هزيمةٌ سريعةٌ لمليشيات “الانتقالي” في شبوة: من يتحَــرّكْ خارج “حصته” الجغرافية يخسرْ فوراً
الطيران الإماراتي يغيبُ عن أجواء المواجهة وقوات سعودية تصلُ لدعم الإصلاح
العدوان يواصل إدارةَ معارك المرتزقة في لعبة “التقسيم”:
المسيرة | ضرار الطيب
تواصلت المعاركُ الدائرةُ في المحافظات الجنوبية، بين مليشيات “الإصلاح” وَ”الانتقالي” ضمن مخطّطات دول العدوان؛ لتثبيت مؤامرة التقسيم، حيث خاض الطرفان، أمس الاثنين، جولةً جديدةً من المواجهات في محافظة شبوة، وهي جولةٌ خسرها “الانتقالي” بسرعة، إذ لم يتواجدِ الطيران الإماراتي لإسناده كما فعل في معارك عدن الأخيرة، فيما حضر الدور السعودي لإسناد “الإصلاح”، الأمر الذي كشف أن المليشيات الإماراتية تحَرّكت خارج الحدود المرسومة لها في مخطّط “توزيع الحصص” الذي كان قائد الثورة السيد عَبدالملك الحوثي أشار إليه في خطابه الأخير، وهو ما يؤكّـد مجدّداً أن جميع الأحداث في المحافظات الجنوبية تدور على رقعة شطرنج تتحكم ببيادقها القوى الراعية للعدوان: الولايات المتحدة، وبريطانيا.
جولةُ مواجهات أمس بدأت بدخول مليشيات ما يسمى “المجلس الانتقالي” التابع للإمارات إلى مدينة عزّان في شبوة، وإعلانِ السيطرة عليها، لكن ذلك الإعلان تبخّر في ظرف ساعات قليلة؛ بفعل مواجهات “سريعة جداً” انتهت بخروج الانتقالي واستعادة سيطرة قوات حكومة المرتزِقة وممثلها حزب الإصلاح، على المدينة.
لطالما كشف سيناريو “السيطرة السريعة” المتكرّر في كُـلّ المواجهات الأخيرة بين طرفَي المرتزِقة، عن جوهر “اللعبة” التي تدورُ في المحافظات الجنوبية، ومحدّدات التعامُلِ مع تلك المعارك بالنسبة لطرفَي تحالف العدوان، السعودية والإمارات، وهي محدّداتٌ تعتمدُ بشكل رئيسٍ على المنطقة الجغرافية للمعركة، فعندما تكون المواجهة في عدن وأبين يبرز التفاعل الإماراتي بشكل كبير ويغيب السعودي، والعكس بالنسبة لشبوة.
هذا ما حدث، أمس أَيْـضاً، إذ لم تقم الإمارات بإرسال طائراتها الحربية لإسناد مليشيات “الانتقالي” كما فعلت قبل أيام في عدن وأبين حينما شنت غارات قتلت وجرحت أكثر من 300 عنصر من مرتزِقة الإصلاح، بل إن “الانتقالي” تحَرّك في مدينة عزان مكشوفا ووحيدا حتى أن إعلام حكومة المرتزِقة وصف ذلك التحَرّك بـ”الكمين”.
بالمقابل، التفاعل السعودي الذي تخلى عن مرتزِقة “الإصلاح” تَمَاماً في معركة عدن الأخيرة، ظَهَر، أمس في شبوة، بإعلان ناطق تحالف العدوان، تركي المالكي، عن وصول قوات سعودية إلى شبوة “لوقف إطلاق النار”، وهو ما تمثل بإخراج مليشيات الانتقالي من المدينة.
السيد عبدالملك الحوثي كان قد قدم قراءة ملخصة وشديدة الوضوح لهذا التبادل المكشوف في الأدوار بين السعودية والإمارات، حيث وصفه في خطابه المتلفز، أمس الأول، بأنه “توزيع للحصص”، وأوضح أن جوهر اللعبة هو أن “السعودي يحرص على أن يسيطر بشكلٍ مباشر على شبوة، وحضرموت، والمهرة، والإماراتي يسعى إلى أن يكون مسيطراً على عدن، ولحج، والضالع، وأبين”.
تلخيص ينطبق بالكامل على الخريطة الميدانية التي شكّلها الصراع المتسارع بين مرتزِقة السعودية ومرتزِقة الإمارات خلال الأسابيع الماضية، حيث لم تكن عوامل الفوز أَو الخسارة بالنسبة للطرفين متعلقة بالقوة العسكرية أَو الضعف، وإنما بالحدود الجغرافية، إلى جانب ما عبّر عنه السيد عَبدالملك بـ “الإذن” عندما أوضح أن قدوم حزب الإصلاح إلى عدن جاء “بغير إذن من السعودية” وأنه “تحَرّك خارج سياق التوجّـهات والأجندة الخارجية” لتكون النتيجةُ الطردَ الفوري والإهانة.
من الواضح أن “الانتقالي” لم يستأذن هو الآخر من الإمارات عند تحَرّكه، أمس، في شبوة، وأنه تحَرّك خارج حدود الجغرافيا المكلف بالتواجد فيها إماراتيا؛ ولذلك كان مصيره الطرد الفوري أَيْـضاً، وقد كانت الإمارات واضحة بهذا الخصوص منذ الجولة السابقة من المواجهات في محافظة شبوة، والتي انتهت بإعلان سيطرة الإصلاح على المحافظة بالكامل، حيث قال المستشار السابق المقرب من “محمد بن زايد” عَبدالخالق عَبدالله، يومها: إن تحَرّك الانتقالي في شبوة كان “سوء تقدير” وتهوراً!
هكذا يظهر مشروع “التقسيم” بارزا من وراء الأحداث، مجدّداً، وهو مشروع يؤكّـد السيد عَبدالملك الحوثي، أن “الدور الأَسَاسي فيه للأمريكي” مع وجود مشاركة بريطانية، وقد “وشت” الإدارة الأمريكية بهذا الدور عقب قصف الطيران الإماراتي لقوات حكومة المرتزِقة في معركة عدن الأخيرة، حيث أكّـدت المتحدثة باسم البنتاغون أن للإمارات الحق في “حماية مصالحها”، ولو سئل البنتاغون مجدّداً عن تخلي الإمارات عن مرتزِقتها في شبوة، لكرّر نفس الإجابة مع تبديل الإمارات بالسعودية.. إنه تقاسم مدروس ترعاه الولايات المتحدة، ولا يجوز لأية أدوات محلية أن تلعب فيه أكثرَ من دورها.