رئيس الوفد الوطني في حوار خاص لصحيفة المسيرة:
لقاءاتنا مع الأطراف الدولية حملت رسائلَ سعودية إماراتية تؤكّـد أن:
العدوان يعيشُ لحظات حرجة جداً
- الموقفُ الأمريكي لا يرغبُ بأن يكونَ هناك سلامٌ في اليمن
- مبادرةُ الرئيس واضحة: وقفٌ شاملٌ من كُـلّ الأطراف
- نجري نقاشاتٍ تهدفُ لوقف حقيقي للعدوان وفك الحصار وبدء عملية سياسية
- مستقبل اليمن يرسمه أبناؤه ولن نقبلَ أن يقومَ بذلك أيُّ طرف خارجي
- العدوّ لم يعد يملكُ أيةَ خيارات سوى الجرائم
- عملية نصر من الله ستكون لها انعكاساتٌ عسكريةٌ كبيرة
في ظل المتغيرات العسكرية التي فرضها اليمنُ على دول العدوان وانعكاساتها السياسية، خُصُــوْصاً بعد عمليتَي توازن الردع الثانية ونصرٌ من الله، يؤكّـد الناطقُ الرسمي لأنصار الله رئيس الوفد الوطني، محمد عبدالسلام، أن التكامُلَ بين العمل العسكري والعمل السياسي وضَع اليمنَ في موقف متقدِّم في مواجهته مع دول العدوان التي يؤكّـد أَيْـضاً أنها باتت في موقف حرج تعبّر عنه الرسائلُ السعودية الإماراتية عبر الوسطاء الدوليين الذين يلتقي بهم رئيسُ الوفد الوطني بشكل مستمرٍّ.
ونظراً للتحوّلات غير المسبوقة عسكرياً وسياسياً في المواجهة مع دول العدوان وتعدّد التسريبات التي يتولى الإعلامُ الأمريكي نشرَها كبالونات اختبار للموقف اليمني، كان لصحيفة المسيرة حوارٌ خاصٌّ مع رئيس الوفد الوطني محمد عَبدالسلام تنشُرُه في السطور التالية:
– ما هي خياراتُ العدوان بعد عملية نصر من الله؟
العدوُّ لم يعد يملِكُ أيةَ خيارات سوى استمرار الحصار والقصف للمدنيين والأحياء السكنية والطرقات، وما يجري من عدوان سافرٍ لا يمثّل أيةَ قيمة عسكرية لقوى العدوان، وإشعار الشعب اليمني أنه ما زال تحت الحرب والعدوان.
ولذلك فعملية نصر من الله هي عملية كبيرة جِـدًّا بما خلّفته من انعكاسات كبيرة على المستوى العسكري والأسرى والمدرعات والغنائم، وعلى المستوى النفسي، وأن تطهّرَ منطقةً كبيرةً استمر العدوّ للتحشيد فيها سنوات، ثم يسقُطُ في 72 ساعة، مسألة غير طبيعية وغير قابلة للقراءة العسكرية والمنطقية ولا نستطيع أن نَصِفَها إلا أنها نصرٌ من الله كما هي العملية.
وهي تأييدٌ حقيقيٌّ من الله سبحانَه وتعالى للمظلومين من أبناء الشعب اليمني.
– كيف يمكن أن تنعكسَ العملية على المسار السياسي والتفاوضي؟
أيةُ عملية عسكرية قوية تنعكسُ إيجاباً على المشروع السياسي وعلى المصلحة السياسية وعلى عملية التفاوض وعلى تثبيت موقف صنعاءَ، وتعود بالإيجابية الكبيرة في ما له علاقة بالشعب اليمني الصامد والصابر، وتثبت أن الصمود له معنىً إيجابيٌّ، وليس معنىً سلبياً، وهو صبرٌ استراتيجي له أثره الكبيرُ الذي نلاحظه اليوم من انكساراتٍ كبيرة وتراجع واضح في مسار العدوان.
– اطّلعتم على تسريب صحيفة وول ستريت الأمريكية فهل التسريبُ بالونةُ اختبار من قبل السعوديين أم إنه محاولةٌ للتهرّب من استحقاقات السلام؟
تسريبُ صحيفة وول ستريت الأمريكية هو محاولة اختبار لموقفنا، هل نحن سنقبلُ بتهدئة جزئية، بحيث يستمر القصفُ ويستمر الحصار مقابل المبادرة التي قدمها الرئيس المشّاط؛ ولذَلكَ كان الموقف واضحاً، كما إن المبادرة التي أطلقها رئيسُ المجلس السياسي الأعلى مهدي المشّاط واضحة وهي تنص أن يكونَ هناك مقابل كامل متبادل من الطرفين لا تجزئة فيه؛ ولذَلكَ نحن نعتقد أن الموقف الأمريكي لا يرغب بأن يكونَ هناك سلام في اليمن ويعتقد أن استمرار الصراع في المنطقة وفي اليمن هو جزء من منظومته الكاملة التي يتحَرّك فيها لتحقيق الكثير من الأهداف في ما له علاقة بحماية الصهاينة، وفي ما له علاقة ببيع السلاح وتدفق الأموال وطلب الحماية، وغيرها من التهديدات التي تفرضها الحروب، ونحن نعتقد أن هذه الصحيفة تعمد إلى تسريب الكثير من الأحداث التي لها علاقة بالمخابرات الأمريكية وهو مطلوب أن تخرج للرأي العام على أَسَاس إحداث حالة من التسليم لما يقال، بحيث نعتبر التهدئة الجزئية مكسباً، مقابلَ المبادرة التي قدّمها الرئيس، وهذا غير صحيح.. مطلوبٌ أن يكونَ هناك وقفٌ شاملٌ من كُـلّ الأطراف.
– أجريتم خلال الفترة الماضية العديدَ من اللقاءات الدبلوماسية.. ما النتائج التي توصلتم إليها حتى الآن؟
المقابلاتُ الدبلوماسيةُ والكثيرُ من اللقاءات مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة والعديد من الأطراف التي تحملُ رسائلَ من الجانبين السعودي والإماراتي وغيرهما، هي تصُبُّ كلُّها في زاوية أَسَاسية أن العدوانَ يعيشُ لحظاتٍ حرجةً جِـدًّا، ويبحثُ عن محاولة إنقاذ. الأمريكي والبريطاني يتحَرّكان بشكل كبير وسريع في محاولة لتخفيف الضغط الذي يتعرض له النظامان السعودي والإماراتي جراء العدوان على اليمن، إضافةً إلى محاولة تركيز جهودهم في المنطقة بعيداً عن الأزمة اليمنية والعدوان على اليمن التي أصبح يفوقُ توقعاتِهم في السابق أنه ربما يكون محدوداً، التحَرّك الأمريكي والبريطاني يسعى إلى الخروج بأقلِّ الخسائر والضغط على الطرف الوطني والوفد الوطني للقبول بأقل المكاسب، وهذا ما لم نقبلْه.
هناك نقاشات تجري كلها تهدف إلى أن يكونَ هناك وقفٌ حقيقي للعدوان وفكُّ الحصار وبدءُ العملية السياسية.
– إلى أي مدى يمكن أن يتكامل العمل العسكري مع العمل السياسي؟
يتكامل العمل العسكري والسياسي بشكل واضح وكبير منذ بداية الأحداث، منذ أن بدأ العدوانُ على اليمن ونحن نعتقدُ أن ما يجري في الميدان من صمود وثبات وانتصار يخدُمُ العمليةَ السياسية ويحقّقُ ويعجّل من عملية التفاوض الناجزة والناجحة التي يكون فيها الشعب اليمني في موقع المنتصر، وفي موقع الذي يحقّق أهدافه التي ضحّى من أجلها، وهو ما بِتنا نلمسُه أنه أصبح قريباً في حال لم يستطعِ العدوُّ أن يجعلَ من ذلك مسألةَ وقت.
هو يريد أن يذهبَ إلى تهدئة لامتصاص حالة الانكسار الكبير لدى النظام السعودي والإماراتي؛ لترتيب صفوفهما مجدّداً كما كان يحصل في السابق، ولكن نؤكّـد أن القيادة الثورية والسياسية والوفد الوطني تدرك هذه المخاطر، وما نطالبُ به في الأَسَاس هو مطالب عادلة في كُـلّ الأحوال ولا تمثل إعجازاً أَو أنها معضلة بقدر ما هو استحقاقٌ طبيعي لصمود الشعب اليمني.
– يتحدّثُ المسؤولون الأمريكيون وآخرهم مساعد وزير الدفاع عن حَــلٍّ يُفضي لتشكيل حكومة تضُمُّ أنصارَ الله وهادي والانتقالي.. ما دلالة الانفراد الأمريكي بالحديث عن مستقبل اليمن بعيداً عن دول العدوان واللاعبين المحليين؟
الموقفُ الأمريكي في العادة يسارعُ إلى إعلان رؤيته بشأن اليمن، سبق ذلك في الأحداث التي سبقت الهجوم على الساحل الغربي عندما رسم مرحلةَ الحرب أن تبقى شهراً، وهو ما جعل المعركة تتفاقمُ بشكل أكبر، الموقف الأمريكي هو من يرسُمُ ويخطط، وتخرج التصريحات الأمريكية لتؤكّـدَ أن السعودية والإمارات إنما تنفّذُ هذا المخطّط. وتؤكّـدَ أنهم فعلاً يتّجهون لرسم محدّداتٍ جديدة سيقبل بها السعودي بعيداً عن أية اعتبارات أُخرى، إضَافَةً إلى ذلك ليست المسألة تشكيلَ حكومة، وإنما المسألةُ حَــلٌّ سياسي شامل يؤدي إلى أن يكونَ هناك مجلسٌ رئاسي متوافَقٌ عليه، وتشكيل حكومة وحدة وطنية متوافق عليها.
ما يسمى بالشرعية أصبحت فاقدةً للشرعية، سواءً من حيث فشلها في الميدان، ومن حيث فسادها ومن حيث المشاكل التي تعرضت لها؛ نتيجةَ التطبيل للاحتلال، فنالت ما نالته، وما تتعرض له هو استحقاقٌ طبيعي؛ لأَنَّ أهدافَ الاحتلال ليست أهدافَ ما تسمى بالشرعية.
مستقبل اليمن يرسمُه أبناؤه، نحن لا يمكن أن نقبلَ أن يأتيَ أيُّ طرف خارجي ليرسُمَ مستقبل اليمن، وما نأملُه من بقية أبناء الشعب اليمني أن يدركوا هذه المسألةَ، والاستمرارُ في ربط القرار في الخارج إنما هو كارثةٌ في حقهم وفي حَــقّ الشعب اليمني؛ ولهذا نتمنى أن يبقى الشعب اليمني هو صاحبَ قراره وسيادته واستقلاله.
– ختاماً.. ما هي رسالتُكم للعدوّ وللشعب اليمني بعد عملية بقيق وعملية نصرٌ من الله؟
على العدوِّ أن يُدرِكَ أن عدوانَه على اليمن لا يمكنُ أن يعطيَه أيَّ أمن أَو استقرار بالمطلق، خمسُ سنوات كافيةٌ لأَنْ تثبتَ له ذلك، وأن يدركَ أن لا خيارَ أمامَه إلا وقف العدوان وترك اليمنيين للحوار السياسي لإيجاد سلطة سياسية في صنعاء متوافَقٍ عليها بدون التدخل في شؤونه، وكذلك أن تخرجَ القوات الأجنبية من اليمن وأن ينعَمَ اليمنُ باستقرار وتعايش.
الشعب اليمني يرى بعينه مآلاتِ الصمود والانتصارات الكبيرة التي تقرُّ بها العينُ، يرى ويشاهدُ بشكل سريع مآلَ الصبر وماذا ينتجُ عنه، وأن للصبر إيجابيةً كبيرةً للحصول على النصر، والتوكل على الله والاعتماد عليه مهما كانت التحديات ومهما بلغت المؤامرات.
في هذه الخمسة الأعوام مررنا بمؤامرات كبيرة جِـدًّا ومشاكلَ داخليةٍ وحصارٍ ومحاولة استهداف واستقطاب وإثارة مشاكلَ بين أبناء الوطن، ومحاولة إثارة النعرات الطائفية والمنطقية ومحاولة تنشئة جيل يساندُ الارتزاق ويقبل بالاحتلال، وما يجري يُثبِتُ أن الاتّجاهَ الذي يتحَرّك فيه الشعبُ اليمني الصامد المواجِهُ للعدوان هو الاتّجاهُ الصحيحُ والذي سيسجّلُه التاريخُ في مواجهة العدوان السعودي الأمريكي على اليمن.
وأيضاً إن العمليةَ الكبيرةَ التي وفّق اللهُ لاستهداف أرامكو هي رسالةٌ مهمةٌ وتثبتُ أن الشعبَ اليمني استطاع أن يصلَ إلى أماكنَ حسّاسةٍ ومؤثرة على العدوّ من الناحية الاقتصادية وحتى من الناحية السياسية والسُّمعة الدولية، وهو ما جعل العدوّ في حالة من الهستيريا وعدم الاتزان، وهي تثبت أن كُـلَّ هذه الاعمال التي تقعُ بالعدوّ هي من فعلِ يديه وعليه أن يتخلَّصَ من هذا الإجرام الذي يقومُ به على الشعب اليمني ويترك لليمنيين الحوارَ السياسي ويعالجَ ما فرَضَه من كوارثَ بحق اليمن وأن يخرُجَ فوراً من كُـلِّ شبرٍ في الأراضي اليمنية.