وزارةُ الشؤون القانونية وجهاز الرقابة والمحاسبة وخطاب الرئيس المشّاط

مطهر يحيى شرف الدين

عندما يتمُّ كشفُ تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للعلن ولوسائل الإعلام، فما على الجهات المسؤولة والمعنية بعد إنجاز مهام جهاز الرقابة إلّا أن تقومَ بإكمال دورها في توفير الحماية القانونية للمال العام، واتخاذ الإجراءات الصارمة ضدّ من أظهرت تلك التقارير مسؤوليته عن التقصير والإهمال أَو الإخلال الذي نتج عنه ظاهرة فساد مؤثرة على موارد الدولة، ومن ذلك -على سبيل المثال- تقريرُ الجهاز بشأن أسواق أمانة العاصمة الذي أظهر اختلالات كبيرة، منها عدمُ تحصيل الإيرادات بالشكل المطلوب؛ بغرض الابتزاز والاستغلال لتحقيق مصالحَ خَاصَّةٍ، إذ كشف التقريرُ أن نسبةَ ما يتمُّ تحصيله فعلاً من بعض الأسواق 1% وفقاً لتقييم الأوعية الإيرادية للسوق.

إضافةً إلى مخالفات وتجاوزات في إدارة أنشطة الأسواق، وضعف حماية أراضيها وتحصيل مواردها، التي تبلغ المئات من الملايين كمبالغَ مستحقة للدولة.

وسواءٌ أكان ذلك إهمالاً أَو استيلاءً أَو تواطؤاً يهدف إلى أن يلجأ البعضُ إلى الحيل المؤدية لنهب إيرادات المصالح العامة، وتحويلها إلى أملاك خَاصَّة غير مشروعة، فإنَّ مسؤوليةَ مواجهة ذلك ترجع إلى منظومة الأجهزة الرقابية والقانونية والقضائية، التي ينبغي عليها تفعيل دورها واختصاصاتها في حماية المال العام من العبث والدفاع عن قضايا الدولة.

وعلى كُـلٍّ فإنَّ مسألةَ مواجهة إهمال قضايا المال العام والحفاظ عليه واسترداده بلا شكٍ يتوجّـه بنا إلى الدور والاختصاص المناط بوزارة الشؤون القانونية والإدارات القانونية في الجهات الحكومية، ومهامها في حماية المال العام والدفاع عن قضايا الدولة أمام الهيئات القضائية، والتي كانت مهملةً ويُحكم للغالبية العظمى منها للأشخاص النافذين أَو المستثمرين أَو للقطاع الخاص؛ وذلك بسبب ما كان يحصل من عدمِ إيلاء هذا الجانب المتابعة المستمرة والتقييم الدقيق والشامل لمستوى وضع قضايا المال العام من قبل الجهات المسؤولة سابقاً.

ومواجهةً لذلك وحتى لا تستمر الاختلالاتُ أَو تكون أوجه القصور سبباً في قيام البعض باستغلال إهمال المال العام، ليكون بعد ذلك طريقاً إلى الاستيلاء عليه، كان لزاماً على وزارة الشؤون القانونية أن استشعرت مسؤولياتها وقامت بتشكيل لجنة قانونية ميدانية، تعمل على تقييم وتفتيش إدارات الشؤون القانونية في الجهات الحكومية؛ لمعرفة مدى قيامها بمهامها وَتفعيل اختصاصها ودور ممثليها، والتي كانت في ظل النظام السابق في وضع الإهمال والتهميش، الأمر الذي جعل من المال العام عُرضةً للنهب والضياع والاستغلال.

ولذلك فإنَّ لأهداف وأهميّة تشكيل اللجنة دوراً مهماً في معرفة ومناقشة المشكلات التي تقف حجرَ عثرة أمام مهام ممثلي الشؤون القانونية في الحفاظ على المال العام، والخروج بحلول عملية تعمل على بذل الجهود في سبيل معالجة تلك الإشكالات والتصدي لإهمال قضايا المال العام، واستدراك الوقوع في أوجه القصور التي تؤثر على هدر وضياع أموال الدولة، الأمر الذي يتوجّب على قيادات المؤسّسات الحكومية التفاعل مع ملاحظات وتوصيات تقارير اللجنة القانونية، وَإدراك الاختلالات والعمل على تفعيل الدور الهام والمسؤول المناط بالإدارات القانونية في إيلاء قضايا المال العام الاهتمام اللازم، ودعم أداء القانونيين المترافعين في قضايا الدولة في المتابعة والترافع، إذ أنَّ ذلك سيمكن الدولةَ من فرض قوتها في الحفاظ على أموالها واستعادة ما أمكن منها، وصولاً لتحقيق متطلبات الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة.

وبالمناسبة تجدر الإشارةُ إلى كلمة الرئيس مهدي المشّاط -يحفظه الله-، الأسبوع الماضي، الذي أكّـد فيها على ضرورة مكافحة الفساد المنظّم الذي يستهدف المالَ العام، مؤكّـداً في خطابه على تفعيل دور الأجهزة الرقابية وهيئة مكافحة الفساد.

كلمةُ الرئيس المشّاط كانت بحقٍّ فريدةً من نوعها، إذ أنها قد أظهرت توجّـهات القيادة السياسية الجادة والنيةَ الحقيقية في مكافحة الفساد ومواجهة المفسدين، وكان أَيْـضاً قد حثَّ على دور الإعلام والمشاركة المجتمعية في كشف الفساد والإبلاغ عن أية تجاوزات أَو مخالفات، تمثِّل مظهراً من مظاهره، واعتبر الفاسدين امتداداً للعدوان على اليمن، وأنه لن يتمَّ التهاونُ في اتخاذ إجراءات صارمة بحقِّ تقاعس المسؤولين عن أداء مسؤولياتهم ومهامهم..

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com