الصخورُ والمعادنُ.. ثروةُ اليمن الحقيقية
رئيس هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية في مؤتمر صحفي بالعاصمة صنعاء:
إغلاق الكسارات في صنعاء وإب والحديدة لمخالفة قانون المحاجر والمناجم وإهدار المال العام
نافذون يسيطرون ويتحكّمون بالكسارات في اليمن منذُ 4 عقود
المسيرة | صنعاء:
مع بداية كُـلِّ إصلاحاتٍ تبدأها مؤسّسةٌ حكوميةٌ خدميةٌ وإيراديةٌ في حكومةِ الإنقاذ بالعاصمة صنعاء، انطلاقاً من توجيهات قائد الثورة السيّد عبدالملك بدر الدين الحوثي، والقيادة السياسية ممثّلةً بالرئيس مهدي المشّاط –رئيس المجلس السياسي الأعلى-، بشأنِ تجفيفِ منابع الفساد وضبط كُـلّ من ثبت بحقِّه نهبُ المال العام وسرقته وتقديمه للعدالة، إلّا وتبدأ الماكينةُ الإعلاميةُ للعدوان وأبواقها المأجورة المرتزِقة، استهدافَ تلك الإصلاحات وتشويهها عبر ضخِّ الشائعات والأكاذيب والأباطيل التي تصبُّ في مصلحة النافذين والفاسدين، الأمر الذي يؤكّـد وقوفَ دول العالم ودعمها لمنظومة الفساد الجاثم فوق صدور أبناء اليمن منذُ عقودٍ.
وعلى مدى 6 أشهر، تواصلُ هيئةُ المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية جهودَها في إصلاح مكامن الخلل داخل قطاعاتها المختلفة والمتنوعة، وعلى رأسها قطاعُ الكسارات التي يستحوذُ عليها نافذون من العيار الثقيل، ظلّوا على مدى عقود من الزمن يسيطرون على موارد تلك الكسارات ويحرمون الخزينة العامة للدولة مليارات الريالات، ما دفع أولئك النافذين إلى إعلانِ الحرب على الهيئة واستهدافها إعلامياً عبْرَ مأجورين وأقلام رخيصة داخل المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعية، وبث إشاعة قيام أنصار الله برفع أسعار الحصى المستخدم في البناء “الكري” دون إكمال الحقيقة التي يغفل عنها كُـلُّ أبناء الشعب اليمني، وهي أن فاسدين ونافذين لا يتعدّون الــ6 أشخاص ينتمون لقرية واحدة ويمتلكون شركات بناء ومصانع بُلُك وخرسانات، هم من يتحكمون بالجبال ويستثمرونها بدون عقود رسمية وقانونية، ويستغلون تلك الكسارات في جميع محافظات الجمهورية منذُ 40 عاماً بثمن بخس، ويبيعون مادة الكري لأنفسهم بأسعار زهيدة، فيما يعاد بيعها عبر مصانع البلك والخرسانات والخلاطات والإسفلت بمبالغ باهظة جداً.
وفي السياق، أكّـد الأستاذُ ضيف الله الشامي –الناطقُ الرسمي لحكومة الإنقاذ الوطني، ووزير الإعلام-، أن الحكومةَ تحرِصُ دائماً على نهج الوضوح والشفافية أمام الشعب الذي قد يتأثّر نوعاً ما؛ بفعلِ الدعايات والشائعات التي يبثها العدوانُ ومرتزِقته ووسائلُ إعلامه.
ولفت الشامي في المؤتمر الصحفي الذي عقدته هيئةُ المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية بالمنصة الإعلامية لأعضاء حكومة الإنقاذ الوطني والمؤسّسات الرسمية، أمس الأحد، بالعاصمة صنعاء، إلى الفساد المستشري على مدى عقودٍ داخل الوزارات والمؤسّسات والمقار الحكومية ونهب ثروات الشعب تحت غطاءات ومسمّيات شرعية لشرعنة هذا الفساد والنهب، ومنها هيئةُ الجيولوجيا التي تم إنشاؤها بغطاء قانوني تخدم شريحة النافذين والفاسدين من أبناءِ المسئولين في النظام السابق، مبيناً أن بعضَ أعضاء مجلس النواب الذين يقفون اليومَ ضدَّ تلك الإصلاحات داخل هيئة الجيولوجيا بعد تضرّر مصالحهم الشخصية الضيقة، هم أنفسُهم من يقفُ عائقاً أمام صدور قانون الصحافة والمطبوعات يُنَظِّمُ عملَ وسائل الإعلام في اليمن.
وكشف وزيرُ الإعلام عن هول وحجم الفساد الذي تسبّب في إفقار الشعب وثراء المسئولين والفاسدين على مدى 4 عقود مضت، مبيناً أن الجمهوريةَ اليمنيةَ تمتلك 46 مليونَ هكتارٍ صالح للزراعة، بينما يُزرع فقط مليون و45 مليوناً لا يُزرع، موضحاً أن اليمنَ تمتلكُ مقوماتٍ جغرافيةً وثروات معدنية وصخرية من شأنها أن تُغنيَ هذا البلدَ عن المساعدات المقدّمة من الغرب وعلى رأسها أحجارُ الزينة والبناء التي تكلّم عنها قائدُ الثورة السيّد عبدالملك بدر الدين الحوثي قبل بدء العدوان على اليمن في العام 2015م، وحاول الكثيرُ من العملاء والمرتزِقة السخرية منها والتقليل من شأنها.
ودعا الوزيرُ الشامي جميعَ الصحفيين والإعلاميين اليمنيين إلى عدم الانجرار وراء الأكاذيب والشائعات التي يطلقها العدوانُ وأبواقه المأجورة ووسائل إعلامه في سبيل استهداف الإصلاحات التي تقوم بها حكومةُ صنعاء، مطالباً الجميعَ أن يكونوا سنداً وعوناً لكلِّ من يسعى إلى التصحيح ومحاربة الفساد والوقوف بوجه كُـلِّ من يُخطئ ويمارس الاختلالات.
الكسارات.. مواردُ ماليةٌ مهدورة تقدّر بمئات الملايين:
بدوره، أوضح المهندسُ إبراهيم محمد الوريث –رئيس هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية-، أن الهجمةَ الإعلاميةَ الشرسةَ التي تتعرّض لها الهيئةُ هي بسَببِ مساعي إعادتها إلى مسارِها الطبيعي والقانوني ووقف العبث والفساد القائم فيها، بعد أن كانت غيرَ فاعلة ولا تقوم بأيِّ دورٍ في السابق، لافتاً إلى عمر الهيئة المقدّر بأكثر من خمسين عاماً، بدأت في المحافظات الجنوبية عام 1969م ومن ثم افتتحت بالمحافظات الشمالية عام 1973م تحت اسم مصلحة الثروات المعدنية.
وكشف المهندسُ الوريث خلال المؤتمر الصحفي، عن الحقيقة التي تغيب عن الجميع، وهي أن قطاعَ الكسارات في هيئة الجيولوجيا لم تكن الدولة تستفيد منه فلساً واحداً في السابق، وكانت المواردُ تصبُّ في مصالح نافذين عددهم 6 أشخاص، يتبعون المرتزِقَ حميد الأحمر وينتمون لنفس منطقته، وهم أنفسُهم من يمتلكون الكسارات في إب والحديدة وصنعاء وحجّة وبقيّة المحافظات، وهم أنفسُهم من يمتلكون مصانعَ الخرسانات الإسفلت والبلك ويبيعون لأنفسهم مادةَ الحَصَى “الكرّي” بسعر 5 آلاف ريال للمتر المكعب، بينما يعاد بيعُه للمواطن والمنظّمات والشركات بأسعار خيالية.
وقال رئيسُ هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية في تصريحٍ خاصٍّ لصحيفة “المسيرة”: إن الكسارات التي تم إغلاقُها وقامت القيامةُ من أجلها، واعترض أعضاءٌ في مجلس النواب على ذلك، تعتبر مخالفة للقانون وقد تم اتّخاذُ إجراءات الإغلاق حتّى يتم تسويةُ وضعها القانوني وتوقيع عقود استثمار جديدة بما يرفد الخزينة العامة بمئات الملايين المهدورة، مبيناً أن تلك الكسارات يقعُ 5 منها في منطقة همدان بمحافظة صنعاء، و3 في منطقة باجل بالحديدة، و4 في منطقة المخادر بإب، وهي مملوكةٌ لنفس الأشخاص، مُشيراً إلى تورّط العديد من القائمين على تلك الكسارات في قضايا فساد ونهب أموال وفرار البعض منهم إلى خارج البلد.
وأشَارَ المهندسُ الوريث إلى الصعوبات التي واجهت فرقَ الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية خلال النزول الميداني لمعاينة تلك الكسارات، بالإضافة إلى المغريات المالية التي كان يُقدمها مستثمرو بعض الكسارات لقيادة الهيئة تقدّر بمئات الملايين، لافتاً إلى العقودِ التي كانت تُمنح لمستثمرين في جبال الملح بمبالغَ زهيدة تُقدّر بـ 2000 ريال للطن الواحد، بينما يعاد بيعُه للمواطن بمِئة ريال للكيلو، أي 80 ألف ريال يُباع الطن، بالإضافة إلى جبال الذهب التي يتم استخلاصُها من قبل شركات تتبع أحمد علي عفاش، والتي تُقدر الإحصائياتُ نهبَ ملايين الجرامات من الذهب خلال الفترة الماضية.
وبيّن أن الكسارات في كثيرٍ من المناطق سبّبت كارثةً بيئيةً وصحيةً جرّاء عدم وجود دراسات والعمل بعشوائية في مناطق مأهولة بالسكان، مؤكّـداً إصابةَ المئات من المواطنين بمرض الربو في مديرية ضلاع همدان بصنعاء والمخادر بإب؛ بسَببِ وجود تلك الكسارات، مشدداً على أن صحةَ المواطنين لا تُقدّر بثمن، داعياً وزارةَ الصناعة والتجارة إلى تسعير البلك وإلزام مالكي المصانع بتنفيذها؛ كونها تُعتبر سلعةً لا تقل عن السلع الغذائية، موضحاً أن المصانعَ تبيع البلك بأسعار مضاعفة للمستهلك؛ وذلك لعدم وجود رقابة.
وتعهّد رئيسُ هيئة المساحة والثروات المعدنية بأن يكون لقطاع المعادن والصخور والأحجار الكريمة وأحجار الزينة دوراً هامًّا في رفد خزينة الدولة العامة، وسيكون هذا القطاعُ بديلاً عن الموارد الأُخرى، بعد أن ظلَّ المواطنُ اليمنيُّ محروماً من تلك العائدات والفوائد طيلةَ عقودٍ بالرغم مما تمتلكه البلادُ من مقومات طبيعية وجبال ومعادن نادرة لا توجد في أيِّ بلدٍ آخرَ.
كسارات مخالفة لقانون المناجم والمحاجر:
وكانت هيئةُ المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية، قد أغلقت منتصفَ الشهر المنصرم نوفمبر 11 كسارةً لإنتاج الكري، في منطقة ضلاع همدان محافظة صنعاء ومحيطها، تعمل بالمخالفة لقانون المناجم والمحاجر.
وأوضح بيانٌ صادِرٌ عن الهيئة أن لجنةَ الضبط القضائية المعنية بالرقابة على المناجم والمحاجر بالهيئة، قامت بإغلاق 11 محجراً في محافظة صنعاء يتم استغلالُها لإنتاج الكري “الكسارات”، والتي وجدت اللجنةُ أنها تعملُ منذُ عقود بالمخالفة لقانون المناجم والمحاجر رقم 22، وما سبقه من قوانين ولوائح منظّمة لهذا القطاع.
وأشَارَ البيانُ إلى أن هذه الكسارات تعملُ بدون تراخيص وغير ملتزمة بالاشتراطات البيئية التي تمثل حجر الأَسَاس لبدء أيِّ عملٍ في نشاط المحاجر.
ولفت إلى أن اللجنةَ الفنية الخَاصَّة بتقييم الأثر البيئي، وجدت أن هذه الكسارات تسبّبت في آثار بيئية مدمّرة ليس على المناخ فقط، بل على صحة الإنسان والحيوان وكذا التربة والزراعة والمياه في مناطق تواجدها.
وذكر البيانُ أن عمليةَ الإغلاق هذه تأتي في إطار قيام هيئة المساحة بدورها القانوني والذي حرص الكثيرون للأسف طوالَ العقود الماضية على منع تنفيذه، وكذا في إطار توجّـه الهيئة لتنفيذ خطتها الخَاصَّة بتنظيم قطاع استغلال الثروات المعدنية الاستغلال الأمثل، بما يؤدي إلى تنميةٍ اقتصاديةٍ ومجتمعية حقيقية تحافظُ على ثروات البلاد وتأخذ في اعتبارها المحدّدَ الأَسَاسيَّ المتمثّل في السلامة البيئية، منوّهاً بأن عمليةَ الإغلاق تمَّت بالتنسيق مع محافظة صنعاء والجهات الأمنية المختصة.