العلاقةُ بين الأطراف المشاركة بالجريمة بعد ارتكابها

يوضِّحُ التقريرُ عدةَ نقاط تحت هذا العنوان، وهي:

1- محاولاتٌ سعوديّةٌ لإلصاق الجريمة بالأطراف اليمنية.

2- محاولةُ كُلٍّ من السعوديّين وكذلك علي عبدالله صالح إلصاقَ الجريمة بطرفٍ واحدٍ وهو الرئيس أحمد حسين الغشمي؛ وذلك لصرف الأنظار عن دور بقية الأطراف.

3- فبركةُ قصص مختلفة عن تفاصيل الجريمة والضالعين بارتكابها؛ مِنْ أجلِ إبعاد الناس عن القصة الحقيقية وعن الأطراف الحقيقية الضالعة بالجريمة.

4- محوُ وإتلافُ أيِّ دليلٍ يكشفُ حقيقةَ ما جرى من ضمن ذلك الوعد بتقديم أموال لأسرة الفتاتين الفرنسيتين؛ للتوقف عن المطالَبةِ بكشف ملابسات الجريمة.

5- استخدمت السعوديّةُ القضيةَ كورقةِ ضغطٍ وتهديدٍ على الأطراف المنفّــذة للجريمة؛ لتظلَّ تلك الأطرافُ تحتَ السيطرةِ السعوديّة.

6- جرى تبادُلٌ للاتّهامات بشأن الوقوفِ خلف الجريمة والمشارَكة في ارتكابها، وتحديداً بين النظام السعوديّ وعلي عبدالله صالح.

7- علي عبدالله صالح اتّهم الملحَقُ العسكريّ السعوديّ بالإشراف على اغتيَال الرئيسِ الحمدي؛ لترُدَّ السعوديّةُ بعد ذلك في واحدة من أبرز وسائلها الإعلامية باتّهام صالح بقتلِ الحمدي.

8- وثيقةٌ يتحدث فيها الهديّان بالقول: إن صالح مشترِكٌ بقتل الحمدي ومقطع مرئي يتهم فيه صالح الملحق العسكريّ السعوديّ بالإشراف على اغتيَال الحمدي.

 

دوافعُ الجريمة:

يذكُرُ التقريرُ أن السعوديّةَ ارتكبت جريمةَ اغتيَال الحمدي لعدة أسبابٍ لخّصها فيما يلي:

1- شهدت العلاقةُ بين الحمدي والنظام السعوديّ حالةَ فتور ثم تطورت إلى خلاف وتوتُّر على الكثير من المِـلَـفَّات والقضايا، أبرزُها التدخُّلُ السعوديّ في اليمن.

2- تؤكّـدُ وثيقةٌ عبارةٌ عن محضَر لقاء جمع الحمدي بوزير الداخلية بالشطر الجنوبي مبعوث الرئيس سالمين قبل الانقلاب الدموي بخمسة أشهر، رغبةَ الحمدي في تعزيز قوة اليمن وكذلك تذمُّره من حجم التدخل السعوديّ في شؤون الشطر الشمالي وقتَها.

3- وقوفُ الحمدي أمام محاولاتِ السعوديّة لإشعال الحرب بين الشطرَين، من خلال دفع الشمال لمحاربة الجنوب أَو تحريض الشطر الشمالي على الشطر الجنوبي، وقال الحمدي لمبعوث سالمين: تأكّـدوا أَنه لا يقدر أحد على وجه الأرض أن يدفعَ بنا لمحاربة الجنوب، وقَسَماً لو تنطق الأحجارُ إننا لن نحاربَ إخواننا، وسنلتقي مع إخواننا في الشطر الجنوبي مهما كلّف ذلك من ثمن، فهذا واجبٌ وطني، ومصلحةُ اليمن تقتضي الاتّفاق.

4- مِـلَـفُّ الحدود.. والبدايةُ بخارطة اليمن في الكِتاب المدرسي وقتها، حَيْــثُ تكشفُ الوثائقُ انزعاجَ السعوديّة مما قيل وقتها إن الطلابَ اليمنيين يدرسون أن جيزان وعسير ونجران مناطقُ يمنية.

5- وثيقةٌ أُخرى تؤكّـدُ أن مَن قام بطباعة الكتاب هي السعوديّة، إلا أنها عادت وسحبت كُـلَّ النسخ بعد معرفة الخارطة ثم حاولت طباعةَ كتاب جديد بخارطة جديدة ضمَّت إليها ليس جيزان وعسير ونجران فقط بل وكل مناطق الربع الخالي، وأرادت توزيعَ هذا الكتاب على المدارس اليمنية إلا أَن الحمدي رفض ذلك، وهنا نذكُرُ لكم كلام الحمدي بالنص حول هذه القضية: لقد طبعت لنا السعوديّة كُتُباً مدرسية خلال السنوات التي مضت في حدود 350 – 400 ألف كتاب مدرسي وبطريقة الخطأ عملوا بالخرائط نجران وعسير وجيزان وغيرها يمنية، لكن تنبهوا قبلَ فترة وقالوا إن هذا خطأ وغيّروا وعملوا خارطةً أُخرى حتى اعتبروا الربعَ الخالي تابعاً لهم.. لم نوافق على ذلك وأجّلنا نقاشَ الموضوع.

6- الوثائقُ كذلك تشيرُ إلى أَن الحمدي حاول عدمَ فتح مِـلَـفِّ الحدود في وقت كانت السعوديّة تريدُ تثبيتَ الوضع الحدودي؛ لأسباب على رأسها أن هناك من اليمنيين مَن سيقفُ إلى جانب السعوديّة وليس إلى جانبِ بلده، إضَافَـةً إلى أن اليمنَ لم يكن قويّاً لدرجة فتح مثلِ هذا المِـلَـفِّ حتى يضمنَ استعادة حقِّــه.

7- كذلك حرّض الحمدي القبائلَ في المناطق الحدودية علَى إطلاق النار على المروحيات العسكريّة السعوديّة التي كانت تقومُ بتجاوز الخطِّ الحدودي ومواجهة أي تقدم عسكريّ سعوديّ.

8- النظام السعوديّ لم يكن يرغبُ في التقارب بين صنعاءَ وعدنَ، وكذلك في توجّـه الحمدي نحو استكشاف النفط، وكذلك الخروج عن الهيمنة السعوديّة، إضَافَـةً إلى مِـلَـفٍّ خطيرٍ له علاقةٌ بالكيان الصهيوني، وهو مِـلَـفُّ بابِ المندب والبحر الأحمر؛ ولهذا تشيرُ الوثائقُ إلى أن الحمدي كان يؤكّـدُ أن أصحابَ الشأن في البحر الأحمر هم اليمنيون بالدرجة الأولى؛ لأَنَّهم هم الذين يتحكّمون بأَهَمِّ موقع.

 

دور الغشمي:

يوضح التقرير أن دورَ نائب القائد العام رئيس هيئة الأركان المقدم أحمد الغشمي في الجريمة تمثّل في الآتي:

1- التآمر على الرئيس القائد العام للقوات المسلّحة إبراهيم الحمدي.

2- التخابُر مع دولة أجنبية.

3- استدراج الرئيس إبراهيم الحمدي إلى مسرح الجريمة.

4- إعطاء الأوامر بتنفيذ اعتقالات وإخفاقات قسرية وكذلك توجيهات وأوامرَ لما يتعلقُ بالجريمة قبلُ وأثناءَ وبعدُ.

 

دورُ علي عبدالله صالح:

يلخّصُ التقريرُ دورَ قائد لواء تعز، الرائد علي عبدالله صالح، في الآتي:

1- المشاركة في المؤامرة الانقلابية الدموية على رئيس مجلس القيادة القائد العام للقوات المسلّحة، المقدم إبراهيم الحمدي.

2- التخابر مع دولة أجنبية.

3- المشاركة في اغتيَال الرئيس إبراهيم الحمدي.

4- المشاركة في مباشَرَةِ قتل الرئيس إبراهيم الحمدي.

5- المذكورُ يُعتبَرُ المنفّــذَ الرئيسيَّ لجريمة اغتيَال الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.

6- المشاركة في اغتيَال قائد قوات العمالقة، المقدَّم عبدالله الحمدي.

7- إعطاء أوامرَ بتنفيذ أعمال وممارسات ضمن الانقلاب الدموي الذي شهدته صنعاء 11 أُكتوبر 1977م.

8- محاولة طمس أيِّ دليل يكشفُ تفاصيلَ الجريمة ومَن يقفُ خلفها.

9- أصدر توجيهاتٍ بعد وصولِه إلى السلطة لجهاز المخابرات (الأمن الوطني) بالنشر في أوساط المواطنين أنَّه لم يكُنْ في صنعاء وقتَ اغتيَال الحمدي وأنه كان في تعز، وذلك في محاولةٍ لنفي أية صلة له بالجريمة.

 

نتائج:

ومن خلال ما سبق يخلُصُ التقريرُ إلى ما يلي:

1- إنَّ الرائدَ علي عبدالله صالح هو المنفّــذُ الرئيسيُّ لجريمة اغتيَال الرئيس إبراهيم الحمدي وكذلك شقيقه عبدالله الحمدي.

2- وقوفُ النظام السعوديّ خلفَ جريمةِ الاغتيَال، من خلال التمويل والتخطيط والإشراف على التنفيذ.

3- إنَّ جريمةَ اغتيَال الرئيس الحمدي لا تسقُطُ بالتقادُمِ، فتلك الجريمة حدّدت مساراً آخرَ لهذا الشعب ولهذا الوطن وأدَّت إلى نتائجَ كارثيةٍ وتداعيات خطيرة لا زلنا نعاني منها حتى اللحظة.

4- ليس صحيحاً أن الشعبَ اليمني تخلَّى عن الحمدي -كما قيل ويقالُ-، بل إنَّ عشراتِ الآلافِ من المواطنين خرجوا ومن مناطقَ عدة يومَ التشييع بأعداد كبيرة جِـدًّا امتلأت بها الساحاتُ والشوارعُ، مطالبين بقتَلة الحمدي وبالعدالة، واستمرت التظاهرات عدة أيام شهدت خلالها ملاحقاتٍ أمنيةً واعتقالاتٍ واغتيَالات.

5- الشعبُ اليمنيُّ لا يزالُ حتى اللحظة يُكِنُّ كُـلَّ الاحترام والحُبِّ والتقديرِ للرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي.. لم يتخلَّ عنه ولن يتخلى عن كُـلِّ الأوفياء الصادقين الباحثين عن عِزَّتِه الساعين إلى مجده المحافظين على العهد عهد السيادة والاستقلال، فالحمدي احترم الشعبَ وهذا الشعبُ يحترمُ كُـلَّ وفيٍّ مخلِص وَكُلَّ صادق وَكُلَّ قائدٍ ضحّى بنفسه في سبيل الله وفي سبيل هذا الشعب الصابر الصامد وهذا الوطنِ العزيز الغالي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com