الطقوسُ التاريخية للاحتفال بالمولد النبوي الشريف بمحافظة حجّة
المسيرة | وائل شاري
لا يختلفُ أبناءُ محافظة حجّة عن غيرهم من أبناء اليمن في تعظيم مولد النبي الأكرم محمد -صلّى اللهُ عليه وآله وسلَّم-، فيُحيون سيرةَ النبي في نفوسهم ويغرسونها في أطفالهم؛ ليتربوا على السيرة المحمدية وعلى منهاج سيّد الخلق، وعلى التولي لأَعلام الهدى من أهل بيته الأطهار.
ويمثّل مولدُ النبي محمد -صلّى اللهُ عليه وعلى آله وسلّم- لدى أبناء محافظة حجّة عيداً سنوياً يحرصون على الاحتفال به مثل عيدَي الفطر والأضحى، كما احتفظوا بالعادات والتقاليد التي اعتاد عليها آباؤهم وأجدادُهم، وتعتبر الموالدُ التي تقام في المساجد والمنازل حاضرة بقوة في هذه المناسبة.
وتبدأ الاحتفالاتُ بالمولد النبوي مع بداية شهر ربيع الأول وحتى يوم الثاني عشر من كُـلِّ عام، لتنطلق الاحتفالات والطقوس التي اعتاد أبناءُ حجّة على إحيائها؛ تعظيماً لمولد الرسول الكريم، ومنها إقامةُ الدروس بالمساجد لسرد سيرة النبي الأعظم، حيثُ يتمُّ تزيينُ المساجد وتطييبها بالبخور والعودة ورشها بماء الورد، كما تجمع الصدقات وتوزّع على الفقراء والمساكين، ولا يخلو ذلك من مظاهر إحيَاء المولد في المنازل، حيثُ تستمر الموالد النبوية التي يتخللها قراءة سيرة الرسول والإنشاد الديني في مدح خصال وسجايا النبي الأكرم في المجالس منذُ بدء اليوم الأول لشهر ربيع الثاني حتى يوم المولد.
وفي ليلةِ المولد النبوي الشريف يحرص أبناءُ المحافظة على إيقاد النار على قمم الجبال والتي تُسمّى “التنصيرة”، وهي كذلك توقد في ليالي أعياد الأضحى المبارك وَالفطر وعيد الغدير (الولاية), والتي ترمز إلى تعظيم الأعياد الدينية والاحتفاء بها والتي لا تزال متوارثة منذُ مئات السنين إلى يومنا الحاضر.
ويُعتبر الاحتفالُ بمولد خير البريّة في محافظة حجّة ليس مجرّدَ طقوس فلكلورية تراثية تتوارثها الأجيالُ عن الأجداد جيلاً بعد جيل، كما إنها ليست مناسبةً دينيةً عابرةً، ولكنها مناسبة تحمل للأُمَّـة الإسلامية عنوانَ مولدها وسرَّ تقدّمها وأَسَاسَ وجودها كأمة عزيزة بكرامتها، حيثُ يستلهمون من شخصية النبي الأعظم القيمَ الجهادية ومقوماتِ الأمن والاستقرار التي منحتهم المنهجية الحقيقية للجهاد في سبيل الله في الحاضر والماضي والمستقبل.
كما إنَّ إحيَاء المولد النبوي الشريف خلال الأعوام الأخيرة وبصورة غير مسبوقة في المحافظة، والتي يتمُّ خلالها تزيينُ المساجد وطلي قبابها باللون الأخضر، وكذلك انتشار الرايات الخضراء في المدن والأرياف وإقامة فعاليات متعدّدة من مختلف المكوّنات، سياسية وقبلية وسلطة محلية، يُعدُّ تجديداً للعهد والولاء لسيدنا محمد رسول الله والتمسّك بما جاء به، خُصُوصاً في ظلِّ حملة التشويه المتعمدة من قبل أعداء الأُمَّـة التي تستهدف نبينا الأكرم من قبل بعض القوى الدينية الرجعية التي تحرّم الاحتفال بمولد خير البرية.