وثيقة: السعوديّةُ نصّبت “صالح” رئيساً لدوره في جريمة اغتيَال الحمدي
– الهديان يخاطبُ الديوان الملكي السعوديّ: علي عبدالله صالح هو رجلنا
– “علي مسلم” مخاطباً الأمير سلطان بن عبدالعزيز: أمرنا المشايخ بتأييد رجلنا (صالح) وأخبرناهم أن المملكة لن تسمحَ بمعارضته
صحيفةُ “المسيرة” تنشُرُ نَصَّ ما جاء فيها:
صحيفةُ المسيرة حصلت أَيْـضاً على نسخة من وثيقة “تقرير سري” تم العثورُ عليها في أرشيف السفارة الأمريكية بصنعاءَ، وتتضمنُ الوثيقةَ “برقيات مشفرة متبادلة بين صنعاء والرياض” التقطتها أجهزةُ السفارة وقامت بحلها، وهي عبارةٌ عن مراسلات بين الملحق العسكريّ السعوديّ بصنعاء آنذاك العقيد صالح الهديان، والمستشار في الديوان الملكي علي بن مسلم الذي يتبعُ مباشرةً الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وتظهرُ هذه المراسلات بوضوح تخطيط وتنفيذ النظام السعوديّ لجريمة اغتيَال الشهيد الحمدي، وإدارتها المباشرة للوضع في اليمن بعدَ الجريمة، كما تكشفُ أن السعوديّةَ هي مَن نصّبت “علي عَبدالله صالح” رئيساً لليمن بعد دوره في جريمة الاغتيَال.
إحدى البرقيات التي تضمنتها الوثيقة، مؤرّخة بتاريخ 24 يونيو 1978م، أرسلها صالح الهديان إلى علي مسلم، وفيها يقول الهديان بالحرف الواحد: “تم بتوجيهاتي ما يلي: تشكيل مجلس رئاسة، العرشي رئيساً، الشيبة قائداً عاماً وعضواً، علي عبدالله صالح عضواً ونائباً للقائد العام ورئيساً للأركان، عبدالعزيز عضواً” ثم يقول “الشعور العام بعد مقتل الغشمي هادئ” ويطلب المزيد من التوجيهات.
وتحتوي الوثيقة تحتوي رداً من علي مسلم إلى صالح الهديان جاء فيها: “اجعلوا من مقتل الغشمي قميصَ عثمان وابحثوا عن بديل لا نحملُه كما حملنا السابق الذي قتل قبل أَن يتم دوره.. راقبوا العرشي وزودونا بمعلوماتٍ أكثرَ عنه وعن الوضع كيف حدث ما حدث دون تنبيه مخابراتنا”.
وجاء رد صالح الهديان إلى علي مسلم كالتالي: “أخبرونا في القيادة أنهم يسهرون ويسكرون فلم ينتبهوا، مخابرات صنعاء مشكوكٌ في قدرتها، العرشي إداري ولكن أبعاده السياسيّة محدودة، أشك في صلاحيته كمنفّــذ دون نقاش”.
هكذا تم تعيينُ “صالح” رئيساً
في برقية أُخرى ترصُدُها الوثيقةُ بتاريخ 29 يونيو 1978م من صالح الهديان إلى علي مسلم يقول الهديان: “وصول الشيخ عبدالله الأحمر والمشايخ بجموع كبيرة أزعجنا وأربكنا، آل الغشمي يخشون من وضع يحاسبهم على قتل الحمدي والآخرين وأنا معهم، أرى أَن رَجُلَنا هو علي عبدالله صالح المشترك بالقتل، الشعب اليمني.. ملتهب، الموقف خطير”.
وترصُدُ الوثيقة الردَّ من علي مسلم إلى صالح الهديان يقول فيه: “ادفعوا إلى رجلنا (أي علي عَبدالله صالح) أيَّ مبلغ مما أرسلناه إلى الغشمي أخيراً لاستخدامه في عدن وأرهبوا الشيخ عبدالله الأحمر والمشايخ حتى يخرجوا من صنعاء، لا تقلقوا فقد أضعفهم المخطّط وأفقدهم أَو سلبهم القدرة على التأثير”.
وبعدَها بأيام في تاريخ 2 يوليو 1978 م ترصُدُ الوثيقةُ رسالةً من علي مسلم إلى الهديان يقول فيها: “سأصل إلى صنعاء على طائرة خَاصَّة بمال يكفي لحسم الموقف يتم تفاهُمُكم مع قادة الوحدات والضباط وتقديم المساعدة اللازمة لهم وكذلك مع أعضاء مجلس الشعب استخدموا لُغةَ الإرهاب وخَاصَّةً مع المشايخ فلم يبقَ لديكم من يستطيع المقاومةَ وكلهم بحاجة إلى المال وسوف أتصرف عند وصولي، تقريرُ المندوب الأمريكي لا قيمة له؛ لأَنَّ هدفَنا هو إضعافُ الشمال والجنوب وليس إشعال حرب حقيقية وحادث الغشمي يخدم المخطّط برغم أَنه ليس من ترتيبنا”.
وتحوي الوثيقةُ أَيْـضاً رسالةً بعثها علي مسلم بعد وصوله إلى صنعاءَ إلى الأمير سلطان بن عبدالعزيز يقول فيها: “سمو الأمير سلطان لم نكتفِ بسكوت المشايخ، أمرناهم بإعلان تأييدهم لرجلنا (أي علي عَبدالله صالح)، عبدالله الأحمر وآخرين معه كانوا ضيوفي على الغداء وقلت لهم بحزم: إن علي عبدالله صالح رجل المملكة تدعمه بكل إمْكَانياتها ولن تسمح لأحد بمعارضته، سلّطنا على العرشي مَن يرهبه، وسيتم اختيارُ رجلنا رئيساً وقائداً عاماً يوم الثلاثاء القادم وكل شيء على ما يرام”.
كما هو واضحٌ تكشفُ الوثيقةُ بما لا يدعُ مجالاً للشكِّ أَن السعوديّةَ التي أحكمت وصايتَها على اليمن بعدَ اغتيَالها الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، نصّبت “صالح” رئيساً؛ بسَببِ ما أثبته من ارتهانٍ لخططها في تنفيذه لجريمة الاغتيَال، وسمّته “رجلها”، وهذا يفسِّرُ سببَ استمرار سُلطته أيضاً.