رابطةُ علماء اليمن تنظّم ندوةً بعنوان “القضاءُ بين الواقع والطموح”
استعرضت توصيات لتصحيح مسار القضاء:
المسيرة | صنعاء
نظّمت رابطةُ علماء اليمن، أمس الأول، ندوةً بعنوان (القضاءُ بين الواقع والطموح)؛ وذلك لتدارس وضع القضاء ووضع معالجات عملية تطبّق على الواقع.
وخلال الندوة التي حضرها عددٌ من العلماء، ألقى رئيسُ رابطة علماء اليمن، العلامة شمس الدين شرف الدين، كلمةً تطرّق فيها إلى أَهَـمِّ الأسس التي لا بُدّ أن تتوفرَ في ولاة الأمر والقضاة، والتي منها الخشيةُ من الله، القوةُ في إقامة الحق، عدمُ أخذ الرشوة وبيع الدين بالمال، مُشيراً إلى ضرورةِ اعتبار النزاهة والكفاءة في السلك القضائي، وتجنيب المعهد العالي للقضاء المحاصصة الحزبية والسياسيّة والمناطقية والأُسرية.
وأكّـد العلامةُ شمس الدين ضرورةَ تفعيل التفتيش القضائي، حتى يتمَّ اتّخاذُ الإجراءات القانونية الرادعة في حقِّ المفسدين، مُشيراً في ختام كلمته إلى ضرورة تجسيد حياة النبي في الواقع العملي.
من جهته، ألقى رئيسُ مجلس القضاء الأعلى، القاضي أحمد يحيى المتوكل، كلمةً تحدّث فيها عن ضرورة وجود قضاء مستقل يحكم في الناس بالعدل، مُشيراً إلى أنَّ القيادةَ السياسيّة حريصةٌ على بناء قضاء مستقل عادل.
وبيّن المتوكلُ أن وجودَ الاختلالات والعوائق في الجهاز القضائي غيرُ خافٍ على أحد، رغم بذل الجهد من القيادة السياسيّة والسلطة القضائية للرفع من مستوى القضاء، مؤكّـداً وجودَ استهداف ممنهج من قبَل العدوان الظالم على البنية التحتية لمباني القضاء، مع تعمّد العدوان لقطع مرتبات القضاة؛ لإيجاد شللٍ في الجهاز القضائي.
بدوره، ألقى عضو المحكمة العليا، القاضي محمد عبدالله الشرعي، كلمةَ الورقة الأولى بعنوان (تكبيلُ القضاء وسبلُ المعالجة والنهوض)، تحدّث فيها عن معوقات القضاء وأسباب جموده، مبيناً وجود فجوات وتنافر بين النصِّ القانوني وتطبيقه في الواقع.
واستعرض الشرعي عدداً من الأسباب التي تُكبّل القضاء، والتي من ضمنها جانبُ القصور في جانب التأهيل والإعداد لعنصر القاضي، وكذلك وجود نصوص قانونية إجرائية لا تتلاءمُ مع طبيعة المجتمع اليمني، وقصور في تعيين القضاء في المكان المناسب؛ نتيجةَ عدم وجود معايير عادلة وموضوعية عند التعيين.
من جهته، ألقى مستشارُ وزارة العدل للعلاقات والإعلام حمود أحمد مثنى، الورقةَ الثانيةَ بعنوان (استهداف تحالف العدوان السعودي الأمريكي السلطة القضائية)، ذكر فيها أنَّ البشريةَ توافقت على ضرورة تجنيب العمران ويلات الحروب، وكذلك حرمة الاعتداء على الأطفال والنساء وكبار السن والعلماء والقضاة ووجاهات القبائل وحرمة المساكن ودُور العبادات والمنشئات المرتبطة بحياة المدنيين.
وأشَارَ مثنى إلى أنَّ القوانينَ والأعرافَ والمواثيقَ والاتّفاقياتِ الدوليةَ تجرّم تدمير الأعيان المدنية وأماكن العبادة، مؤكّـداً أنَّ العدوانَ الغاشمَ استهدف بشكلٍ مباشرٍ بالطيران الحربي رجالَ القضاء، حتى بلغ عددُ شهداء السلطة القضائية ثلاثةَ عشر قاضيًا، وكذلك تدمير عدد كبير من المباني القضائية التي بلغ عددها (41) مبنىً في (15) محافظة شمالًا وجنوبًا.
فيما ألقى الأُستاذ الباحث عادل حسين حميد القانص-مدير الشعبة الاستئنافية التجارية بالأمانة- الورقةَ الثالثةَ بعنوان (ارتقاء الإدارة القضائية للمحاكم ضمانةٌ لإرساء استقلال القضاء وشرطٌ أَسَاسي للحدِّ من الاحتلالات المالية والإدارية)، بيّن خلالها مفهومَ استقلال القضاء، متطرقًا إلى الضمانات التي توفّر استقلال القضاء متمثلةً في نزاهة القاضي وعدم انتمائه سياسيًّا، مع عدم الجمع بين عضوية المحكمة والوظائف الأُخرى، وعدم عزله عن منصبه القضائي إلا بموجب القانون.
بدوره، ألقى عبد الجليل السحيدي، كلمةً عن الجهاز المركزي للمحاسبة والرقابة، وذلك في الورقة الرابعة بعنوان (الدور المأمول من القضاء بالشراكة مع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لحماية الأموال العامة)، أكّـد فيها أهداف ومهام الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كهيئةٍ رقابيةٍ عليا مستقلةٍ.
وتطرّق إلى دور الجهاز في حمايةِ المال العام بالشراكة مع القضاء، والتي تُعتبر في طليعة أهداف الجهاز، وتُمثّل القاسمَ المشتركَ الذي يميّز علاقة الجهاز بالسلطة القضائية؛ كونها علاقة تكاملية تهدف إلى الشراكة في تحمّل مسؤولية حماية المال العام.
واستعرضت الندوةُ عدداً من التوصيات الهامّة، حيثُ دعت الجهات المختصة لتشكيل هيئة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، موضحةً ضرورة شمول الهيئة من العلماء في الفقه الإسلامي وفي الفقه القانوني ومن قضاة وأكاديميين.
وأكّـدت التوصياتُ أهميّةَ النظر فيما يلزم تعديله من نصوصٍ في بعض القوانين كقانون الجرائم والعقوبات، وتوصيف الجرائم توصيفاً شرعياً سليماً ووافياً على ضوء ما أفرزته بعضُ الجرائم المرتكبة في العصر الحديث بصورة جديدة، ومن ضمنها جرائمُ العدوان.
وشدّدت الندوةُ على ضرورة إلزام القضاة والعاملين في المحاكم بحضور الجلسات وعدم الغياب فيها، مبينةً ضرورةَ إنجاز حل للقضايا والإشكاليات؛ وذلك مراعاة لظروف المواطنين، داعيةً إلى التنسيق من قبَل السلطة القضائية مع الجهات الأمنية واستمرار اللقاءات بينهما؛ لمناقشة الواجبات المشتركة بينهما بما يكفل تطبيق القانون، مشدّدة على ضرورة منع التدخل في القضايا المنظورة أمامَ القضاء من قبل المسؤولين والمشايخ والمشرفين.