصاص الفصل في صحة العضوية لمجلس النواب بحيث لا تكون العضوية باطلة إلا بقرار يصدر عن المجلس بأغلبية ثلثي أعضائه، لم ينص الدستور مطلقاً على سقوط العضوية بقرار من مجلس النواب، كما هو عليه الحال في مسألة الفصل في صحة العضوية.
وفي ذات الصدد، نص الدستور في المادة (84) على سبيل الحصر على موجبات أو أسباب سقوط العضوية التي تعد بمثابة حالات استثناء محدّدة تتمثل في فقدان أحد شروط العضوية المنصوص عليها في الدستور أو إخلال العضو إخلالاً جسيماً بواجبات العضوية، وفقاً لما تحدّده اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
اختلافُ صحة العضوية عن إسقاط العضوية
وبناءً على ما سبق، يتضح جلياً أن مسألةَ الفصل في صحة العضوية تختلف عن مسألةِ إسقاط العضوية من جهاتٍ عدة نوجزها في النقاط التالية:
- يترتب البطلان كنتيجة في الحالة الأولى أي الفصل في صحة العضوية، بينما يترتب السقوط في الحالة الثانية.
- تعد شروط العضوية قيوداً لازمة لاكتساب العضوية ابتداءً في الحالة الأولى، بينما تعتبر ذات الشروط لازمة لاستمرار العضوية بحيث يؤدي فقدان أحد شروط العضوية لسببٍ طارئ إلى سقوط العضوية.
- يعد البُطلان حُكماً يتصل بصحة العضوية من عدمها، بينما يعتبر السقوط جزاءً لعضو مجلس النواب نتيجة فقدانه لشرطٍ من شروط العضوية استمراراً بسبب ارتكاب العضو على سبيل المثال لفعلٍ يخدش استقامة خلقه وسلوكه، أو يخل إخلالاً جسيماً بواجبات العضوية بعد أن صحت عضويته اكتساباً.
- يعد السقوط دون البطلان من الحالات التي يَتَحَدد على أساسها خلو مكان عضو مجلس النواب، على النحو الذي نصت عليه المادة (197) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
- يستلزمُ بُطلان العضوية قرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه على عكس ما هو عليه الحال بالنسبة للسقوط الذي لا يستلزم قرار من المجلس إن تحقّقت موجباته.
ثانياً:- سقوط العضوية نتيجة خرق الدستور؛ باعتبَارِه إخلالاً جسيماً بواجبات العضوية
نصت المادة (84) من الدستور على عدم جواز إسقاط عضوية أي عضو من أعضاء مجلس النواب إلا إذَا فقد العضو أحد شروط العضوية أو أخل إخلالاً جسيماً بواجبات العضوية.
ونصت المادة (194) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب على عدم جواز إسقاط عضوية أيِّ عضو من أعضاء مجلس النواب إلا إذَا فقد العضو أحد شروط العضوية أو أخل إخلالاً جسيماً بواجبات العضوية، ويعتبر إخلالاً جسيماً بواجبات العضوية ارتكاب العضو لأحد الأفعال التالية: خرق الدستور، القيام بأي عمل يعد طبقاً للقانون خيانة عظمى أو مساساً باستقلال وسيادة البلاد، ارتكاب أي فعل من الأفعال التي تعد جريمة جسيمة بموجب القانون بحسب لائحة مجلس النواب.
كما نصت المادة (195) من لائحة مجلس النواب على أنه إذَا فقد العضو أحدَ شروط العضوية المنصوص عليها في الدستور أو أخل إخلالاً جسيماً بواجبات العضوية سقطت عضويته، ثم سردت المادة إجراء الإسقاط التالي لسقوط العضوية؛ باعتبَارِه لازماً لخلو مكان العضو وإجراء الانتخابات التكميليَّة لا غير.
وإثبات خرق الدستور من قبل الأعضاء الذين حضروا اجتماع سيئون لا يحتاج إلى جهد، فالجريمة مشهودة ومتلفزة، ولا ينكرها الأعضاء أنفسهم بل على العكس يؤكّــدون الفعل بإصدار بياناً عقب تلك الجلسة أذاعته ونشرته قنوات الأخبار ومواقع الصحافة المحلية والدولية. وهنا يجب التنويه على عدة أمورٍ مهمة في هذا الصدد نلخصها في التالي:
- أكّــد مجلسُ النواب في صنعاء أن أولئك الأعضاء قد خرقوا الدستورَ واللائحة الداخلية لمجلس النواب، مشيراً إلى مسألة الانعقاد خارج العاصمة صنعاء والاستجابة لرئيس منتهية ولايته، ومؤكّــداً على عدم دستورية أي إجراء تم مخالفاً للدستور واللائحة الداخلية لمجلس النواب، وهو ما يعني أن خرق الدستور قد تحقّق بحسب مجلس النواب في صنعاء. ونتيجة لذلك، تسقط عضوية الأعضاء بخرق الدستور على اعتبار أن فعلاً كهذا يعد إخلالاً جسيماً بواجبات العضوية طبقاً لما نصت عليه المادة (194) من لائحة المجلس.
- يتعيَّنُ إجراءٌ شكلي من قبل مجلس النواب كاشف للسقوط يتمثل في قرار خلو أماكن الأعضاء (طلب إسقاط العضوية)، قبل إجراء أي انتخابات تكميليَّة. وهنا يجب التأكيد على نقطة مهمة تتمثل في مخالفة المادة (195) الفقرة (5) من لائحة مجلس النواب للمادة (72) من الدستور، حيث نصت الفقرة (5) من المادة (195) على أن صدور قرار مجلس النواب في هذه المسألة يكون بأغلبية ثلثي الأعضاء، مخالفة بذلك الأصل العام المقر بنص المادة (72) من الدستور، والمتمثل بالأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين إلا في الحالات الخَاصَّــة التي ينص عليها الدستور واللائحة معاً، وليس الدستور أو اللائحة على نحو ما نصت عليه لائحة مجلس النواب، وفي هذه الحالة لم ينص الدستور على أغلبية خَاصَّــة وإنما انفردت اللائحة بالنص على ذلك دون الدستور.
- خرق الدستور مسألة تعد بمثابة جريمة يترتب عليها جزاء تأديبي يتمثل في سقوط عضوية مجلس النواب، وهي مسألة من اختصاص القضاء وليس مجلس النواب بالنص الصريح للائحة مجلس النواب التي اشترطت حكم قضائي قبل البت بإجراء إسقاط العضوية المترتب عليه خلو المقعد وإجراء الانتخابات التكميليَّة لا سقوط العضوية.
- هناك أفعالٌ أُخْـــرَى تعد طبقاً للقانون خيانة عظمى تمُـــسُّ باستقلال وسيادة الدولة اليمني، كما تعد طبقاً للقانون جرائم جسيمة، وهي ذات طبيعة مركبة أي أنها تمثل جرائمَ جنائيةً من جهة وإخلال بواجبات العضوية من جهة ثانية.
- بسقوط عضوية الأعضاء تسقُطُ الحصانة البرلمانية معها، ويصبح العضو كأي شخص عادي لا يتمتع بأية حصانة تحول دون اتّخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه.
النتيجة القانونية
إذا فقد عضوُ مجلس النواب أحد شروط العضوية المنصوص عليها في الدستور أو أخل إخلالاً جسيماً بواجبات العضوية المنصوص عليها في إطار اللائحة الداخلية لمجلس النواب سقطت عضويته، ويبقى على مجلس النواب قرار خلو مكان العضو لإجراء انتخابات تكميلية على نحو ما نصت عليه المادة (78) من الدستور، وقرار خلو مكان عضو مجلس النواب في هذه الحالة هو ذاته قرار إسقاط العضوية اللازم لإعلان خلو المقعد وإجراء انتخابات التكميل، وليس لسقوط العضوية المترتب حكماً على أساس تحقّق أسباب السقوط المتمثلة في فقدان أحد شروط العضوية أو الإخلال الجسيم بواجبات العضوية. وعليه يجب التفريق بين مسألة سقوط العضوية وبين مسألة خلو مكان عضو مجلس النواب التي تحتاج إلى قرار خلو يتعين من تأريخ إعلانه إجراء انتخابات تكميلية خلال ستين يوماً في حال خلا مكان أحد الأعضاء قبل نهاية مدة المجلس بسنة على الأقل.