صراعُ الأدوات.. ومشروعُ التقسيم
عبدالرحمن محمد حميد الدين
أصبح واضحًا أن ما يحصلُ في محافظات عدنَ وأبينَ وشبوةَ هو بتمالؤٍ سعوديٍّ إماراتي وبتوجيهٍ أمريكي؛ بغرضِ إعادةِ رسم خارطة المحافظات الجنوبية وتقسيمها إلى دولتين أَو إقليمين أَو أكثرَ من ذلك، والاستعجالُ في ذلك قبل الدخول في مفاوضات جدية مع الوفد الوطني.. وهذا التقسيمُ ليس بجديدٍ، فقد كان هذا المِلَـفُّ مطروحاً بقوة في عهد الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي وبإصرارٍ أمريكي سعودي، وكاد أن يُمرر لولا ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م.
الجديدُ هو أن أطرافَ ما يسمى بالشرعية وخَاصَّةً حزب الإصلاح والجناح المفرَّخ عن حزب المؤتمر في الخارج وبقية الأطراف المحسوبة على تلك الشرعية قد تحولت إلى أوراق حارقة ووفقَ لُعبة الدومينو لا بد من إخراجها من المشهد؛ كونها أصبحت عبئاً على المشروع الأمريكي ولم تعد ذات جدوى إلا إذَا انخرطت ضمن صفقة التقسيم!!
لم تستوعبْ تلك الأدواتُ ما يحصُلُ في عدنَ وأبينَ وشبوةَ، خَاصَّةً عندما ظهر السعودي بمظهر الرافض لسيطرة قوات الحزام المدعومة إماراتياً؛ وهي في الأَسَاس قواتٌ مدعومةٌ أمريكياً وسعودياً قبل أَنْ تكُوْنَ مدعومة إماراتيا!!
البياناتُ والتصريحاتُ الرسمية السعودية لا تزال تتقمَّصُ دورَ الموقف الداعم لوحدة اليمن والرافض لمشروع التقسيم والانفصال؛ وهذا الموقف هو من أجل أن تظل السعودية في نظر الأدوات ومقاتليهم المرتزِقة، الدولة الداعمة لما يسمى بالشرعية ووحدة الأراضي اليمنية، وهو مخالف تماماً للنوايا السعودية المبيّتة؛ حتى لا تخسَرَ معركتها في الحد الجنوبي وفي الساحل الغربي وبقية الجبهات.
الملاحَظُ أن قادة الإصلاح والمؤتمر المفرّخ والأبواق الإعلامية وسائرَ الأذيال التي كانت تظهر في قنوات الحدث الأصغر والعبرية وسكاي نيوز أكثر من ظهور مذيعات تلك القنوات، قد ابتلعوا ألسنتهم ولم يعد هناك ما يتحدثون عنه، ولم يعد هناك شرعية يتشدقون بها ولا عاصمة مؤقتة ولا إقليم جغرافي واضح المعالم، فإقليمهم أصبح مجهول الحدود ومجهول المصير!!
لم تكتفِ دولُ تحالف العدوان بفرض سياسة الأمر الواقع فيما يتعلق بسيطرة قوات الحزام على عدن وأبين وأجزاء من شبوة مدعومة بغطاء جوي وبدعم دبلوماسي ودولي، بل قامت باستدراجِ أذيالها إلى صدام دموي وعُنصري؛ تمهيداً لتقسيم المحافظات الجنوبية إلى ثلاثة كنتونات على خلفية تلك المناطقية؛ لأنها تعلمُ أن ذلك لن يتمَّ من دون توظيف العناوين الطائفية والعرقية واستحضار أحداث 86 و94م.
الموقفُ الأكثرُ إهانةً وذلاً أن يتم استهدافُ جنود الشرعية المزعومة بالطائرات السعودية والإماراتية وهم من كانوا ولا يزالون يقاتلون تحت قيادة هذا التحالف ويشكلون دروعاً بشريةً لجنود التحالف وضباطه!!
لذلك نجد أن المنضوين تحت الشرعية المزعومة يخسرون مرتين، مرةً حين خسروا مبادئَهم ووطنيتَهم بتأييدِهم ومساندتهم لدول العدوان، ومرةً حين خسروا شرعيتَهم وكراسيَهم الوهمية، وأحلامَهم المنسية.
والسؤالُ الأهمُّ: هل سيتحقّقُ مشروعُ التقسيم من خلال هذه الزوبعة أم أن القادمَ -كما يبدو- هو تولُّدُ صراعٍ أكثرَ دمويةً بين قادة الحزام الأمني أنفسهم، شبيه بما حدث في عام 86م بين قيادات الاشتراكي؟!