صنعاء تشهد فعاليةً جماهيريةً كبرى إحياءً لذكرى عاشوراء
مفتي الديار اليمنية: إحياءُ هذه المناسبة من شعائر الله وتعظيمها يؤكّـدُ مواقفَنا في محاربة الطغيان والتي لا يمكنُ التراجعُ عنها
المسيرة: صنعاء
إحياءً لذكرى الثورة الحسينية في وجه الطغيان، وتخليداً لمواقفِ الإباء والشموخ بوجه الأشرار، شهدت عاصمةُ الأحرار والصمود صنعاء، أمس الثلاثاء، مسيرةً جماهيريةً حاشدة حضرها عشراتُ الآلاف من أبناء الشعب اليمني يتقدمهم عددٌ من القيادات السياسية والشخصيات العلمائية والقبَلية والاجتماعية، وذلك بمناسبة ذكرى “عاشوراء”.
وفي المسيرة التي أقيمت بساحة المطار جنوب أمانة العاصمة صنعاءَ، رفع المشاركون شعاراتِ الصرخةِ في وجه المستكبرين، هاتفين بالشعارات المزلزلة التي أطلقها الحسينُ -عَلَيْهِ السَّــلَامُ- وأهلُه وأصحابُه يومَ كربلاءَ، مخاطبين كُـلَّ الأشرارِ في هذا العالم “هيهاتَ منا الذلةُ”.
وأكّـد المشاركون أن خروج الإمَام الحُسين -عَلَيْهِ السَّــلَامُ- بوجه الطغيان المتمثِّل في ذلك الزمان في يزيد بن معاوية هو خروجٌ مشروعٌ؛ تضحيةً بكل ما تحملُه الكلمةُ من معنىً ومشروعُ ثباتٍ وفداءٍ يستدعي التأسّي به؛ لنتغلَّبَ على كُـلِّ الصِّعاب التي تواجهُ واقعَنا اليوم.
وأشَارَ المشاركون إلى مظلوميةِ الإمَام الحُسين -عَلَيْهِ السَّــلَامُ- وكيف انتصر الدمُ على السيف في مواجهة الظالمين، مؤكّـدين على ضرورة أخذِ الدروسِ والعِـبَـرِ من ثورة الإمَام الحُسين، مجدّدين العهدَ بالمُضيِّ على خُطَى الإمَام الحُسين -عَلَيْهِ السَّــلَامُ-، واستمداد الصبر والصمود وقوة الإرادة في مواجهة الطغاة والظالمين.
وفي خضم الفعالية، استمع المشاركون إلى كلمة قائد الثورة السيدِ عبدِالملك بدر الدين الحوثي التي ألقاها بمناسبة هذه الذكرى العظيمة، والتي أكّـد خلالها أن هذه ’’الذكرى لم يطوِها النسيانُ؛ لأَنَّ لها علاقةً بواقع الأُمَّــة وتأثير في واقعها ومستقبلها‘‘.
وأشَارَ قائد الثورة إلى أن ’’موقف الإمَام الحُسين هو تعبيرٌ عن الحَـقِّ وترجمةٌ للإسلام بمبادئه وأَخْــلَاقه وترسيخ للموقف الإسلامي تجاه الموقف اليزيدي في كُـلّ عصر‘‘، مؤكّـداً أن ’’كربلاء ملحمةٌ تاريخية عظيمةُ التأثير وممتدة التأثير، وسرّعت من تقويض سلطة يزيد وآل أبي سفيان وصنعت الوعيَ ورسمت الموقفَ الحَـقَّ وحدّدت المسارَ الصحيحَ لكل أبناء الأُمَّــة وكشفت وفضحت الزيفَ والضلال‘‘.
وَأَضَـافَ السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي: ’’ملحمة كربلاء قدمت النموذجَ والقُدوةَ في الثبات على الحَـقِّ والصمود والتفاني والاستبسال في سبيل الله ‘‘، متطرقاً إلى أن هذه المناسبة ’’محطة تعبوية عظيمة تمنح الأُمَّــةَ الطاقةَ المعنويةَ لمواجهة التحديات مهما كَبُرَت، وتحمل التضحيات مهما بلغت‘‘.
وأكّـد قائد الثورة أنه ’’مهما سعت قوى الطاغوت والاستكبار بقيادة أمريكا وإسرائيل وعملائها المنافقين كالنظامين السعودي والإماراتي؛ لإخضاعنا وإذلالنا فإننا بعون الله سنتمسك بموقف هيهات منا الذلة‘‘.
ولفت السيد عبدالملك إلى أن ’’المعركة التي قدمنا فيها عشراتُ الآلاف من الشهداء والجرحى وملايين النازحين هي مظلوميةٌ يمكننا القولُ إنها كربلاءُ العصر‘‘، مخاطباً دولَ العدوان: مهما ارتكبتم من الجرائم فلن نخضَعَ لكم ولن نفرِّطَ بحريتنا وكرامتنا واستقلالنا ونقولُ لكم هيهات منا الذلة.
وجدّد قائدُ الثورة التأكيد بقوله ’’حريتُنا دينٌ ندينُ به وعِزِّتُنا إيمانٌ وكرامتُنا قِيَمٌ، ولا يمكن التفريط بأيٍّ من ذلك في مزاد المساومات السياسية‘‘، منوّهاً إلى أن ’’مواقفنا تجاه القضايا الكبرى هي مواقفُ مبدئيةٌ بدءاً من القضية الفلسطينية والمناهَضة للهيمنة الأمريكية والاستعمارية‘‘.
وأكّـد السيد القائد ’’موقفنا المتضامن مع كُـلّ المظلومين الأحرار في إيران الإسلام ولبنان وسوريا والبحرين، معبراً عن الإدانة لكل ’’ما يتعرض له المسلمون في كشمير وبورما والصين الذي يضطهدون لمجرد انتمائهم للإسلام‘‘.
وجدّد قائدُ الثورة إدانته ’’لكل أشكال التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي التي يتورط فيها بعض العرب‘‘، مستنكراً ’’كل مساعي الفرقة والشّقاق وإثارة الفُرقة والبغضاء بين أبناء الأُمَّــة تحت كُـلّ العناوين‘‘.
بدوره، ألقى مفتي الديار اليمنية رئيس رابطة علماء اليمن السيد العلامة شمس الدين شرف الدين كلمةَ المناسبة أكّـد فيها أهميّةَ استحضار الهدف الرئيسِ والغاية السامية التي خرج من أجلها الإمَام الحُسين ثائراً مجاهداً ضد الفساد والطغاة والمجرمين الذين بسطوا هيمنتهم على الناس واستأثروا بالسلطة لأنفسهم على رؤوس أبناء الأُمَّــة.
وقال العلامة شمس الدين شرف الدين “نؤكّـد أن حديثَ السيد القائد عن بني معاوية لا يشمل كُـلّ بني أُميّة، بل يستهدف الطغاة والمجرمين من بني أمية”، مُشيراً إلى أن هناك من بني أمية من سطّر ملاحمَ في وجه الطغيان.
وأكّـد مفتي الديار اليمنية وجوبَ التحَرّك في مواجهة الطاغوت في هذا العصر، مُشيراً إلى أن هناك مَن يسعى لتشويه المعاني السامية لثورة الإمَام الحُسين؛ بغرض التبرير والشرعنة لهيمنة قوى الاستكبار، مؤكّـداً أن إحياءَ هذه المناسبة هو إحياءٌ لشعائر الله.
وجدّد التأكيدَ على وجوب “أن نستمر في موقفنا هذا المشرّف وأن نعُضَّ عليها بالنواجذ”، مُشيراً إلى التحَرّكاتِ الإفسادية التي يتحَرَّكُ بها اليومَ زعماءُ العَمالة لإفساد الشعوب، مؤكّـداً “لو كان في هذا الموقف زهقُ أرواحنا وإراقةُ دمائنا فلن نتوقفَ يوماً عن محاربة الطغاة والمجرمين”.
وتطرق إلى أن مقتلِ الإمَام الحُسين -عَلَيْهِ السَّــلَامُ- لم يكن استهدافاً عسكرياً بقدر ما كان استهدافا ثقافيا وفكرياً لأهل بيت رسول الله صلواتُ الله عليه وآله، مُشيراً إلى الحملات التي قادها أولئك الطغاةُ؛ لتشويه الحقائق التاريخية عن الإسلام وعن أعلام الهدى الأطهار.
وأكّـد العلامة شمس الدين شرف الدين أنه يجبُ علينا استشعارُ أن هذه المناسبة وما حملته من دروس إنما هي محطة لاستلهام دروس الصراع بين الحَـقِّ والباطل، الذي سيظل قائماً ما دام الطغاة يتحَرّكون في كُـلّ عصر بذات المنهج الذي نهجه يزيد بن معاوية.
تخلل الفعاليةَ قصيدةٌ إنشادية وهتافاتٌ جسّدت عظمةَ هذه المناسبة وما تحملُه من دلالاتٍ نستشعرُ قيمتَها في الواقع الذي يعيشُه الشعبُ اليمني وتعيشُه الأُمَّــةُ.